المغرب يسير بخطوات ثابتة نحو تحقيق السيادة الطاقية

22 أكتوبر اليوم العالمي للطاقة

ساعات فقط تفصلنا عن انطلاق المفاوضات بشأن المناخ والتي من المنتظر أن تحتضنها العاصمة الإستكتلندية غلاسكو في قمة تاريخية تجمع الاتحاد الأوروبي مع مائة وستة تسعين دولة طرف في الاتفاقية الإطار للتغيرات المناخية، قمة من المنتظر أن يحضرها الرئيس الأمريكي جو بايدن في حين سيغيب عنها زعماء دول آخرين.
في ظل هذه الدينامية الدولية احتفلت المملكة المغربية كسائر بلدان المعمور يوم الجمعة الماضي باليوم العالمي للطاقة، مناسبة للوقوف عند المشاريع الضخمة والاستثمارات الكبرى التي يعرفها المغرب وهو يسير بخطوات ثابتة نحو تحقيق السيادة الطاقية بما يعزز أمنه الاستراتيجي. ومناسبة كذلك للتذكير بتربع المملكة طاقيا على عرش قائمة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد كرس المغرب نموذجا استثنائيا على مستوى المنطقتين المغاربية والإفريقية بتدبيره الاقتصادي المميز الذي أصبح يضاهي كبريات الدول الاقتصادية العالمية،
22 أكتوبر 2021 هو بمثابة عيد وطني أكد فيه المغرب على طموحه في تحقيق السيادة الطاقية، وهذا لن يتأتى إلا بمضاعفة الجهود من خلال تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتحقيق الحكامة الطاقية الجيدة بالإضافة إلى الاستثمار في البحث العلمي، هذه السيادة الطاقية التي يجب أن تقترن بالأوراش الوطنية الكبرى المهيكلة والمدشنة من قبل الملك محمد السادس والتي تهدف إلى تحقيق الأمن الصحي والمائي والغذائي والطاقي للمواطن المغربي.
اليوم العالمي للطاقة هو فرصة لتأكيد ما جاء به مؤشر “المستقبل الأخضر” الصادر عن مؤسسة “ماساتشوستس” للتكنولوجيا والذي كان قد صنف المغرب في الرتبة الأولى عربيا وإفريقيا و26 عالميا متبوعا بالإمارات العربية المتحدة التي حلت في الرتبة 42 عالميا، ومصر في الرتبة 58، فالمملكة العربية السعودية ثم الكويت، بينما تذيلت الجزائر الترتيب العالمي، اليوم العالمي للطاقة هو أيضا فرصة لإبراز الطاقات المتجددة باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز الاستدامة ما يجعلها في مقدمة الأولويات الاستراتيجية للملكة المغربية التي تقود الجهود السباقة لتبني أحدث الابتكارات الدافعة لمسيرة مواجهة آثار تغير المناخ والتخفيف من الاحتباس الحراري بما يرسخ المساعي لدعم “أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030″، هذا في الوقت الذي أمضت المملكة المتحدة شهرين بدون فحم حجري وهي أطول فترة تقضيها البلاد بهذا الشكل منذ الثورة الصناعية، وهي الخطوة الأولى في مشوار الألف ميل وفي أفق التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بحلول عام 2025، وفي ظل سيادة طواحين الطاقة الريحية على الحصص المتزايدة من الطاقة الكهربائية للمملكة المتحدة. في الوقت نفسه تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بحظر السيارات الجديدة التي تعمل بالغاز بحلول عام 2030، فضلا عن إنفاق مليار دولار خلال العقد الحالي لتطبيق تقنية التقاط انبعاثات الكربون من مركزين صناعيين على الأقل. في مقابل ذلك وفي مواجهة ارتفاع أسعار الوقود تجد الحكومة الفرنسية نفسها مجبرة على ابتكار جهاز معقد على عجل للحفاظ على القوة الشرائية للفرنسيين، فنادرا ما يؤدي التصرف على عجل إلى اتخاذ قرارات جيدة. الاضطراب الحالي للحد من ارتفاع أسعار الطاقة هو مثال على ذلك، وفي مواجهة الاستياء المتزايد من جانب الرأي العام القلق بشأن تراجع قوتها الشرائية، توصلت الحكومة إلى إيجاد وسائل قصيرة الأجل وفعالة نسبيا. ويتزامن الاحتفال باليوم العالمي للطاقة لهذه السنة مع تقديم المملكة المغربية لاستراتيجيتها الوطنية للانتقال الطاقي على هامش المعرض العالمي بدولة الإمارات حيث تم تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزته المملكة على صعيد إنتاج الطاقات المتجددة، من خلال مشاريع ضخمة تطلبت استثمارات كبيرة، فخلال عشر سنوات استطاع المغرب أن يسيطر شرق أوسطيا وإفريقيا على الطاقات المتجددة ويسود في الإنتاج الطاقي النظيف، مما يتماشى والاستراتيجية الطاقية التي كان المغرب قد أطلق منذ العام 2009، استراتيجية ترتكز بالأساس على تطوير الطاقات المتجددة وتحقيق النجاعة الطاقية في أفق ضمان استقلالية المملكة المغربية الطاقية والإسهام في تقليص الانبعثات الغازية حيث نجح المغرب في رفع حصة توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة إلى 37 في المائة وتنتج هذه الطاقات النظيفة من الكتلة الحيوية والنفايات ومن الطاقة الشمسية والريحية والطاقة الكهرومائية عبر إنتاج أكثر من 4000 ميغاوات من الطاقات الريحية والشمسية، مما يجعل المملكة المغربية في مقدمة الدول الكبرى في هذا المجال على الصعيدين الإفريقي والعربي والعالمي.
السيادة الطاقية للمغرب يجب أن لا تنسينا أن المملكة المغربية تراهن اليوم وقبل أي وقت مضى على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري المستورد الذي يمثل 85 في المائة من حاجياته حيث يحتل النفط في المرتبة الأولى متبوعـا بالفحم ثم الغاز مع التأكيد أن العالم يشهد اليوم ذروة الطاقة. ولذلك، فالبحث عن انتقال طاقي يعتبر ممارسة طبيعية للسيادة، واستجابة للمخاوف عبر العالم بشأن عدم إمكانية الوصول إلى الموارد الطاقية اللازمة لتأمين احتياجات الاستخدام اليومي والخدمات والبنية التحتية الوطنية، بما في ذلك المرافق الحيوية.

