جهة سوس ماسة.. تحديث المخطط الجهوي لمكافحة الاحتباس الحراري وإنشاء نظام جهوي للقياس والتحقق

انعقد بولاية أكادير، مؤخرا، ملتقى تشاوري موسع مع مختلف المؤسسات والهيئات لتحديث المخطط الجهوي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري لجهة سوس ماسة، وهو مشروع مبادرة “شفافية العمل المناخي” الذي يدعمه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وإنشاء نظام جهوي فعال للقياس والإبلاغ والتحقق (MRV) وكذا تطوير خطة التكيف مع تغير المناخ لمنطقة سوس ماسة، والذي يدعمبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويموله الصندوق الأخضر للمناخ.
وتفاعل المشاركون مع فحوى الخطوط العامة والخاصة للمشروعين اللذين أثبتا أنهما ضرورة استراتيجية ملحة، يستوجبان التحيين والأجرأة وفق المستجدات والتطورات الوطنية والدولية. وتشكل هذه المشاريع جزءا من نهج شامل ومتكامل، يجمع بين الخبرة العلمية والالتزام العملي للقطاعات المعنية على المستوى الجهوي، بهدف تهيئة المنطقة بشكل أفضل في سياق الجهود الرامية إلى مكافحة تغير المناخ والتدبير الاستباقي والمستدام لآثار تغير المناخ، والملاءمة اللازمة مع جداول الأعمال العالمية، ومع الخطة الوطنية للمناخ (2020-2030)، وبناء رؤية مشتركة للتخطيط الجهوي للتكيف مع تغير المناخ، من خلال تقييم دقيق لجوانب الهشاشة في المنطقة، وإنشاء خرائط تسمح بتحليل التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الحالية والمستقبلية، وتحديد التقلبات والمخاطر المناخية وقابلية التأثر في القطاعات الحساسة، من خلال تطوير سلاسل التأثير لفهم علاقات السبب والنتيجة، ثم تحديد وتشخيص وترتيب أولويات تدابير التكيف على المستوى الجهوي، وفق الأهداف والموارد والحوكمة.
تقع منطقة سوس ماسة، في صلب وضع مناخي معقد، يتميز بمناخ جاف عموما، ومتأثر بالمحيط والصحراء، يعاني بدوره من ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات في توزيع هطول الأمطار، وزيادة في الظواهر الجوية المتطرفة. ويواجه القطاع الزراعي، وهو ركيزة اقتصادية رئيسية في المنطقة، تحديات متزايدة بسبب التغيرات في أنماط هطول الأمطار، مما يؤثر على توفر المياه وخصوبة التربة. وتواجه المناطق الساحلية، البالغة الأهمية في مجال السياحة المتنامي، مخاطر التعرية والفيضانات بسبب تغير المناخ. ولمواجهة هذه الإشكالية بات تحديث الخطة الجهوية لمكافحة الاحتباس الحراري (PTRC)، التي تم إنشاؤها في عام 2018. ومع المساهمة المحددة في تقليص الانبعاثات الغازية على المستوى الوطني في إطار اتفاقية باريس التي تم تحديثها في سنة 2021، اتضح أنها ضرورة استراتيجية. والتوافق بين هذه المستويات من التخطيط ضروري للتنسيق على مختلف المستويات، مما يتيح المزيد من الفعالية في تنفيذ السياسات المناخية الرامية إلى التخفيف والتكيف على مستوى منطقة سوس ماسة. وتشجع هذه المقاربة أيضا على تعبئة الموارد لمواجهة التحديات المناخية على الصعيد المحلي.
ويستند تنفيذ أي سياسة مناخية إلى وسائل التنفيذ الثلاث التي استحدثتها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي التمويل، وبناء القدرات، ونقل التكنولوجيا. ومع ذلك، لا يزال التمويل المتعلق بالمناخ يمثل تحديا لعدة بلدان تتطلب رقابة جيدة على إجراءات الشفافية، وتوافر المهارات التقنية والبشرية.
