الحكومة تقصي آلاف المجازين من مباراة التعليم

أعلنت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين عن فتح باب الترشيح لمباريات توظيف الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الخاصة بالأساتذة وملحقي الاقتصاد والإدارة والملحقين التربويين والملحقين الاجتماعيين، وذلك ابتداء من أول أمس السبت 20 نونبر الجاري، وإلى غاية الساعة الثانية عشرة ليلا من يوم السبت 04 دجنبر 2021.
وذكرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في بلاغ لها يوم الجمعة، أن باب الترشيح سيفتح حصرا عبر البوابة الخاصة بمباراة التوظيف: http://tawdif.men.gov.ma، وذلك استعدادا للدخول التربوي 2022-2023.
واعتمدت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة هذه السنة مستجدات تخص إجراء مباريات توظيف الأطر النظامية للأكاديميات (أطر التدريس وأطر الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي).
وأوضحت الوزارة في بلاغ سابق، أن هذه المستجدات “تتماشى مع الإصلاح الهادف إلى بلوغ النهضة التربوية المنشودة”، وتتمثل في وضع إجراءات للانتقاء القبلي لاجتياز المباريات الكتابية “بناء على معايير موضوعية وصارمة بغية ترسيخ الانتقاء ودعم جاذبية مهن التدريس لفائدة المترشحات والمترشحين الأكفاء”. وتأخذ هذه المعايير بعين الاعتبار الميزة المحصل عليها في الباكالوريا، والإجازة وسنة الحصول على هذه الأخيرة.
كما تتمثل في إدراج رسالة بيان الحوافز “lettre de motivation” كوثيقة إلزامية، وذلك من أجل تقييم الرغبة والاستعداد والجدية التي يبديها المترشحون والمترشحات بخصوص مهن التربية، وإعفاء حاملي إجازة التربية من مرحلة الانتقاء القبلي والذين سيكون بمقدورهم اجتياز الاختبارات الكتابية بشكل مباشر. ويروم هذا الإجراء تشجيع مسارات التكوين الطويلة في خمس سنوات من أجل دعم مهنة وظائف التربية والتعليم.
كما تقتضي الإجراءات الجديدة تحديد السن الأقصى لاجتياز المباريات في 30 سنة، بهدف “جذب المترشحات والمترشحين الشباب نحو مهن التدريس، وبغية ضمان التزامهم الدائم في خدمة المدرسة العمومية علاوة على الاستثمار الأنجع في التكوين وفي مساراتهم المهنية”.
وقد أثار هذا الإجراء الأخير بالذات، وباقي الإجراءات الأخرى، انتقادات واسعة من طرف فئة عريضة من الطلبة والشباب العاطلين، والفعاليات التربوية والمجتمعية والسياسية.