 

إقبال كبير ومتأرجح على الطاقات النظيفة عبر العالم

تحت تأثير وطأة وحدة جائحة كورونا التي فرضت ظروف الحجر المنزلي انخفضت تركيبات خلايا الطاقة الشمسية في المباني السكنية في الولايات المتحدة بنسبة 20% تقريبا في الربع الثاني من عام 2020 من مستويات الربع الأول، أعلى نسبة انخفاض على الإطلاق، مع تعزيز الوباء لطلب البقاء في المنزل، ومع ذلك، تعافى قطاع الطاقة الشمسية في أمريكا مضيفا ما مجموعه 19 جيغاواط من إجمالي سعة الطاقة الشمسية بحلول نهاية العام 2021. أما في الصين فرغم أن الحكومة أغلقت مساحات شاسعة من البلاد في وقت مبكر من العام 2020 بسبب الجائحة، إلا أن الشركات لا تزال ترغب في استخدام الطاقة الشمسية، حيث تتوقع مجموعة صناعة الطاقة الشمسية الرئيسية في البلاد طفرة في استخدام الشركات لهذا النوع من الطاقة على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، بعد إعلان الرئيس الصيني أن بلاده تسعى لتحقيق الحياد الكربوني في أفق 2060، أما في إسبانيا فقد ارتفعت الطاقة الكهربائية المولدة من مزارع الطاقة الشمسية التي تتمتع بأكبر إمكانات للطاقة الشمسية في أوروبا، إلى أكثر من 60% العام الماضي مقارنة بعام 2019، لتولد أكثر من 15 ألف جيغاواط/ساعة من الطاقة، على عكس دول أوروبا التي عاشت على إيقاع مختلف. فخلال ذروة الوباء، عندما انخفض الطلب الإجمالي على الطاقة، ارتفعت حصة الطاقة المتجددة من الشبكة الكهربائية في أوروبا. فقد استحوذت مصادر الطاقة المتجددة على 40% تقريبا من الطاقة الكهربائية المولدة في الاتحاد الأوروبي في النصف الأول من عام 2020، مقارنة بــ34% من محطات حرق الوقود الأحفوري. هذا في الوقت الذي تعرضت فيه مرافق الهند المثقلة بالديون لمزيد من الاضطرابات بسبب فرض أكبر قيود إغلاق في العالم في عام 2020، ما أدى إلى انخفاض بنسبة 72% في تركيبات ألواح الطاقة الشمسية وتسجيل أبطأ، إضافة لتوربينات طاقة الرياح منذ أكثر من عقد من الزمن.