واستفادت جهة سوس ماسة من الدعم الأول (المرحلة الأولى: 2019-2021) من “مبادرة الشفافية في العمل المناخي” (ICAT)، والتي سمحت للمنطقة باعتماد نظام شفاف جهوي لقطاعين رئيسيين، وهما الطاقة والزراعة، مع آلية تنفيذ مدعومة بترتيبات مؤسسية.  وبناء على هذه التجربة الناجحة، تعتزم مبادرة الشفافية في العمل المناخي(ICAT)، إعادة وضع منطقة سوس ماسة في ديناميكيات المناخ الدولية والوطنية من خلال دعمها عبر تحديث المرحلة الثانية من المخطط الجهوي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويركز هذا المشروع، الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويموله إطار التعاون العالمي، على وضع خطة عمل إقليمية للتكيف مع تغير المناخ في منطقة سوس ماسة. واستنادا إلى تحديث الوثائق القائمة، وإجراء تقييم شامل لقابلية التأثر، وتحديد أولويات تدابير التكيف، يتمثل الهدف النهائي في دعم التمويل المستدام للتكيف على الصعيد الجهوي.
ويهدف المشروع إلى بناء رؤية مشتركة للتخطيط الجهوي للتكيف مع تغير المناخ. والهدف من ذلك هو تقييم مستوى قابلية التأثر بتغير المناخ في المنطقة، عن طريق تحليل الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية الحالية والمستقبلية، مع تحديد المخاطر المناخية وقابلية التأثر في القطاعات الحساسة من خلال تطوير سلاسل التأثير لفهم العلاقة بين السبب والنتيجة.
ويتطلع المشروع إلى تحديد أولويات تدابير التكيف على الصعيد الإقليمي، مع بيان تفاصيل الأهداف والموارد والحوكمة المرتبطة بها. مع مراعاة التدابير المصاحبة مثل الإجراءات المؤسسية، ومبادرات الاتصال والتوعية، وبناء قدرات الجهات الفاعلة، وتحسين إدارة المعارف، والبحث والتطوير. وبالتآزر مع مبادرة الشفافية في العمل المناخي (ICAT)، سيسهم هذا المشروع أيضا في تحديث فصل «التكيف» من الخطة الجهوية لمكافحة الاحترار العالمي في منطقة سوس ماسة. وبالإضافة إلى ذلك، سيقترح المشروع مؤشرات محددة لرصد وتقييم تنفيذ مشاريع التكيف ذات الأولوية. كما يتوخى المشروع تصميم مجموعة إرشادية من مشاريع التكيف من خلال مذكرات مفاهيمية، مصحوبة بدراسات جدوى مسبقة، من أجل الاستفادة المثلى من خيارات التكيف من أجل التمويل المستدام.
إن تنفيذ هاذين المشروعين الرئيسيين اللذين سيؤثران على المشهد البيئي والاقتصادي لمنطقة سوس ماسة، لا يمكن أن يكون حاسما إلا من خلال مقاربة تشاركية. وعليه، يعتزم الجمع بين القطاعات المعنية بعنصر التخفيف (القطاعات المسببة لانبعاثات غازات الدفيئة) وعنصر التكيف (القطاعات المعرضة لتغير المناخ)، وذلك بالاشتراك مع التشييد المشترك والنظام الجهوي للرصد والتحقق والإبلاغ .
ومنح الملتقى فرصة لتبادل الرؤى والتصورات حول المشروعين، ومنهجية التنفيذ، وتبادل البيانات حول الاحتياجات. وشكل خطوة أساسية نحو بناء فهم مشترك وتعاون مثمر بين جميع أصحاب المصلحة المعنيين. وإيجاد حيز تعاوني يمكن فيه لأصحاب المصلحة الرئيسيين المشاركة بطريقة مستنيرة وبناءة في العملية الأولية لهذه المشاريع.
وقال الكاتب العام للشؤون الجهوية بولاية سوس ماسة عبد النبي العالمي أن الإصلاحات الهيكلية التي شهدها المغرب، فتحت الطريق أمام فترة طويلة من النمو الاقتصادي والحد من الفقر والفوارق الاجتماعية والترابية، وبناء نموذج لمجتمع يتمحور حول رأس المال البشري. ويتضمن التفكير الذي أرشد إلى تطوير نموذج التنمية الجديد، تسريع الإصلاحات التي من شأنها أن تسمح للمملكة بالاستفادة الكاملة من الإمكانات التي توفرها لها ثرواتها المتعددة. وعلى هذا المستوى، تجري مشاريع كبرى لتحقيق إرادة جلالة الملك ورؤيته المستنيرة وتأكيد تحرير كافة الطاقات. ويمكن الاستشهاد بعملية الجهوية المتقدمة وعملية تعميم الحماية الاجتماعية.
