من سيدني إلى مونتريال.. الشباب يعود بقوة في مسيرات من أجل المناخ

“يا له من يوم خرجنا فيه إلى الشوارع مرة أخرى في جميع أنحاء العالم! من المستحيل وصف مقدار الأمل الذي تمنحني إياه رؤية التزام الناس وتفانيهم الذي لم ولن يختفي بل على العكس تماما الناس مستعدون للتغيير، الناس يطلبون التغيير، عالم آخر ممكن!” بهذه الكلمات اختتمت الناشطة المناخية غريتا تونبيرغ اليوم التاريخي الذي خرج فيه ملايين الشباب في جميع ربوع العالم في ألمانيا، إيطاليا، فرنسا والبرتغال، كما في الهند وبنغلاديش والباكستان، يوم الجمعة 24 شتنبر 2021. كما خرج عشرات الآلاف من طلاب جامعات مونتريال إلى الشوارع في أكبر حشد “للعدالة المناخية” منذ شهر شتنبر 2019، عندما شاركت الناشطة المناخية غريتا تونبرج في مظاهرة ضخمة في مونتريال.
بعد ذلك بعامين انتقد الكثيرون بطء صانعي القرار السياسي في التحرك على الرغم من إلحاح الأزمة، فإذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة على حالة الطوارئ المناخية تعتقد لي إيلاردو أن: “صيف عام 2021 قد قدم العديد من التحديات المناخية في مقدمتها حرائق الغابات المدمرة ولاسيما موجات الحرارة الشديدة والجفاف، لقد تحدثنا دائما عن تغير المناخ في المستقبل، ونرى ذلك في اتفاقية باريس التي تحدد أهدافا للعقود القادمة، لكن بعد هذا الصيف، يجب أن نتحدث عن الاحترار في الوقت الحاضر أزمة المناخ هنا بالفعل”، كما تؤكد لي إيلاردو عضو اللجنة المنظمة لمسيرة مونتريال عام 2019.
شاركت عمدة مونتريال يوم الجمعة جنبا إلى جنب مع حوالي مائة ألف طالب في مسيرة كيبيك كجزء من أول تعبئة كبيرة للمناخ منذ بداية الوباء، ورسالة الطلبة التي ستكون في قلب المظاهرات المخطط لها في اثنتي عشرة مدينة كندية واضحة لا لبس فيها: “العمل السياسي لا يزال غير كاف للمهمة، على الرغم من الأدلة على كوارث المناخ التي تنتظرنا إذا لم نخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل جذري، “لقد توقف العمل السياسي، ربما رأينا خطوات صغيرة، لكن لم يكن هناك شيء كبير بما يكفي لتغيير المسار فعليا وتجنب الاحترار العالمي بمقدار ثلاثة درجات مئوية أو أربع درجات مئوية، ومع ذلك، يتعين علينا الخروج من هذا المسار إذا أردنا اقتصار الاحترار على 1.5 درجة مئوية” كما تؤكد روزالي تيبولت الناشطة في حركة لا بلانيت، وتضيف أن: “أحدث البيانات العلمية تثبت صحة التغيرات المناخية، يؤكد ذلك تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الذي نشر في شهر غشت الماضي، مشيرا أنه حتى إذا استقرت انبعاثات غازات الدفيئة ثم انخفضت خلال العقود القادمة، فمن المرجح أن يصل متوسط ​​الارتفاع في درجات الحرارة إلى +2 درجة مئوية في غضون عشرين عاما إذن قريبة من ثلاث درجات مئوية في أفق 2100، ومع ذلك لا توجد حاليا مسألة استقرار وحتى مع انخفاض أقل في الانبعاثات بل زيادة في السنوات القليلة المقبلة من خلال حساب الالتزامات الطوعية للدول فقد قدرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن الانبعاثات في طريقها للزيادة بنسبة 16٪ بحلول عام 2030، مقارنة بمستواها في عام 2010، ولتجنب الأسوأ تقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه بدلامن ذلك يجب أن تنخفض بنسبة 50٪، لذلك يقودنا الوضع الحالي إلى ارتفاع درجة الحرارة بما لا يقل عن 2.7 درجة مئوية، بينما وصلنا بالفعل إلى زيادة قدرها 1.1 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة”.