 

جدول أعمال قمة المناخ مثقل بغياب التمويل

في عام 2009 وعدت الدول المتقدمة بالإفراج عن 100 مليار دولار سنويا اعتبارا من عام 2020 لصالح البلدان النامية لتمويل إجراءاتها لمكافحة تغير المناخ، لكن في وقت تقديم هذا الالتزام لم تتم الموافقة على منهجية محاسبية لهذا التمويل، واليوم لا شيء قد نجده من التزامات بعدما أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأرقام الخاصة بتمويل المناخ، فالنسبة لعام 2019 وصلنا إلى 79.6 مليار دولار مما يعني أن هدف 100 مليار دولار بعيد المنال في عام 2020. إشكالية التمويل قرر البريطانيون طرحها على طاولة قمة المناخ، والهدف من ذلك هو معرفة متى وكيف يمكن للدول المتقدمة أن تفي بهذا الوعد، وهذا هو السبب في وجود طلب من رئيس مؤتمر الأطراف موجه إلى الدولتين المتطوعتين منذ البداية ألا وهما ألمانيا وكندا لتجديد الدماء في المفاوضات وإعادة مسألة التمويل إلى طاولة النقاش الدولي بشأن المناخ مع وضع خطة تسليم لتحقيق هدف 100 مليار والقيام بذلك من الآن في أفق تحقيق هذا الهدف سنة 2025، حيث من المتوقع أن يتم الكشف عن هذه الخطة في الأيام المقبلة.
خلال قمة المناخ المقبلة ستتم أيضا مناقشة ما بعد عام 2025، لكن السؤال المطروح هو كيف يمكننا تأطير النقاش بين 197 طرف خلال القمة، فلن تكون مسألة تحديد المبلغ هي الأساس ولكن الحديث عن إطار العمل الذي يمكن تحديده من خلاله حيث سيتم تحديد المبلغ على المستوى السياسي في عام 2024، بل ما نأمل في تحقيقه في قمة المناخ هو قرار سيسمح للمناقشة بالمضي قدما بهدوء.

 

جهود مناخية كبيرة تبذلها العديد من البلدان للتمويل المناخي

من جانبهم يبدو أن الولايات المتحدة أكثر نشاطا في مكافحة تغير المناخ، لقد أعلنوا عن زيادة كبيرة للغاية في تمويلهم للمناخ، 11.4 مليار دولار من عام 2024، بنسبة مضاعفة مقارنة بمضاعفة ولاية باراك أوباما الثانية. وهي مهمة للغاية حيث من المتوقع أن تأتي زيادات أخرى في التمويل من دول مثل السويد أو إيطاليا من قبل مؤتمر الأطراف، بينما ستخصص فرنسا ستة مليارات يورو سنويا لتمويل المناخ بين عامي 2021 و 2025، وسيخصص ثلث هذا المبلغ للتكيف، حيث يعتبر هذا أعلى من الهدف الذي حدده الرئيس هولاند سابقا لفرنسا في عام 2015 والذي كان 5 مليارات سنويا، في عام 2019 تفوقت فرنسا في الأداء حيث وصل اافرنسيون إلى ستة مليارات يورو بحلول عام 2020، حيث وصل فرنسا إلى هدف خمس مليارات كما هو مخطط له، بينما تخطط فرنسا للرفع مرة أخرى في عام 2021 إلى ستة مليارات والبقاء على هذا الرقم كل عام حتى عام 2025.

 

هل ستنسينا قمة المناخ المقبلة قمة مدريد؟

في الوقت الذي يتم فيه وصف قمة باريس بأنه ناجحة، لا يمكن قول الشيء نفسه بعد خمس سنوات في غلاسكو حيث من الصعب تحديد ما إذا كانت اسكتلندا ستحقق نجاحا كبيرا، رغم أن الدولة المنظمة ستعمل على ذلك قدر الإمكان، لكن من الواضح تماما أن البيئة الجيوسياسية والتوازنات بين القوى العظمى لها تأثير على المفاوضات، حيث يتركز الكثير من الاهتمام بشكل خاص على الصين كدولة حاسمة في تحقيق الأهداف التي وضعتها الدول الأعضاء، علاوة على ذلك، في قمة باريس كان الهدف هو إيجاد اتفاق لوضع إطار عمل لمكافحة تغير المناخ. بينما ستكون قمة غلاسكو مختلفة قليلا في هذا الصدد، فمن المنتظر أن تكون هناك العديد من المكونات والعديد من القرارات التي سيتم اتخاذها. كما هو الحال في كل مؤتمر للأطراف، لن يكون هناك اتفاق غلاسكو جديد، لكن يطرح السؤال عما إذا كان رؤساء الدول والحكومات سيصدرون أي إعلانات طموحة بما فيه الكفاية.