وأضاف أنه إدراكا للحاجة إلى نقلة نوعية، مع إطلاق برنامج الأولوية 2027 بتمويل يقدر بـ140 مليار درهم، قدم المغرب مخططا طموحا للاستثمار في مجال المياه للفترة ( 2020-2050)، والمخطط الوطني للسياسة المائية (PNE)، وفق هدف رئيسي ينشد ضمان التوازن المستدام بين العرض والطلب. ويتماشى عمل السلطات العمومية على مستوى الولاية الترابية لجهة سوس ماسة مع هذه التوجهات من خلال التنوع الترابي للاستراتيجيات القطاعية، ومخطط غابات المغرب. وتطوير المخطط الرئيسي للتنمية المندمجة للمياه. وخطة التنمية الجهوية بحلول عام 2046. وتعد الفيضانات من أكثر الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ شيوعا في المغرب، وبالتالي تشكل تهديدا للتنمية. فهي تسبب خسائر مباشرة تقدر بنحو 450 مليون دولار سنويا في المتوسط وتؤثر بشكل غير متناسب على الأسر الضعيفة، كما يقول العالمي.

مواجهة تغير المناخ.. تحدي يتطلب نهجا تشاركيا

وفي مواجهة هذه التهديدات، قام المغرب بإحداث نظام لإدارة مخاطر الكوارث (GRC)، يعتمد على آليات مبتكرة، لا سيما صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية (FLCN)، الذي تحول إلى آلية تشارك في تمويل الحد من مخاطر الكوارث والاستثمارات في مجال التأهب على المستوى المحلي. كما تم إنشاء نظام تأمين مختلط ضد المخاطر الكارثية والذي يشمل شركات التأمين الخاصة وصندوق التضامن ضد الأحداث الكارثية، كما أن التخطيط الترابي الذي يراعي المناخ لا يتألف ببساطة من دمج المفاهيم البيئية في المشاريع، بل هو مسألة إصلاح عالمي. إن القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ أمر حتمي يجب توقعه بطريقة شاملة. و”يتعين علينا أن نتشاور ونشرك جميع المعنيين، من عامة الناس إلى الخبراء العلميين، لضمان أن كل قرار يعكس احتياجات وتطلعات الجميع. إنه تحد يتطلب اتباع نهج تعاوني، حيث يؤدي تنوع وجهات النظر إلى إثراء فهمنا المشترك. وبالإضافة إلى الملاءمة اللازمة مع جداول الأعمال العالمية، وتحديدا اتفاق باريس وأهداف التنمية المستدامة، فإن تحديث المخطط الترابي لمواجهة الاحترار المناخي(PTRC)  ضرورة لملاءمتها مع الخطة الوطنية للمناخ (2020-2030) ومع تطلعات التنمية الإقليمية الجديدة الخطة (2022- 2027) “.


وأضاف العالمي أن هذا العمل سيعتمد على تقييم متعمق لجوانب الضعف تجاه تغير المناخ في المنطقة، من خلال إنشاء خرائط تسمح بتحليل التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الحالية والمستقبلية، مع تحديد والمخاطر المناخية وقابلية التأثر في القطاعات الحساسة، من خلال تطوير سلاسل التأثير لفهم علاقات السبب والنتيجة. وينطوي ذلك على تحديد وترتيب أولويات تدابير التكيف على المستوى الإقليمي، مع تفصيل الأهداف والموارد والحوكمة المرتبطة بها. وسيتم تحديد مجموعة موحدة من المشاريع القطاعية ذات الأولوية للتكيف مع تغير المناخ، مع الأخذ في الاعتبار التدابير المصاحبة مثل الإجراءات المؤسسية، ومبادرات الاتصال والتوعية، وبناء قدرات الجهات الفاعلة الإقليمية، وتحسين إدارة المعرفة، وإجراءات البحث والتطوير.
“قد حان الوقت للتحرك على مستوى أراضينا من خلال تنفيذ المشروعين اللذين أثبتا أنهما ضرورة استراتيجية وهما تحديث الخطة الإقليمية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري (PTRC)، التي تم وضعها في عام 2018، لمواءمتها مع المساهمة المحددة وطنيا في إطار اتفاق باريس المحدث في عام 2021، وتطوير خطة التكيف والتنمية القادرة على التكيف مع تغير المناخ (PADCR) لمنطقة سوس ماسة. وتشكل هذه المشاريع جزءا من نهج شامل ومتكامل، يجمع بين الخبرة العلمية والالتزام العملي لأصحاب المصلحة الإقليميين، بهدف تجهيز المنطقة بشكل أفضل في هذه الجهود الرامية إلى مكافحة تغير المناخ والإدارة الاستباقية والمستدامة لآثار تغير المناخ. ويعد التوافق بين مستويات التخطيط هذه ضروريا لضمان التنسيق على مختلف المستويات، مما يسمح بزيادة الكفاءة في تنفيذ السياسات المناخية الرامية إلى التخفيف والقدرة على الصمود على مستوى جهة سوس ماسة. ويعزز هذا النهج أيضا تعبئة الموارد لمواجهة التحديات المناخية على المستوى المحلي”.