الشبيبة الاشتراكية ترفض الشروط المجحفة وتدعو للإدماج

وفي هذا السياق، أعربت منظمة الشبيبة الاشتراكية عن أسفها الشديد، وصدمتها الكبيرة، إزاء القرار الصادر عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة فيما يخص مباراة توظيف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أو ما يسمى بحسب الوزارة “الأطر النظامية للأكاديميات” والذي تضمن العديد من الشروط المجحفة والمنافية لدستور المملكة (الفصل 31)، والمخالفة كذلك لقانون الوظيفة العمومية.
وطالبت منظمة الشبيبة الاشتراكية من خلال قراءتها التحليلية لمضمون هذا البلاغ في شقه المتعلق بمستجدات مباراة التعليم برسم الموسم 2021/2022، بضرورة الإسراع بإدماج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية إسوة بزملائهم في المهنة.
واعتبرت المنظمة، في بيان صحفي، أن إجراءات الانتقاء القبلي غير واضحة ومحددة بشكل مضبوط مما ينعكس سلبا على إذكاء مبدأ التنافس المبني على الاستحقاق بين المترشحين والمترشحات، مطالبة الوزارة الوصية باعتماد نقط مواد التخصص بدل الميزة، وإلغاء معيار سنة الحصول على الإجازة كأحد معايير هذا الانتقاء.
وعبرت المنظمة، في البيان نفسه، عن رفضها تحديد السن الأقصى لاجتياز المباريات في 30 سنة، لعدم دستوريته ولمخالفته لقانون الوظيفة العمومية، والنظام الأساسي لأطر الأكاديميات (المادة 4 منه).
وأكدت المنظمة على أن مسلسل الارتقاء بالتوظيف، ودعم جاذبية المهن التعليمية مقرون بضمان الاستقرار النفسي والمادي لأطره، وسيرورة مسارات التكوين لفائدتها.
وشددت المنظمة على ضرورة تحقيق الإنصاف والمساواة داخل الوظيفة العمومية بشكل كلي، وداخل الحقل التعليمي كقطاع استراتيجي ذو أولوية قصوى، مما يستوجب من الوزارة الوصية اعتماد معايير وآليات ومساطر عادلة في انتقاء المترشحات والمترشحين بما يضمن تكافؤ الفرص.
واعتبرت الشبيبة الاشتراكية، أن توضيح الوزارة الوصية مقامرة وخطأ يهدف إلى تغطية تراكمات من الاخفاقات، داعية إلى تكييفه بما يخدم القطاع، ويسير به إلى الأمام خدمة للمدرسة العمومية وارتقاءً بها، معتبرة أن المقاربة التي صيغت بها شروط الأهلية للمباراة مقاربة إقصائية، تحمل في طياتها هواجس أمنية أكثر منها تنموية أو اجتماعية.

رشيد حموني: على الحكومة التراجع الفوري على هذا القرار المجحف

من جهته اعتبر رشيد حموني، رئيس الفريق البرلماني لحزب التقدم والاشتراكية والبرلماني عن دائرة إقليم بولمان، وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن الحكومة تعض بالسن على سن المتبارين أطر التدريس، معتبرا أن قرار الوزير اعتراف بفشل الرهانات الاستراتيجية للحكومة وهو ما سيعزز الحلقة المفقودة للثقة بينها وبين الشعب.
وأضاف حموني، في تدوينة نشرها في صفحته، أن لجوء الحكومة إلى الاقتصار على فئة عمرية يرسخ سياسة الإقصاء والتهميش الممنهج، مستطردا: “شخصيا هذا القرار لا يلزمني كسياسي نظرا لما يكرسه من تراجع حقوقي واجتماعي وكذلك تراجع جوهر الإصلاح والعدالة الاجتماعية التي طالما نددنا بها وسنقوم بكل المبادرات الرقابية والسياسية للتصدي لهذا الخرق القانوني والدستوري”.
وأكد رئيس فريق التقدم والاشتراكية، في مجلس النواب، على أن القضاء على البطالة أو تخفيف معدلاتها لا يأتي من خلال تعطيل مجهودات القوى العاملة والاستغناء عن الكفاءات والمهارات والمعارف المكتسبة بتحويلها إلى عطلات، لأنه يعني باختصار معالجة الخطأ بأكبر منه من الأخطاء، مضيفا أنه “بدل تفريخ المعيقات والعراقيل ضد آفة البطالة في البلاد فكان من المفروض أن يكون الحل بيد الحكومة”.
وأشار حموني إلى أنه “حتى الشعوب المتقدمة تعمل بشعار خبرة الخريجين المجتازين وليس بمعالجة البطالة من خلال تعطيل الكفاءات وأصحاب الشواهد، ولعل المغاربة بكل أعمارهم قد أغنوا العالم بقدراتهم وطاقتهم ومهارتهم لا يستحقون أن يتحولوا لهذا السبب أو ذاك من عاطلين إلى معطلين لأن الاقتصاد وما يرتبط به من حلقات وبعض جوانب الأمور والتفصيلات لا تدار بالشكل الموضوعي والمطلوب”.
وأكد حموني على أنه لا داعي للعض على الفرص المتاحة ولا على أمل المغاربة في الحق في الشغل، معتبرا أن قرار ربط اجتياز المباراة بشروط السن يخدم تقويض الحقوق وتقزيمها وخرق سافر للقانون الأساسي الذي حدد سن المباراة بين 18 و40 سنة، وكذلك ضرب التزامات النموذج التنموي في عرض وحتى طول الحائط وتعويضه بنموذج الظلم الاجتماعي.
وشدد حموني على أنه على الحكومة التراجع الفوري على هذا القرار المجحف والعمل بكل موضوعية ومسؤولية “لأننا ما زلنا في بداية الولاية مثلما ما زلنا في انتظار رجة حقيقية لتأسيس مرحلة جديدة تفتح آفاقا جديدة”.