 

الدور التاريخي للإعلام البيئي في إعلان حالة الطوارئ المناخية

في وقت مضى لم يكن الإعلاميون دائمي الحرص على الحديث عن المناخ، بينما اليوم وفي ظل راهنية تغير المناخ والتحديات التي يطرحها وللقيمة العلمية والتحليلية التي يمكن أن تقدمها الآلية الإعلامية، فقد حان الوقت لتصحيح ذلك لما لوسائل الإعلام من مسؤوليات في طرح الظاهرة المناخية وفي طريقة معالجتها للمعلومات المتعلقة بالطوارئ المناخية، ففي الوقت الذي يعتقد فيه 53٪ من الفرنسيين أن وسائل الإعلام “لا تعطي مساحة كافية” للمواضيع المتعلقة بالمناخ، ستكون هذه النسبة ضئيلة الى منعدمة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونظرا لصعوبة المعركة في مواجهة تحديات التغيرات المناخية كما أكد ذلك التقرير السادس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ الصادر في التاسع من غشت 2021 أصبح من اللازم بل من الإجباري اليوم على وسائل الإعلام الوطنية المغربية مواكبة تحديات تغير المناخ وتأثيراته السلبية على العديد من المجالات كما تتابع وسائل الإعلام وصول لاعب كرة القدم ليونيل ميسي إلى فريق باريس سان جيرمان لكرة القدم، ومواكبة الآثار السلبية لجائحة كورونا ومتابعة الحرائق في فرنسا واليونان والجزائر…
لسوء الحظ فإن 8٪ فقط من المقالات الصحفية الصادرة في شهر غشت الماضي ربطت بين زيادة الحرائق وأزمة المناخ، بينما ربطت وسائل الإعلام الكندية حرائق غرب كندا بتغير المناخ كذلك في مقال نشر شهر يونيو الماضي، في حين لم يستطع الإعلام الوطني الربط بين فيضانات الدار البيضاء وطنجة وتطوان التي تم تسجيلها بداية عام 2021، ولم يتم ربط هذه الظواهر المناخية العنيفة بتغير المناخ بل ركز على آثارها السلبية وإحصاء الضحايا والخسائر المادية واللوجيستيكية التي خلفتها هذه الفيضانات، وفي الوقت الذي تعرف فيه المنظومات الواحية الهشة حرائق متكررة في شهري غشت وشتنبر الماضي، لم ترق المواكبة الإعلامية إلى ربط الظاهرة بتغير المناخ وطرح الحلول والبدائل التي يمكن تنزيلها على أرض الواقع للحد من آثارها والتكيف معها.

 

