وداعا فرنسا.. مرحبا بلجيكا

لم يعد هناك من شك، في أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، اختارت توجها مغايرا، لما سارت عليه الأمور منذ عدة عقود، وذلك باختيار التجربة البلجيكية، وعدم الاستمرار في الاعتماد على المدرسة الفرنسية، تكوينا وتأطيرا.

وتأكد هذا التوجه، من خلال التعاقدات الأخيرة التي أقدمت عليها إدارة الجامعة،  كان آخرها تعيين بلجيكي على رأس الإدارة التقنية الوطنية، ويتعلق الأمر بكريس فان بوي فيلد.

من المفروض أن تكون الجامعة، قد فكرت طويلا قبل الإعلان عن هذا الاختيار، على اعتبار أن منصب المدير التقني ليس منصبا ثانويا، تفاديا لتكرار تجربة لم يكتب لها النجاح مع الويلزي أوشن، لأسباب لا ترتبط فقط بكفاءة الرجل…

المعروف أن بوي فيلد يتمتع بتجربة مهمة، فآخر تعامل له كان مع الاتحاد الصيني لكرة القدم، وقبل ذلك سبق أن تحمل مسؤولية الإدارة التقنية بالاتحاد البلجيكي، تجربة يعتبرها المتتبعون “ناجحة”، خاصة بعد وصول المنتخب البلجيكي لنصف نهاية كأس العالم بروسيا سنة 2018، وكان هو المسؤول الأول عن الكرة البلجيكية ما بين 2015 و2018.

إلى جانب المنتخب البلجيكي، لدى المدير التقني الجديد، تجارب محدودة على مستوى الأندية، وأغلبها كانت كمدرب مساعد.

وقبل التعاقد مع بوي فيلد، سبق للجامعة أن جلبت الإطار المغربي الأصل البلجيكي الجنسية، موسى الحبشي بصفته واحدا من جنود الخفاء ومخططي النجاح الكبير لمنتخب بلجيكا خلال مونديال 2018، حين احتل “الشياطين الحمر” المركز الثالث، وكان الإطار المغربي الرجل الثالث في هذا الإنجاز التاريخي.

يملك الحبشي باعا كبيرا في كرة القدم، إذ سبق له أن اشتغل كمدرب للشباب في نادي أندرلخت البلجيكي، وناديي بيرمينغهام وأستون فيلا الإنجليزيين وجنك البلجيكي، قبل أن يتخصص في تحليل الفيديوهات، مع نادي بروكسل ونادي الشباب السعودي، إضافة إلى تجربة مع نادي الزمالك المصري، إلى جانب المدرب الاسكتلندي أليكس ماكليش.

بعد الحبشي، تم إقناع المدرب محمد وهبي، بأهمية العمل داخل الإدارة التقنية الوطنية، حيث كلف بالإشراف على تدريب المنتخب الوطني لأقل من 18 سنة، والذي فاز معه بالميدالية النحاسية بدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران، وبعدها قاد منتخب أقل من 20 سنة، وأقصي معه أول أمس الأحد، ضد منتخب مصر بالبطولة العربية لهذه الفئة المقامة حاليا بالسعودية.

لم يكن اختيار وهبي اعتباطيا، فهو يتوفر على خبرة تفوق 17 سنة بالديار البلجيكية، وبالتحديد ضمن صفوف أندرلخت، حيث كان يشغل منصب مسؤول عن التكوين والتنقيب عن المواهب الكروية، كما يعد من  أفضل الأطر المغربية بالديار الأوروبية، حائز  على شهادة تدريب “ألف برو” من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى مساهمته بشكل كبير، في تكوين العديد من اللاعبين داخل النادي البلجيكي الذي أمضى فيه جل سنوات مسيرته المهنية.

إذن تهدف الجامعة المغربية إلى الاستفادة من تجربة بلجيكا في التكوين وإنجاب المواهب، عن طريق غرس نهج علمي في أكاديميات كرة القدم، وتغيير الهدف الأساسي في منهجية الأكاديميات من الإصرار على الفوز بالمباريات، إلى تنشئة اللاعبين الشباب بشكل فعال، وتفريخ المواهب من مختلف الأعمار.

ولأجل ترسيخ هذا التغيير العميق، لابد وأن يشمل بالضرورة الأندية التي تعاني أصلا من خلل مزمن في التكوين، ولابد بالتالي من توحيد منهجية العمل، وضرورة إرساء قواعد تدبير وتخطيط وتاطير متجانس ضمن تصور شامل، يضع الممارسة الكروية، في إطار منهجية يؤمن بها كل المتداخلين، ويعملون بصدق من أجل بلورتها على أرض الواقع…

فهل تم الاقتناع أخيرا أن استمرار الاعتماد على كل ما يأتي من فرنسا، خيار جعلنا متخلفين في الكثير من المجالات، وكرة القدم في مقدمتها.

محمد الروحلي

Top