اغتيال شيرين أبو عاقلة

أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس على اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، مراسلة شبكة «الجزيرة» بفلسطين، وهزت الجريمة العالم كله، واستنكرها كل الصحفيين عبر العالم، واعتبرت استهدافا عن إصرار لصوت إعلامي مهني وحاضر في الميدان خلال سنين عديدة.
لقد بقيت الصحفية شيرين وجها تلفزيونا مألوفًا لدى ملايين المشاهدين الذين تابعوا تغطياتها الميدانية من داخل فلسطين، وكانت تلفت الانتباه دائما بجديتها ورزانتها، وأيضا شجاعتها المهنية ومقدراتها الصحفية والتعبيرية، فضلا على أن ظهورها على الشاشة كان دائما مرادفا للثقة والاطمئنان، ويجذب نظر المتابعين لأخبار فلسطين.
الصحفية شيرين أبو عاقلة اغتيلت بالرصاص وهي تمارس عملها المهني الميداني، كما أنها كانت ترتدي سترتها واضحة الإشارة على كونها صحفية، وسقطت أمام أعين الجميع، ومس الاعتداء كذلك زميلها علي الصمودي، وبذلك اغتال الاحتلال الإسرائيلي صوتا إعلاميا آخر في فلسطين، عاش دائما مخلصا لمهنته ووفيا لقواعدها، وملتصقا بقضية شعبه وأخبار المأساة الفلسطينية.
وكما لو أن عسكر إسرائيل لم يكتف بقتل شيرين، فهو لم يتردد، بعد ذلك، في اقتحام منزلها في القدس، وتفريق المحتجين في محيطه، وكأنه يريد مصادرة مظاهر الحزن على رحيلها المفجع، وطمس الجريمة.
كانت شيرين أبو عاقلة تصر على التواجد الميداني المستمر لتغطية مختلف الأحداث المتصلة بواقع الاحتلال ومعاناة الشعب الفلسطيني، وتابعها الجمهور في مناطق فلسطينية متعددة، وتميزت ضمن فريق مكتب شبكة «الجزيرة»، إلى جانب جيفارا البديري والإعلامي القدير وليد العمري وآخرين، ويشهد لها الكل بالمهنية العالية وجاذبية الحضور والتعبير.
هذه المرة، وكما المرات الأخرى، كانت شيرين ترتدي الخودة الواقية وسترة الصحفيين، ولم تكن وسط عملية إطلاق نار بشكل مباشر، ولكنها، مع صحفيين آخرين، كانوا في تموقع واضح، وكل هذا يجعل أن استهدافها كان مقصودا ومتعمدا، ويعتبر جريمة قائمة في نظر كل القوانين والأعراف الدولية ذات الصلة.
العديدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم يمنعوا أمس واليوم أنفسهم من إجراء مقارنة من وحي الراهن الدولي المأساوي، وتساءلوا عن الموقف الأمريكي والأوروبي فيما لو كانت القتيلة مثلا صحفية أمريكية او غربية أصابها رصاص روسي في أوكرانيا، وكيف كانت أصوات الإدانة والاستنكار ستخرج من كل العواصم الغربية ضد القوات الروسية، ومن ثم استغربوا لتعامل اتسم بكثير من البرودة مع مقتل شيرين أبو عاقلة من لدن قوات الاحتلال الإسرائيلي، من طرف وسائل إعلام أمريكية، وذلك بالرغم من كون شيرين تحمل أيضا جنسية أمريكية، علاوة على جنسيتها الفلسطينية.
العزاء لأهل شيرين في فلسطين، وللجسم الصحفي الفلسطيني، ولمكتب وأطقم شبكة «الجزيرة»، والإدانة القوية لجريمة اغتيال الصحفية الفلسطينية على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top