المغرب يسرع جهوده للتخلص من الوقود الأحفوري

لماذا لم تستطع إلى حدود الساعة وسائل الإعلام المغربية بصفة عامة والإعلام البيئي المغربي خاصة إثارة موضوع الانتقال الطاقي في اتجاهه الإيجابي عبر التخلص من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الحجري والوقود الأحفوري عبر ربوع المملكة؟ وذلك بنفس الهم المناخي الذي واكب الإعلام العالمي مجهودات اليونان وهي تمشي بشكل أسرع من المتوقع للتخلص التدريجي من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، حيث تكثف حكومة كيرياكوس ميتسوتاكيس جهودها لمعالجة آثار أزمة المناخ العالمية، فقد قال ميتسوتاكيس في مقابلة تلفزية: “قلنا إننا سنفعل ذلك بحلول عام 2028” في إشارة إلى مستهدف حكومته إغلاق المحطات التي تعمل بالفحم. لكنه أضاف: “أعتقد أنه سيكون من الممكن القيام بذلك بحلول عام 2025”، ودعا ميتسوتاكيس الحلفاء الأوروبيين إلى تسريع جهودهم للتصدي لتغير المناخ بعد أن تسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكلٍ قياسي خلال الصيف في نشوب سلسلة من الحرائق في البلاد طالت الغابات والأراضي الزراعية والمناطق المأهولة بالسكان، في الوقت الذي تواجه فيه القارة الأوروبية حاليا أيضا ارتفاعا في أسعار الطاقة، مع ارتفاع فواتير المرافق التي لا يمكن السيطرة عليها للأسر والشركات، وقال رئيس الوزراء اليوناني: “لقد تعهدنا بدعم مستخدمي الكهرباء في اليونان، نحن نقوم بذلك من خلال توفير التمويل الحكومي، ولكن أيضا نشجع الشركات المنتجة للكهرباء على استيعاب أو تحمل جزء من زيادة التكلفة”، بعدما تعهد رئيس الوزراء، نتيجة لذلك، أن اليونانيين “لن يشهدوا زيادات كبيرة في فواتير الكهرباء في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة”، كما دعت أثينا خلال الأسبوع الجاري إلى إنشاء آلية يمولها الاتحاد الأوروبي لاستخدام الإيرادات من المبيعات الإضافية لتراخيص الكربون للحد من تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة، وقال رئيس الوزراء: “هذه مشكلة حقيقية لأوروبا وتحتاج إلى استجابة أوروبية”، وبعد أن عدلت اليونان توقعاتها للنمو للعام بأكمله إلى 5.9% والأداء القوي في الربع الثاني، مع وصول الإنتاج إلى مستويات ما قبل الوباء، أشار رئيس الوزراء إلى أن المستهدف قد يكون متحفظا للغاية، وقال ميتسوتاكيس في المقابلة: “قد تكون هذه توقعات متشائمة”.
كما تعهدت الأمم المتحدة بوقف بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم الحجري حيث وافقت سبع دول منها سريلانكا وتشيلي على التوقف عن استخدام أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثا، حيث وقعت سبع دول على تعهد دشنته الأمم المتحدة لوقف بناء محطات طاقة جديدة تعمل بـ”الفحم”، في محاولة لجمع المزيد من التوقيعات قبل انطلاق قمة المناخ العالمية في نسختها السادسة والعشرين في غلاسكو الاسكتلندية. واعتبر الخبراء هذه الاتفاقية الجديدة أحدث محاولة للتخلص التدريجي من أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثا على الصعيد العالمي، ويريد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وضع نهاية لأي خطط تستهدف إنشاء محطات فحم جديدة هذا العام، في حين أكد رئيس قمة غلاسكو للمناخ، ألوك شارما، على أن هدفه من القمة هو “تحويل الفحم ليصبح شيئا من الماضي”، وكانت كل من تشيلي والدنمارك وفرنسا وألمانيا ومونتينيغرو وسريلانكا والمملكة المتحدة قد وقعت على التعهد الأخير، بينما قال داميلولا أوغونبيي، الرئيس التنفيذي لمنظمة “الطاقة المستدامة للجميع التي تدعمها الأمم المتحدة أن: “التحول بعيدا عن الفحم لن يكون نهاية التصنيع، بل إنه فرصة أفضل بكثير للوظائف الصديقة للبيئة” وأشار إلى أن هذا الأمر هو “ما سيدفع الدول الأخرى إلى الانضمام”.