بعد ست سنوات من توقيع اتفاق باريس التاريخي، فإن هذا الإخفاق المعلن غير مقبول بالنسبة لـلناشطة المناخية الكندية لي إيلاردو، عضو مجلس إدارة “حركة شباب البيئة”، وتؤكد أن: “الاحتباس الحراري قنبلة موقوتة لكن قيل لنا إنه لأسباب سياسية واقتصادية سنترك هذه القنبلة تنفجر في أيدي الشباب والأجيال القادمة، هذه سنوات ضائعة عندما نستمر في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وسندفع ثمنها في غضون سنوات قليلة، لكن بمجرد أن نصطدم بالجدار سيكون الأوان قد فات”.
“وفي هذا السياق يرحب العديد من بإمكانية إعادة إطلاق التعبئة المناخية وإعادة اكتشاف الشعور بالانتماء إلى التغيير في المجتمع الذي يريد العديد من الناس التعبئة من أجله بعد عدة أشهر من الحجر الصحي والعزلة” كما تؤكد روزالي تيبو، وتضيف قائلة: “بسبب القلق البيئي لكل فرد في المنزل فهو شيئ صعب على الروح المعنوية”، ومع ذلك تخشى كل من تيبو وإيلاردو حدوث “انتعاش سياسي” معين، مثل ما شوهد في المظاهرة الكبيرة في مونتريال في شهر 2019، وقد شارك العديد من السياسيين- بمن في ذلك الرئيس الكندي جاستن ترودو، الذي كان وقتها في الحملة الانتخابية في المسيرة- ورددوا أنهم كانوا يستمعون إلى الشباب. وقالت روزالي تيبولت: “لكن بخلاف خطوط الاتصال التي تتحدث عن تغير المناخ، لم يقدموا أي شيء ملموس” وتضيف: ” بينما هذه المرة جاستن ترودو لم يكن مرحبا به ولن يكون موضع ترحيب في أي مسيرة مستقبلا بل سيكون من المفيد له كسياسي العمل على سياسات المناخ التي أفضت إلى الأزمة”.
وتتفهم آني تشالوكس الأستاذة في كلية السياسة التطبيقية بجامعة شيربروك هذا السخط الشبابي قائلة: “الشباب محقون في القلق بشأن الوضع، والإحباط ومطالبة الحكومات بفعل المزيد، هناك شكل من أشكال الظلم المناخي ننساه، سوف تتأثر الأجيال القادمة بمستوى لم يشهده جيل آخر من قبل “، ويؤكد الأمر الدراسة التي أصدرتها الأكاديمية الدولية في بداية الشهر الحالي بعد إجراء استطلاع للرأي في صفوف عشرة آلاف شاب تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما من عشرة بلدان أثبت أن 60٪ منهم “قلقين للغاية” بشأن تغير المناخ، والأسوأ من ذلك يقال أن أربعة من كل عشرة منهم يترددون في إنجاب الأطفال بسبب مخاوف بشأن المستقبل. ومع ذلك ترى شالو أن الوضع في كندا قد تحسن خلال العامين الماضيين، “لم تصل الاستجابة السياسية للأزمة بعد لكنني أعتقد أنه تم وضع العديد من المعالم الأساسية ولن يكون من الممكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أفكر في ضريبة الكربون أو القانون الفيدرالي بشأن المسؤولية المحايدة للكربون على سبيل المثال والذي سيجبر الحكومة على رفع مستوى طموحها”.
