في الذكرى الـ 66 لوفاته..عبد الكريم بنعبد الله رمز النضال والمقاومة

حلت، أمس الخميس، الذكرى السادسة والستون لاستشهاد عبد الكريم بنعبدالله، القائد الشيوعي وأحد القادة البارزين في صفوف المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، وأحد مؤسسي وقادة المنظمة السرية «الهلال الأسود»، وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المغربي.
بمدينة وجدة، ولد عبد الكريم بنعبدالله في التاسع والعشرين من شهر نونبرسنة 1923، وبها تلقى تعليمه خلال المرحلتين الابتدائية والثانوية، ليرحل بعد حصوله على البكالوريا إلى باريس حيث تابع دراسته بالمدرسة العليا للمناجم.
وفي غضون دراسته بفرنسا، انخرط بالحزب الشيوعي المغربي في 1947/1948، وكان من أبرز المشاركين في تأسيس اتحاد الطلاب المغاربة رفقة عبد الهادي مسواك، وعبد الرحيم بوعبيد، وتحمل مسؤولية بتنظيم الشبيبة الشيوعية المغربية.
وبعد إتمام دراسته العليا عام 1950، اشتغل مهندسا بإدارة المعادن بالرباط، وصار عضوا قياديا في الحزب الشيوعي المغربي، الذي كان عدد من أعضائه نشطاء في منظمة الهلال الأسود، إلى جانب أعضاء من تنظيمات سياسية أخرى وآخرين غير منتمين.
وبعد أحداث الدار البيضاء في دجنبر 1952، تخلى عن منصبه بإدارة المعادن بالرباط، والتحق بمدينة الدار البيضاء ملبيا نداء حزبه للعمل السري.
وفي عام 1953 كان ضمن القيادة السرية للحزب الشيوعي المغربي التي قررت الانخراط في النضال المسلح، من خلال ربط الصلة بمقاومين آخرين من قدماء منظمة «اليد السوداء» والإقدام على إنشاء منظمة مقاومة جديدة. 
وهذا ما تم بالفعل في شهر مارس 1954 حيث بادر كل من عبد الكريم بنعبد الله، وعبد الله الحداوي والحسن الكلاوي، وعبد الله العياشي، والطيب البقالي، بمعية مقاومين آخرين من خارج الحزب، إلى تأسيس تنظيم وحدوي جمع ووحد مقاومين من مختلف الاتجاهات الوطنية، أطلق عليه اسم «الهلال الأسود»، كان من أبرز أنشطته تصفية متعاونين مع الاستعمار، وإلقاء قنابل داخل الأحياء الأوربية في الدار البيضاء، وعقد تجمعات أمام المصانع الكبرى، وكتابة الشعارات والملصقات على الحيطان بالأماكن العمومية، وتوزيع المناشير، والطبع السري بآلة الرونيو لجريدتي الحزب «إسبوار» و»حياة الشعب»، وتوجيه النداءات عبر راديو «صوت الاستقلال والسلام» الذي كان  يبث من براغ بتشيكوسلوفاكيا، وذلك اعتمادا على المناضل الشيوعي والصحفي والمذيع محمد فرحات، المطرود عام 1948 من قبل السلطات الاستعمارية… 
وبعد استقلال المغرب، وبالضبط مساء السبت 31 مارس 1956، جرى اغتيال عبد الكريم بنعبدالله، بطريق مديونة، بالدار البيضاء، على بعد أمتار قليلة من بيته الذي لم يكن ليغادره لولا حاجة صغيره للدواء.
عقب هذا الاغتيال الذي قامت به الجهة التي اغتالت أحمد الشرايبي، وثريا الشاوي، ومقاومين آخرين، ارتدت مدينة الدار البيضاء السواد حدادا على الفقيد، وشارك في التشييع أعضاء من حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال ومنظمات مغربية وجزائرية.
رحم الله الرفيق الشهيد عبد الكريم بنعبد الله عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المغربي.. فقد كان الرجل شعلة وضاءة، أنارت درب بلد يتلمس أولى الخطوات في غبش فجر الاستقلال.
رحم الله رفيقا لم يحض بوفرة على مستوى تأريخ نضالاته ومواقفه. لكن القارئ المتأمل للكتابات القليلة التي ورد فيها ذكر اسمه، وتصريحات شهود مرحلة ما بعد الاستقلال، سيجد أن ذكر هذا المناضل المتميز يظل مقرونا دائما بخدمات جليلة وتضحيات جسيمة قدمها لوطنه ولحزبه بناء على رصيد معرفي ووعي بمتطلبات المرحلة وما سيتلوها. كل ذلك، إلى جانب رفاقه من الحزب الشيوعي المغربي الذين حفروا بنضالاتهم وتضحياتهم أخاديد لا تمحى في تاريخ هذا الوطن، وواصلوا المسير داخل الحزب الشيوعي المغربي، ثم حزب التحرر والاشتراكية، فالتقدم والاشتراكية، طارحين على الدوام مسألة «ذات الحزب» للتفكير والتأمل والحوار، مؤمنين بدينامية الأشياء، ومتشبثين بمبادئ حزبهم وقيمه وروحه، وفي نفس الآن مؤمنين بالانفتاح السياسي والتنظيمي، دون التفريط قيد أنملة في استقلالية القرار.

> مصطفى السالكي

Related posts

Top