وفي نفس السياق، كانت قد أطلقت عام 2017 مبادرة منفصلة، باسم “دعم تحالف الفحم السابق” وهذه المبادرة تضع معايير أعلى، وتشمل 41 دولة التزمت بالتخلص التدريجي من استخدام الفحم بحلول عام 2030 في كثير من الحالات، بالإضافة إلى الوعود بعدم بناء محطات فحم جديدة. كذلك، هناك 40 دولة أخرى من خارج التحالف ليس لديها محطة توليد الطاقة من الفحم واحدة تحت الإنشاء، بحسب المؤسسة الفكرية البيئية”، وهذا يعني أن المزيد من الدول على استعداد للالتزام بعدم بناء محطات فحم جديدة، لكن لم تكن جميعها مستعدة للتخلص التدريجي من العمليات الحالية. وتسمح اتفاقية “اللافحم” الجديدة لهذه الدول بتقديم تعهد أسهل، على أمل أن يؤدي ذلك في النهاية إلى تسريع التخلص من الفحم تماما، بينما خلال الفترة السابقة لقمة غلاسكو للمناخ، جرى إنشاء عدد من هذه التحالفات الطوعية. ففي الأسبوع الماضي، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن مبادرة “التعهد العالمي بشأن الميثان” المعنية بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 30% في غضون عقد من الزمان، أما في الشهر الماضي، فقد أطلقت الدنمارك وكوستاريكا تحالف “ما وراء النفط والغاز” الذي يسعى إلى إنهاء استخراج النفط والغاز بحلول منتصف القرن، وتعد سلسلة التحالفات التي تستهدف مصادر الطاقة الملوثة أو غازات دفيئة معينة، بعيدة تماما عن التحول المنهجي المنظم للطاقة الذي يحتاج إليه العالم. وبدلا من ذلك، فهي مجرد قبول للواقع السياسي لدبلوماسية المناخ التي لا بد وأن تتكيف مع مختلف مراحل التطور في الدول، ويسهم حرق الفحم لتوليد الطاقة الكهربائية في حوالي ثلث إجمالي الانبعاثات الكربونية في العالم، ونظرا لأن مصادر الطاقة الأنظف، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أصبحت أرخص في بنائها وتشغيلها، فإن قضية القضاء التام على استخدام الفحم تزداد قوة. كذلك يجب القضاء تماما على كافة الانبعاثات الصادرة عن محطات توليد الطاقة بالفحم بحلول عام 2040 إذا كان العالم يعتزم الحفاظ على درجة الحرارة الأرض دون 1.5 درجة مئوية، بحسب الوكالة الدولية للطاقة. وحصل اتفاق اللافحم الجديد على دفعة قبل إطلاقه، حيث قال الرئيس الصيني شي جين بينغ أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، إن الصين ستتوقف عن بناء محطات لتوليد الطاقة بالفحم في الخارج، ولم يقدم أي تفاصيل عن الأمر، لكن الإعلان قد يعني التخلص من حوالي 40 جيغاواط من محطات الفحم الجديدة وهذا من شأنه تجنب 235 مليون طن من الانبعاثات، وجاء تعهد الزعيم شي بعد التزامات مماثلة من الممولين الرئيسيين الآخرين المتبقيَين لمحطات توليد الطاقة بالفحم في الخارج -اليابان وكوريا الجنوبية- في وقت سابق من هذا العام، وتعليقا على الأمر، قال كريس ليتليكوت، المدير المساعد لمؤسسة انتقال الوقود الأحفوري أن: “قرار الصين يشكل إلى حد كبير نهاية التمويل العام للفحم، بينما يواجه الآن المستثمرون من القطاع الخاص كافة مخاطر الاستثمار في الفحم بأنفسهم”، في الوقت الذي انهارت فيه خطط إنشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالفحم على مستوى العالم خلال العقد الماضي. ومنذ عام 2015، تخلص العالم من محطات طاقة تعمل بالفحم بقدرة 1175 جيغاواط – وهو ما يعادل تقريبا حجم أسطول الفحم الحالي بالصين، وبالتالي تجنب مليارات الأطنان من الانبعاثات الكربونية التي كان يمكن التخلص منها سنويا، ويمثل الاتفاق الجديد خطوة كبيرة بالنسبة إلى بعض الدول الموقعة، فقد قالت كريستين سبيرر، من منظمة “غلوبال إنرجي مونيتور”، التي تتبع محطات توليد الطاقة بالفحم عالميا: “سريلانكا ناقشت ما إذا كانت ستبني محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم منذ بضعة أعوام”، وأضافت: “إذا انضمت دول مثل باكستان وماليزيا، فسنتمكن حقا من البدء في رؤية نهاية محطات الفحم الجديدة”. ومع ذلك، لن يشهد العالم انخفاضا كبيرا في أعداد تلك المحطات ما لم تتوقف الصين عن استخدام الوقود القذر، حيث تضم الصين أكثر من نصف مخططات إنشاء محطات الطاقة الجديدة العاملة بالفحم حول العالم، كما أن شي، لم يتطرق إلى القضية المحلية في خطابه للأمم المتحدة.