ومن جهتها ذكرت نائبة الرئيس المكلفة بالبيئة حنان العامري ببرنامج التنمية الجهوية 2022-2027 الذي خصص دعامة خاصة بالتنمية البيئية، حيث انخرطت جهة سوس ماسة مبكرا في أجندة المناخ، وشكلت عنصرا حيويا في مسلسل الدينامية الدولية والوطنية من خلال مشاريع ومبادرات تجلت في عقدة الفرشة مند سنة 2006، بانخراط جميع الفاعلين، والتي تعتبر الأولى من نوعها على الصعيد الوطني، وتأسيس جمعية “أكروتيك” المواكبة للفلاحين وتشجيع البحث العلمي في مجال الاقتصاد في مياه السقين، ثم إنجاز الصيغة الأولى من المخطط الترابي لمحاربة الاحترار المناخي. ومباشرة تفعيل بعض مخرجاته والمتمثلة في إبرام عدة اتفاقية شراكة مع وزارة الداخلية عبر صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية وشركاء آخرين من أجل انجاز مشاريع الحماية من خطر الفيضانات بكلفة اجمالية قدرت بـ682 مليون درهم، حيث ساهمت الجهة بما قدره 129.6 مليون درهم. وتم وضع منظومة تقييم التوقعات الجوية وتتبع الإنذارات المبكرة عبر اقتناء 46 محطة أوتوماتيكية لتغطية تراب الجهة في إطار اتفاقية شراكة بين المديرة العامة للأرصاد الجوية وجهة سوس ماسة بكلفة اجمالية بلغت 4.5 مليون درهم وبمساهمة من الجهة بـ3 ملايين درهم، فضلا عن عدة اتفاقيات همت التطهير السائل في البرنامج الوطني لتطهير السائل المندمج وإعادة استعمال المياه العادمة بكلفة إجمالية بلغت 3.275 مليار درهم وبمساهمة الجهة تقدر 670 مليون درهم. وساهمت الجهة  في بناء سدود صغرى وبحيرات تلية بالجهة، كما أعدت مخططا لتدبير النفايات الصناعية الطبية والصيدلية غير الخطرة والنفايات النهائية الفلاحية والهامدة في إطار اتفاقية شراكة بين وزارة الداخلية ووزارة الانتقال الطاقي وولاية جهة سوس ماسة.

تدبير مخاطر الكوارث

وقالت فاطمة الزهراء بوطيب إن الفيضانات تعد من أكثر الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ شيوعا في المغرب، وبالتالي تشكل تهديدا للتنمية. فهي تسبب خسائر مباشرة تقدر في المتوسط بنحو 450 مليون دولار سنويا. وتؤثر بشكل غير متناسب على الأسر الضعيفة. ويشكل ارتفاع مستوى سطح البحر عامل ضغط آخر طويل المدى، خاصة في المناطق المنخفضة، حيث تساهم هذه الظاهرة في تفاقم مخاطر الفيضانات، تضيف بوطيب.
وفي مواجهة هذه التهديدات، أشارت المتحدثة إلى أن المغرب قام بتطوير نظام لتدبير مخاطر الكوارث (GRC)، يعتمد على آليات مبتكرة، لا سيما صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية (FLCN)، الذي تحول إلى آلية تشارك في تمويل الحد من مخاطر الكوارث والاستثمارات في مجال التأهب على المستوى المحلي. كما عززت المرونة المالية للبلاد في مواجهة هذه المخاطر من خلال إنشاء نظام تأمين مختلط ضد المخاطر الكارثية والذي يشمل شركات التأمين الخاصة وصندوق التضامن ضد الأحداث الكارثية(FSEC) . ومع ذلك، فإن الحماية التي توفرها هذه الآليات حاليا لا تزال غير كافية وينبغي دمجها مع الاستثمارات غير الهيكلية، مثل أنظمة الإنذار المبكر، والحلول القائمة على الطبيعة، والمعرفة والوعي بالمخاطر والمناخ، مع تعزيز التنسيق بين القطاعات والأقاليم.