حكومة الشباب: الشروط الجديدة تضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص

في الصدد ذاته، أعلنت حكومة الشباب الموازية عن رفضها التام لتحديد شرط السن في 30 سنة كحد أقصى لما في ذلك من خرق لمقتضيات الدستور وقانون الوظيفة العمومية وللأنظمة الأساسية لأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في ضرب لتراتبية النصوص القانونية، وما سيترتب عنه من إقصاء لفئة عريضة من حاملي الشهادات الذين تجاوزوا هذا السن.
وأعربت الحكومة الموازية، في بيان لها، عن رفضها أيضا إدراج شرط الانتقاء الأولي بعد أن حذف في عهد الحكومة السابقة، واعتبارها التخلي عن هذا الشرط لصالح حاملي الإجازة في التربية وخريجي المسالك الجامعية للتربية تمييزا غير مبرر، خاصة أن هذه المسالك ذات استقطاب محدود.
واعتبرت الحكومة الموازية، أن الشرط القاضي بعدم ارتباط المترشح بأية علاقة تعاقدية مع القطاع الخاص، هو انحياز لمصالح فئة على حساب أخرى في وضعية اجتماعية هشة، بل هو شأن لا دخل للوزارة الوصية فيه، مادامت ليست على اطلاع على طبيعة وبنود العقود الرابطة بين الطرفين.
ودعت الحكومة الموازية وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى التراجع عن هذه الشروط المجحفة واللاقانونية التي تضرب في العمق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين والمواطنات كما تدعوها إلى إيجاد حل للملف برمته.

احتجاجات على تخفيض سن الترشيح

وشهدت العديد من المدن، منذ الساعات الأولى لإعلان وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن المستجدات الخاصة بإجراء مباريات توظيف الأطر النظامية للأكاديميات (أطر التدريس وأطر الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي)، وقفات احتجاجية، رافضة لهذه التدابير، خاصة تخفيض سن الترشح واعتماد الانتقاء الأولي.
وكانت الشرارة الأولى للاحتجاجات، من مدينة فاس، حيث تحولت وقفة احتجاجية بالحي الجامعي “ظهر المهراز”، مساء الجمعة، حول مطالب المنحة، والنقل، إلى مسيرة احتجاجية تنديدا بقرار وزارة التربية الوطنية، تحديد السن الأقصى لاجتياز مباريات أطر الأكاديميات في 30 سنة.
وشارك في المسيرة الاحتجاجية التي دعا إليها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، مئات الطلبة والمعطلين، وجابوا خلالها عددا من شوارع مدينة فاس، رفعت فيها شعارات تندد بقرار وزارة التربية الوطنية القاضي بتحديد سن المترشحين لمباريات أطر الأكاديميات في من تبلغ أعمارهم أقل من 30 سنة.
وفي السايق ذاته، شهد محيط الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ببني ملال خنيفرة صباح أول أمس السبت، توافد العشرات من المجازين وحاملي الشهادات الذين نظموا وقفة احتجاجية ضد القرار الذي يقضي بتخفيض سن توظيف أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى 30 سنة بدل 45 سنة، وإعادة تطبيق شرط الانتقاء الأولي الذي أُلغي منذ أزيد من 3 سنوات.
كما خرج الطلبة، والمجازون، للاحتجاج أمام مديرية خنيفرة للتربية والتكوين، شأنهم في ذلك شأن طلبة إقليم بولمان، الذين نظموا وقفة احتجاجية في ميسور، بالإضافة إلى وقفة المجازين، والطلبة في تطوان، ومدن أخرى.
ورفع المحتجون شعارات تطالب بإلغاء شرط الانتقاء الأولي، وشرط السن المحدد في 30 سنة كحد أقصى، في إطار مبدأ تكافؤ الفرص، وعدم إقصاء حاملي الشهادات الأساسية، الذين تجاوز سنهم 30 سنة.

< عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top