 

غاز الميثان أكثر الغازات الدفيئة حدة

زادت كمية الميثان المنبعثة في الغلاف الجوي بنسبة 9٪ بين عامي 2000 و 2017، وبذلك يكون غاز الميثان هو ثاني غاز مسؤول عن ظاهرة الاحتباس الحراري، يعتبره الخبراء رقما مقلقا لمستقبل الكوكب واحتراره، فقد زادت انبعاثات الميثان بنسبة 9٪ وفقا للدراسة التي كشف النقاب عنها مشروع الكربون العالمي. هي زيادة كبيرة، إذن، بينما يجب أن نعلم أن الميثان له تأثير احتراري أكبر بـ28 مرة من تأثير ثاني أكسيد الكربون، فالميثان، وهو غاز ينتج بشكل كبير عن النشاط البشري يعتبر غازا طبيعيا يتم إطلاقه أثناء تحلل المواد العضوية في مناطق بها القليل من الأكسجين أو لا تحتوي على أكسجين، مثل التربة أو المستنقعات. يشكل تكوينه الطبيعي 40٪ من غاز الميثان في الغلاف الجوي، في حين تأتي نسبة الـ60٪ المتبقية من مصادر بشرية، أي مرتبطة بالنشاط البشري، وخاصة الزراعة وإنتاج واستخدام الوقود الأحفوري.
الميثان هو أحد غازات الدفيئة التي تلعب دورا أساسيا في ظاهرة الاحتباس الحراري. يمثل 15٪ من جميع غازات الدفيئة، وبالمقارنة فإن ثاني أكسيد الكربون يمثل 65٪، حتى لو كان الاهتمام في الغالب يركز على ثاني أكسيد الكربون فيما يتعلق بالمناخ، وتحذر مارييل ساونوا، الباحثة في مختبر علوم المناخ والبيئة ومنسقة الدراسة من انه : “لا ينبغي التقليل من دور الميثان إنه أحد الأسباب الجذرية لتغير المناخ”، وكانت انبعاثات الميثان مستقرة نسبيا حول العالم خلال الفترة 2000-2006، لكن منذ عام 2007 ازدادت وقد تسارعت هذه الزيادة بشكل كبير منذ عام 2014، ولحسن الحظ عند مستويات مثل المقاسة بين عامي 2000 و 2017 لا تزال انبعاثات الميثان تقع ضمن السيناريوهات التي تصورتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ومتوافقة مع اتفاقية باريس “في الوقت الحاضر”، وإذا كان الميثان غازا موجودا بشكل طبيعي في الهواء، فإن “التوازن بين الانبعاثات وأحواض الميثان هو الذي اختل تدريجيا منذ الثورة الصناعية”، بينما تبقى الأحواض هي العمليات الطبيعية التي تؤدي إلى امتصاص الميثان من الغلاف الجوي عن طريق التفاعل الكيميائي ومن التربة حيث يصعب تقييم قدرتها الاستيعابية، لكن من المعروف أن الزيادة في انبعاثات الميثان لا يتم تعويضها بالكامل بواسطة هذه الأحواض.