وتحدثت خديجة سامي مديرة قطاع البيئة والتنمية المستدامة بأكادير عن سياق الملتقى ومراميه مذكرة بمساهمة المغرب المنخفضة في انبعاثات غازات الدفيئة، وانخراطه في مسار إزالة الكربون، انطلاقا من التوجهات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي تهدف إلى ضمان التحول الأخضر والشامل بحلول عام 2030، مشيرة إلى خطة المغرب المناخية التي تحدد التوجهات الرئيسية لنجاح جهود التكيف للقطاعات الهشة. وأوضحت أن جانب التخفيف المخطط الجهوي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري لجهة سوس ماسة ونظام الجهوي للتحقق والقياس والإبلاغ قد مكن من تعزيز قدرات الجهات الفاعلة الجهوية والمحلية لتمكينها من تنفيذ وتحديث وتحسين عمليات مراقبة غازات الدفيئة في قطاعي الطاقة والزراعة.
وقالت سامي إن الورشة تهدف إلى استمرارية الديناميات الجهوية التي تدعمها التزام الجهات الفاعلة المحلية والوطنية والدولية، إلى زيادة الفوائد اللازمة لخلق تأثير حقيقي على السكان والاقتصاد والأنظمة الإيكولوجية في منطقة سوس ماسة. ودعت إلى العمل سويا بمقاربة مشتركة لزيادة التآزر والتكامل، “من أجل مصلحة منطقتنا وبلدنا وبلدنا من الأجيال القادمة”.
واستعرض منير تمام المكلف بالدراسة إطار وأهداف الدراسة التي تقوم بإجراء تقييم شامل لمدى تأثر منطقة سوس – ماسة بآثار تغير المناخ مع وضع خطة للتكيف مع تغير المناخ والتنمية في المنطقة. وينطوي ذلك على تقييم مبكر وشامل للمخاطر والمخاطر والآثار المتوقعة لتغير المناخ على المدى القصير والمتوسط والطويل في المنطقة، في أفق مساعدة الجهات الفاعلة المحلية على توقع التحديات الرئيسية للتكيف مع تغير المناخ.
وتناول تمام ملامح وضع رؤية للتخطيط الجهوي للتكيف مع تغير المناخ، وتقييم المخاطر والهشاشة في منطقة سوس ماسة وكذا القطاعات الرئيسية في المنطقة، وإنشاء سلاسل المؤثرات من خلال الآثار المحتملة للأخطار المناخية، وعلاقات الأسباب والنتائج التي تحدد قابلية التأثر على الصعيد الجهوي، ثم وضع مجموعة مشاريع قطاعية ذات أولوية للتكيف مع تغير المناخ على الصعيد الجهوي. وكذا تحديد التدابير المصاحبة للتنفيذ  مع مؤشرات الرصد والتقييم ودراسات الجدوى الأولية ووضع مذكرة مفاهيمية للصندوق الأخضر للمناخ الجهة المانحة.
وتناول منير تمام مختلف المهام لإنجاز الدراسة عبر تشخيص المخاطر وحالة الهشاشة في منطقة سوس – ماسة وإنشاء نظام للرصد والتقييم وصياغة تقرير حول الموارد المائية حيث تشهد المنطقة عجز كبير من حيث طبقات المياه الجوفية، والزحف البحري على الساحل وزيادة خطر الفيضانات، وإشكالات قطاع الزراعة والصيد وزيادة تآكل السواحل، وتفشي العديد من مصادر التلوث ووضعية الغابات والتنوع البيولوجي ومجال البنايات التعمير وذلك وفق أجندة زمنية محددة.

الحد من الانبعاثات والهشاشة المجالية

وتناول عبد الحميد فانزي مكلف بجانب من الدراسة  المخطط الترابي لمحاربة الاحترار المناخي لسوس ماسة أهمية المخطط الذي يعد أداة جديدة لتخطيط وأجرأة الحكامة البيئية المجالية، وقد تم وضعه بمبادرة من جهة سوس ماسة وكتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة وبدعم فعلي من مشروع الحكامة البيئية والمناخية للوكالة الألمانية للتعاون الدولي.
