الحكومة تلوح بالزيادة في سعر الماء عوض استهداف المبذرين الحقيقيين

تستعد الحكومة لتوجيه ضربة موجعة جديدة للقدرة الشرائية للمغاربة التي لم تعد تحتمل. فقد أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أول أمس الثلاثاء بالرباط، أن ضمان استدامة النجاعة المالية للسياسة المائية يتطلب، بالأساس، تعديل تعريفة الماء، وذلك بهدف تأمين التمويل المستدام لتدبير الموارد المائية.
هكذا اختارت السيدة الوزيرة، في عرض تحت عنوان “المغرب في مواجهة الإجهاد المائي: الرهانات السوسيو- اقتصادية والتوجهات الاستراتيجية”، قدمته خلال الندوة الافتتاحية لسلسلة الندوات الوزارية التي تنظمها المدرسة الوطنية العليا للإدارة، الدوس على ما تبقى من ميزانية الأسر المقهورة كحل لتدبير الموارد المائية الطبيعية التي أنهكها مخطط المغرب الأخضر، قبل أن تقترح الاستنجاد بالقطاع الخاص لتمويل الاستثمارات في قطاع الماء، وذلك في إطار شراكات مع القطاع العام.
الحل السهل الذي قدمته نادية فتاح لمواجهة التحديات الناجمة عن ندرة المياه التي لازالت جهات معروفة تتسبب فيه، يقتصر على تعزيز تدبير الطلب، وكأن قاموس الحكامة يخلو من تدابير أخرى، مضيفة، في إشارة إلى دنو تطبيق الزيادات في سعر الماء، أن حملات تحسيسية للتوعية بندرة المياه سيتم الشروع في إشاعتها في صفوف كافة المستهلكين.
والواقع أن السيدة الوزيرة لم تأت بجديد سوى بعث رسالة إنذار بدنو الأجل المحتوم الذي سبق أن أكد عليها زميلها فوزي لقجع حين تبريره لإقحام زيادة في الضريبة على القيمة المضافة في فواتير الماء والكهرباء، وذلك ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2024.
وللدفاع عن نفسه أمام انتقادات النواب، اعتبر لقجع أن الإجراء لن يضر القدرة الشرائية للمواطنين في شيء، لأن الزيادة لن تتعدى دريهمات قليلة من جيوب المستهلكين الذين لا يتجاوز استهلاكهم الشطر الأول، وسيتحمل الباقون ارتفاعا لم يحدد قيمته الحقيقة.
إن الحلول السهلة للحكومة، لن تزيد الأزمة إلا استفحالا. فالتبذير، وكما بات يعلم الجميع، يكمن في مواطن أخرى.
فالمغرب يتوفر على العديد من الآبار المستغلة بشكل عشوائي علما أنها ملك مائي، ويفترض أن يتم إقفالها، بينما ينبغي وضع العدادات بالآبار القانونية، والتحقق من تأدية فواتير المياه.
والمغرب يسمح لفلاحين كبار يعدون على رؤوس الأصابع بنهب الماء علانية من أجل ضخ الحياة في استغلاليات فلاحية شاسعة متخصصة في تصدير منتجات فلاحية، رفضت دول أخرى ّإنتاجها، لأنها تتطلب كميات ضخمة من المياه. وقد كان الأجدى أن تخصص هذه الاستغلاليات لفلاحة معيشية تضمن الأمن الغذائي للمغاربة.
والمغرب يضم أيضا عددا كبيرا من المخالفين للقانون في قطاعات الصناعة يظلون خارج إطار مراقبة عداداتهم إن كانوا يتوفرون عليها أصلا.
إن الماء يندرج ضمن الأمن القومي للدولة، لأنه المصدر الأساسي للعيش، والضامن الرئيسي للخدمات الاقتصادية والاجتماعية للدولة. وهو ما لا تستوعبه الحكومة، وبالتالي تراها تبحث عما تبقى من دريهمات في جيوب الأسر المغربية وستبق ذلك بما تسميه حملات توعوية مكثفة.

مصطفى السالكي

Top