 

انبعاثات الميثان في أفريقيا واسيا على نطاق واسع

وتبحث الدراسة تحديدا في مصدر انبعاث الميثان ومن أين يأتي، ويشير إلى ثلاث بؤر جغرافية رئيسية أطلقت أكثر من 50٪ من غاز الميثان الموجود في الهواء في عام 2017: آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. وترجع هذه الانبعاثات جزئيا إلى حقيقة أن المناطق الاستوائية، الرطبة بشكل خاص، وتطلق غاز الميثان بشكل طبيعي. لكنه يأتي أيضا من تربية الماشية، التي تزداد في آسيا وأفريقيا وزراعة الأرز وكلاهما من الأنشطة الزراعية الرئيسية المنتجة لهذا الغاز، وتلعب الصين دورا رئيسيا في انبعاثات الميثان؛ كما أنها الباعث الرئيسي لثاني أكسيد الكربون، حيث لا ينبغي التفوق على الولايات المتحدة، التي تطلق كمية من الميثان تقريبا مثل منافستها الآسيوية بينما في المقابل تبقى أوروبا هي القارة الوحيدة على هذا الكوكب التي خفضت انبعاثاتها بين 2000-2017، تقول موريل سونوا: “لا تأخذ الدراسة في الحسبان نقل النفايات أو الوقود الأحفوري بين القارات”، وإذا كانت أوروبا تنبعث كميات أقل من الميثان مباشرة في الهواء، فيجب أن نأخذ في الاعتبار حقيقة أنها تصدر جزءا من نفاياتها وتستورد كمية كبيرة من الوقود الأحفوري من قارات أخرى مثل النفط، في حين أن إحدى العقبات التي تعترض الملاحظات العلمية حول هذا الموضوع هي تعقيد تحديد انبعاثات غاز الميثان ومصادرها، على أي حال حتى لو كنا لا نعرف جميع مصادر الميثان، فإن الباحث حازم على حقيقة أنه: “يجب أن نستمر في قياس غازات الاحتباس الحراري بدقة من أجل القيام بكل شيء للبقاء ضمن حدود سيناريوهات اتفاق باريس “.
ووصلت انبعاثات غاز الميثان وهو أحد غازات الدفيئة ذات القدرة العالية على إحداث الاحترار العالمي إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة بينما نحن نعلم أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون هي السبب الرئيسي للاحتباس الحراري، يمكن أن يبقى غاز الدفيئة هذا في الغلاف الجوي لمدة تصل إلى 100 عام، من ناحية أخرى، يبقى الميثان صامدا لأكثر من عقد بقليل، إنه أقل من ذلك بكثير، لكن لا ينبغي أن ننخدع بهذه الفترة الزمنية: تأثيرها على تأثير الاحتباس الحراري أقوى 28 مرة من ثاني أكسيد الكربون بينما يبقى السبب الرئيسي لتغير المناخ هو ثاني أكسيد الكربون بشكل رئيسي من احتراق النفط والغاز والفحم والذي تستمر انبعاثاته في الزيادة لكن الميثان مسؤول عن 23٪ من الاحتباس الحراري منذ حقبة ما قبل الصناعة. وفي الواقع إذا كان أقل وفرة واستمر وقتا أقصر في الغلاف الجوي (حوالي تسع سنوات) فإن إمكاناته الاحترارية أعلى بكثير: ثمانية وعشرون ضعفا على مدى مائة عام و 86 مرة أكثر من عشرين عاما.
ويهدد الارتفاع غير المتوقع في غاز الميثان في الغلاف الجوي العالمي بمحو المكاسب المتوقعة من اتفاقية باريس للمناخ، ففي شهر أبريل الماضي أصدرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة بيانات أولية تظهر أن قفزة تاريخية في المستوى العالمي لغاز الميثان في الغلاف الجوي حدثت في عام 2018، تتوج هذه المعلومات بموجة من البيانات حديث العلماء والمعلومات التي تشير إلى أن مستويات الميثان المستقرة سابقا في الغلاف الجوي قد زادت بشكل غير متوقع في السنوات الأخيرة، ففي عام 2018 وصل مستوى الميثان في الغلاف الجوي إلى أعلى مستوى جديد له على الإطلاق مسجلا ثاني أكبر زيادة سنوية في العشرين عاما الماضية والأهم من ذلك أدى قفزة 2018 إلى الأمام إلى إطالة فترة التعافي غير المتوقع لعدة سنوات في نمو مستويات الميثان العالمية.
وهذا يسبب قلقا كبيرا في المجتمع العلمي، فقد حذر الباحثون من أن هذه الزيادة في غاز الميثان – أحد غازات الدفيئة القوية – تهدد بالقضاء على المكاسب المتوقعة من اتفاقية باريس للمناخ، وتعتمد هذه الاتفاقية في الواقع على نماذج تفترض أن مستوى الميثان مستقر، فلماذا يحدث انفجار الميثان هذا؟ هذا ليس مفهوما تماما بعد لكن معظم الخبراء يعتقدون أن جميع المصادر التقليدية (الطبيعية والبشرية المنشأ) تساهم على الأقل في جزء صغير في هذه الظاهرة وخاصة الأراضي الرطبة ومع ذلك، فإن الإجابة على السؤال حول مصدر الانبعاثات الذي يتسبب في زيادة غاز الميثان تختلف اختلافا كبيرا عن الإجابة على السؤال المتعلق بمصدر الانبعاثات الأفضل لاستهدافه لوقف هذه الزيادة، لذلك يتفق الخبراء على أنه مهما كانت العوامل الكامنة وراء هذه الزيادة فإن تقليل الانبعاثات الناتجة عن إنتاج وتوزيع الوقود الأحفوري في المقام الأول عن طريق إنهاء التسرب والتهوية هو أحد الخيارات القليلة المتاحة للتحكم في مستويات الميثان العالمية وهو الخيار الأكثر ملاءمة، وتمثل على الصعيد العالمي انبعاثات الميثان البشرية المنشأ حوالي 48٪ من إجمالي انبعاثات الميثان بينما تمثل انبعاثات الميثان من الوقود الأحفوري بمفردها حوالي 34٪ من إجمالي الانبعاثات البشرية، بينما يبقى في الولايات المتحدة هو نظام النفط والغاز هو المصدر الأساسي لانبعاثات غاز الميثان، ويشير أحدث تحليل إلى أن انبعاثات غاز الميثان في الولايات المتحدة من نشاط النفط والغاز قد زادت خلال العقد الماضي بنسبة 3.4٪ سنويًا بنحو 40٪ خلال العقد الماضي.
الميثان هو غاز دفيئ سريع الزوال ولكنه ذو قوة عظمى وهو ثاني أهم مساهم في الاحتباس الحراري الناتج عن الأنشطة البشرية بعد ثاني أكسيد الكربون إنه يمثل ربع الاختلال الإشعاعي البشري المنشأ منذ حقبة ما قبل الصناعة. قبل العصر الصناعي فقد كانت مستويات الميثان العالمية منخفضة ومستقرة نسبيا لمدة 800000 عام وتتراوح من 300 إلى 800 جزء في المليار بينما مع ظهور الزراعة ثم استغلال الوقود الأحفوري وارتفعت مستويات الميثان إلى أكثر من 1800 جزء في البليون، بينما منذ التسعينيات ، بدأ النمو في مستويات الميثان العالمية في التباطؤ ، وأصبح الميثان العالمي مستقرًا نسبيًا خلال الفترة 2000-2006. من الضروري ملاحظة أن مستويات الميثان اعتبرت مستقرة في نماذج المسار المعدة لاتفاقية باريس للمناخ، ومع ذلك استأنفت مستويات الميثان العالمية النمو السريع منذ عام 2007 واستمر هذا النمو الاستثنائي في عام 2018، ووجدت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أن معدل زيادة الميثان قد تسارع خلال السنوات الخمس الماضية، تجاوز معدل النمو الملحوظ للفترة 2007-2013 بنسبة 50٪ كانت آخر مرة لوحظ فيها هذا النمو في الثمانينيات عندما نمت صناعة الغاز في الاتحاد السوفياتي بسرعة كبيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن تقرير هيئة الأمم المتحدة الأخير الذي حذر من ظاهرة التغير المناخي أشار إلى أحد مصادر الاحتباس الحراري الذي لا تتسلط عليه الأضواء كثيرا، رغم أنه “أكثر مكرا”، وهو غاز الميثان فهو الغاز المتهم بأنه أحد أسباب تغير مناخ كوكب الأرض هو غاز الميثان وهو غاز غير مرئي أكثر بمقدار 80 مرة على الاحترار من ثاني أكسد الكربون، الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الأخير، قالت إن تركيز الميثان في الغلاف الجوي أعلى الآن من أي وقت مضى منذ 800 ألف عام على الأقل، في حين تحذيرات من مخاطر هائلة على البشرية في حال استمر النشاط الاقتصادي بنفس الطرق، ويشير التقرير إلى أن العلماء أصبح لديهم الآن فهم أفضل لكمية الميثان التي يطلقها النشاط البشري ومدى إسهامه في أزمة تغير المناخ. ومع اقتراب الأرض بسرعة من عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات فترة ما قبل عصر الصناعة، يقول العلماء إن انبعاثات الميثان يجب أن تنخفض بسرعة.

محمد بن عبو

خبير في المناخ والتنمية المستدامةرئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

Related posts

Top