تقرير: العنف الإلكتروني يدفع النساء في الدول العربية إلى إغلاق حساباتهن أو ممارسة رقابة ذاتية عليها

كشف تقرير حديث صادر عن مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المنطقة العربية أن العنف الالكتروني شائع في الدول العربية وأنه قد ازداد حدة في ظل الجائحة، بحيث أدى ذلك بالنساء ضحايا هذا النوع من العنف إلى استبعاد أنفسهن كليا من الفضاء الإلكتروني، أو فرض رقابة ذاتية على حساباتهن.
ويوضح التقرير أن أكثر من 1 من كل 5 نساء ( 22 في المائة) ممن تعرضن للعنف على الإنترنت قامت بحذف أو وقف حسابها، وأفادت أكثر من 1 من كل 4 نساء (26 في المائة) ممن تعرضن للعنف على الإنترنت بأنهن كن حذرات لاحقا بشأن ما ينشرنه على الإنترنت.
ويلخص التقرير الذي نشرته الهيئة في سياق فعاليات حملة «16 يوما لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي (25 نونبر إلى 10 دجنبر 2021)»، تحت عنوان «العنف ضد المرأة في الفضاء الإلكتروني: رؤى من دراسة متعددة الأقطار في الدول العربية»، نتائج دراسة استقصائية شملت أكثر من 11 ألف مستخدم ومستخدمة ممن يفوق سنهم 18 سنة، في الأردن والعراق والمغرب واليمن وتونس ولبنان وليبيا وفلسطين، وذلك بغية فهم مؤشرات العنف الإلكتروني في المنطقة العربية وتأثيره على النساء والفتيات العربيات.
وتفيد الدراسة أن نسبة 16 في المائة من النساء المستجوبات في الدول العربية صرحن بتعرضهن للعنف على الإنترنت على الأقل مرة واحدة في حياتهن، ونسبة 60في المائة من النساء اللاتي تعرضن للعنف على الإنترنت في المطلق، تعرضن له خلال العام الماضي، وكانت هذه هي المرة الوحيدة بالنسبة لنصفهن تقريبا التي تعرضن فيها للعنف على الإنترنت، مما يؤكد تفاقم الظاهرة في ظل جائحة كوفيد 19. لكن الدراسة تؤكد أن التعرض للعنف على الإنترنت لا يقتصر عادة على حادث واحد فقط، فنسبة 44 في المائة من النساء اللاتي صرحن به، تعرضن له أكثر من مرة.
وأفادت النسبة الأكبر من النساء اللواتي تعرضن للعنف عبر الإنترنت أنهن تعرضن له على منصات فيسبوك (43%) وإنستغرام (16%) وواتس آب (11%). وكان الشكل الأكثر شيوعا للعنف الإلكتروني والذي يؤثر على النساء في المنطقة هو تلقي «صور أو رموز غير مرغوب فيها ذات محتوى جنسي» (43٪)؛ تليها «مكالمات هاتفية مزعجة، ومحاولات تواصل غير لائقة أو غير مرحب بها» (38٪)، ثم «تلقي رسائل مهينة و/ أو بغيضة» (35٪). فيما نسبة 22٪ من النساء اللائي تعرضن للعنف عبر الإنترنت تعرضن «للابتزاز الجنسي المباشر».
واعتبرت الدراسة أن العنف على الإنترنت يشكل تهديدا خطيرا لسلامة المرأة البدنية وصحتها النفسية، خاصة أنه بالنسبة لواحدة من كل 3 نساء، لم يمكث العنف فقط ضمن الحيز الرقمي، إذ صرحت نسبة 33في المائة من الضحايا أن بعض أو كل تجاربهن في العنف على الإنترنت انتقلت خارجه. وتفيد غالبية النساء اللاتي تعرضن للعنف على الإنترنت على يد شخص يعرفنه خارج إطار الإنترنت بأن واقعة العنف انتقلت إلى خارج هذا الإطار ( 51في المائة).
وأعربت 49% من مستخدمات الإنترنت في المنطقة العربية عن عدم شعورهن بالأمان من التحرش الإلكتروني، وتم توجيه 36٪ من النساء اللائي تعرضن للعنف الإلكتروني العام الماضي إلى تجاهل الواقعة، و23٪ تم إلقاء اللوم عليهن، و21٪ قيل لهن أن يحذفن حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بهن. كما صرحت 12 في المائة من النساء بتعرضهن للعنف البدني بعد إبلاغ أفراد الأسرة بالواقعة، بينما حظيت نسبة 20 في المائة فقط بدعم الأسرة، و32 في المائة من دعم الأصدقاء.
من جهة أخرى كشفت الدراسة أيضا أن أكثر من 1 من كل 3 رجال تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما وشملهم الاستقصاء في المنطقة، يقرون بارتكابهم شكلا من أشكال العنف الإلكتروني ضد النساء. وعند سؤالهم عن أسباب ذلك، صرح 26٪ منهم أنه «حقهم»، و23٪ منهم بأنهم فعلوا ذلك لأجل التسلية وأن ذلك «كان ممتعا»! وكان أغلب مرتكبي العنف الإلكتروني ضد النساء (30٪)، ضمن الدراسة، هم من فئة التلاميذ والطلبة أو الشباب العاطلين عن العمل، والرجال الذين لا يتجاوز مستواهم الدراسي التعليم الابتدائي، أما ذوو المستوى الدراسي الجامعي فكانوا الأقل احتمالا.
جدير بالذكر أن التقرير يسلط الضوء كذلك على الجهود المبذولة من قبل السلطات في الدول العربية، من أجل التصدي لهذه الظاهرة، حيث قامت دول مثل المغرب والمملكة العربية السعودية وتونس ولبنان ومصر بتعديل قوانين العقوبات الخاصة بالتحرش والعنف الإلكتروني ضد المرأة. كما أتاحت 15 دولة عربية من أصل 22 خطوطا لمساعدة النساء ضحايا العنف الإلكتروني.

>سميرة الشناوي

Top