وتأمل حكومة ترودو التي أعيد انتخابها مؤخرا في خفض انبعاثات غازات الدفيئة في كندا بنسبة 40٪ إلى 45٪ بحلول عام 2030 مقارنة بمستواها في عام 2005. وخلال الحملة الانتخابية وعد الليبراليون أيضا بوضع حد أقصى للانبعاثات من قطاع النفط والغاز وهو الباعث الرئيسي في البلاد، ومع ذلك فإن آني تشالوكس تجزم : “يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك، ونعجل الخطى ونتوقف “الآن” عن دعم مشاريع الطاقة الأحفورية، على النحو الذي أوصت به وكالة الطاقة الدولية وتضيف: “قد يعني ذلك وضع حد لخط أنابيب ترانس ماونتن، هذه خيارات صعبة، لكنها اختيارات أساسية، فعلينا أن نكون متسقين مع ما يتطلبه العلم”
في غضون عامين وعلى الرغم من الوباء لم تفقد قضية تغير المناخ مكانتها البارزة في الخطاب السياسي حيث يطلب الناس المزيد والضغط أكبر، ربما لن تكون التعبئة يوم الجمعة على نفس مستوى ما رأيناه في عام 2019 لكن هذه القضية تبقى أكثر حضورا مما كانت عليه”، لهذا وقع الإضراب العالمي في عدة دول يوم الجمعة الماضي بتعبئة من حركة الشباب من أجل المناخ العالمية النداء الذي أطلقته قبل ثلاث سنوات الناشطة غريتا تونبرغ السويدية في نيويورك حيث كان هناك حوالي ألف منهم يسيرون في شوارع مانهاتن، بينما يوم الجمع الماضي خرج الشباب بقوة حيث تردد صدى شعاراتهم في شوارع مانهاتن الأمريكية: “العدالة المناخية حاليا وعلى دوي الطبول” عشرات الاف الاشخاص الغالبية العظمى من الشباب” في إضراب عالمي من أجل المناخ “، ساروا عبر الحي المالي إلى الجنوب من الجزيرة من ميدان فولي إلى باتري بارك الذي دعا إليه الحركة الشبابيى، حيث كانت قد أعلنت الحركة التي أطلقتها السويدية غريتا ثونبرج قبل ثلاث سنوات عن أكثر من 1500 حدث في جميع أنحاء الكوكب، هذه هي أكبر تعبئة منذ نهاية عام 2019 قبل أن يوقف كوفيد-19 الديناميكيات، وتبقى إحدى الطرق لممارسة الضغط على قادة العالم قبل أسابيع قليلة من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين للمناخ الذي سيعقد في غلاسكو اسكتلندا في الفترة من 31 أكتوبر إلى 12 نونبر والذي يعد بأن يكون حاسما.

حركة الشباب من أجل المناخ والمواقف الأوروبية المتذبذبة

في بروكسيل بدأ زعماء الاتحاد الأوروبي الـ27 المناقشات لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030، حيث سيكون المناخ على القائمة مرة أخرى في جدول أعمال القمة الأوروبية والتي ستناقش نقاطا أخرى وسيكون من المفروض على الدول السبعة والعشرين إيجاد طريقة لاحترام بروتوكول باريس للمناخ الذي نص على أن ترفع جميع البلدان طموحاتها المناخية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وهذا هو السبب في أن “حركة الشباب من أجل المناخ” تطالب من الاتحاد الأوروبي أن يستمع أخيرا إلى العلم: “لقد أظهرت أوروبا أنها تستطيع التصرف ردا على أزمة ما، لذلك دعونا نفعل الشيء نفسه مع أزمة الكواكب هذه” تقول الناشطة المناخية البلجيكية “أنونا دي ويفر”.