ويندرج هذا المخطط في خضم التنزيل المجالي للسياسات والاستراتيجيات الوطنية المرتبطة بالتغير المناخي والتنمية المستدامة، كما يعكس إرادة الأطراف المعنية للإسهام في بلوغ الأهداف المعلنة في إطار المساهمة المحددة وطنيا والهدف العالمي الثالث عشر للتنمية المستدامة على صعيد تراب الجهة.
وبين فانزي أن الشق المنهجي ارتكز في الحساب التحليلي لانبعاثات غازات الدفيئة على المعايير المعتمدة من طرف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، كما انبنى تحليل الهشاشة والحساسية المجالية الناجمة عن التغير المناخي على توجيهات التقرير التقييمي الرابع للهيئة المذكورة، حيث تم تقسيم نطاق الدراسة إلى وحدات مجالية متجانسة الساحل وسهل سوس ماسة، والأطلس الكبير الغربي والأطلس الصغير، والمنطقة شبه الصحراوية. وخلص التشخيص المجالي لمحاربة الاحترار المناخي، في مرحلته الأولى، إلى أنه برسم سنة 2013 أنتجت جهة سوس ماسة كمية إجمالية صافية من غازات الدفيئة (ثاني أوكسيد الكربون والميتان وثاني أوكسيد الأزوت) وبلغت 4.146.5 جيغا غرام من انبعاثات مكافئات ثاني أوكسيد الكربون، بواقع 1.5 طن لكل فرد من انبعاثات مكافئات ثاني أوكسيد الكربون. كما أظهر هذا التشخيص هشاشة متقدمة على صعيد الجهة تتجلى في بروز آثار للتغير المناخي على أرض الواقع تتهدد مجموع القطاعات التي شملتها الدراسة، بما فيها على وجه التحديد الموارد المائية والأنشطة الفلاحية. لذا، ومن أجل الحد بشكل فاعل من الأخطار المترتبة عن التغير المناخي على مستوى الجهة، تمت ضمن ورشات موضوعاتية صياغة وتصنيف مجموعة من التدابير التي تشمل مجالي التخفيف والتكيف مع التغير المناخي.
ومن حيث مجال التخفيف  قال فانزي أن المشاريع المقترحة تطمح إلى تخفيض الإنبعاثات من غازات الدفيئة بنسبة تصل إلى 75 في المائة أي ما يعادل 3.100 جيغا غرام من انبعاثات مكافئات ثاني أوكسيد الكربون في أفق 2030. أما فيما يتعلق بمجال التكيف، فتروم المشاريع المقترحة إلى تعزيز مرونة المجال الترابي للجهة، بما فيها القطاعات الهشة، وحماية ما يناهز 60 في المائة من ساكنة الجهة من مخاطر الفيضانات.
وأعلن جلال معطى عن برنامج الأمم المحتدة الإنمائي عن إطلاق مشروع دعم أسس التخطيط والتمويل المستدامين للتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ بجهة سوس ماسة . ويهدف هذا المشروع، الذي يموله الصندوق الأخضر للمناخ على مدى ثلاث سنوات، إلى تعزيز نظم المعلومات الجهوية المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، وتحديد أوجه المخاطر والهشاشة المناخية، وتصميم مشاريع قابلة للتمويل وتشجيع الاستثمار الخاص في التكيف مع تغير المناخ. وأشار المعطى إلى مرامي المشروع الذي ينشد إنشاء بنية تحتية تشمل أدوات تقنية ومؤسسية وتنظيمية. وستخصص لجمع البيانات والمعلومات، مما يتيح إجراء تقييم مستمر لقابلية التأثر وتحديد تدابير التكيف ذات الأولوية. أما نتائج المشروع المستهدفة فهي تروم أساسا تعزيز الإطار المؤسساتي لتخطيط التكيف وتعزيز الوعي على الصعيدين الوطني والجهوي، ثم دعم المخططات الجهوية للتكيف الجهوية في خمس مناطق رائدة وإدماج التكيف في برنامج التنمية الجهوي وإعداد التراب بكل من جهات سوس -ماسة، ودرعة- تافيلالت، والشرق، وبني ملال- خنيفرة، مراكش – آسفي. ويرنو تعزيز أسس تمويل التكيف المستدام.
وشهد الملتقى مناقشات مستفيضة همت مختلف الجوانب التي تميز جهة سوس ماسة مع مقترحات تم أخذها بعين الاعتبار في المساعي التطبيقية لمشاريع التكيف ومواجهة آثار تغير المناخ.
 
< محمد التفراوتي

Top