ويفترض أن تكون الدول الأعضاء قد حددت شروط النقاش دون البت في الأهداف المحددة للعام 2030 إلا أن 11 دولة من بينها فرنسا وإسبانيا وهولندا أعربت في رسالة مشتركة عن دعمها لخفض الانبعاثات بنسبة “55%” على الأقل بحلول 2030عام، لكن تحفظ دول أوروبية شرقية من بينها بولونيا التي تعتمد كثيرا على الفحم وترفض التعهد بتحييد أثر الكربون بحلول عام 2050. ما سيعقد الوضع إذ أنها قد تطالب هذه الاخيرة بتمويل إضافي، وهذه هي المرة الأولى منذ قمة المناخ بباريس التاريخية التي تطلق فيها أوروبا عملية مراجعة طموحها المناخي، حيث تدعو “حركة الشباب من أجل المناخ” رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروربي إلى كسر حاجز الصمت في النقاش حول زيادة طموح المناخ الأوروبي والانخراط بشكل كامل في المعركة لوضع هدف أوروبي مساو لأزمة المناخ أمام تخوف كبير من الدول المعارضة لتسريع التحول البيئي في القارة وعلى رأسها بولونيا.
وكان البرلمان الأوروبي قد اتخذ في أكتوبر من العام الماضي الخطوة الأولى نحو المشورة العلمية من خلال التصويت لصالح هدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 60٪ بحلول عام 2030، كجزء من قانون المناخ الأوروبي، وفي مواجهة هذه الديناميكية تطلب “حركة الشباب من أجل المناخ” من رؤساء الدول الأعضاء المشاركة الكاملة في هذه المفاوضات في القمة الأوروبية.

حركة الشباب من أجل المناخ تجمع شبابي احترافي

في بلجيكا، جمعت المسيرات المناخية عشرات الآلاف من الشباب استجابة لنداء حركة “الشباب من أجل المناخ”، حيث تعبأ الطلاب وتجاهلوا الفصول الدراسية للاحتجاج في الشوارع والمطالبة باتخاذ إجراءات لصالح المناخ، وبينما بدأت المسيرات الأولى في شهر دجنبر 2018، كان العام الماضي هو عام ظهور الحركة بالفعل وجعل صوتها مسموعا، وفي نهاية شهر يناير من العام الماضي، جمعت مسيرة من أجل المناخ ما بين 70 وثمانين ألف شخص في شوارع بروكسيل.
وبعد عام حافل بالأنشطة التي نظمها النشطاء البيئيون الشباب، تتحدث “يونا ماريت” باسم حركة “الشباب من أجل المناخ” بروكسيل عن آفاق الحركة قائلة: ” كان عام 2019 عاما كبيرا وكانت الخطوة الأولى في مرحلة طويلة هي تكريس الوعي المناخي، وإذا كانت لدي رغبة واحدة لعام 2020 فهي أن نتحدث أكثر عن كثير من العمل”، و من أجل تحويل الحركة إلى قوة أكثر نشاطا تضيف الناشطة البلجيكية: “اعتقد أننا سنواصل الضغط بالمسيرات ومن ثم بوسائل العمل الأخرى”
وبما أن الخطابات السياسية مثل خطابات “أورسولا فون دير لاين” رئيسة المفوضية الأوروبية ومشروعها “الصفقة الخضراء” أو مشروع “تشارلز ميشيل” الرئيس الجديد للمجلس الأوروبي الذي يريد أن يجعل من المناخ أولوية لها طموح حقيقي، فإن الناشطة المناخية تقول أن: “الخطابات الكبيرة التي تعد بإجراءات والتي تعد بالتغييرات فهي جيدة جدا بمعنى أنها تظهر جزءا من حسن النية ولكن طالما أننا لا نحقق نتائج ملموسة بالفعل، وهو ما سيتم توضيحه في الأرقام بتواصل الضغط” وتضيف: “السياسات ليست في الواقع على مستوى المشكلة” ومع اتخاذ إجراءات لصالح المناخ خاصة الحظر في بعض المدن على المركبات الأكثر تلوثا تقول: “إنه أمر جيد جدا لأنه يجب اتخاذ كل خطوة وعلينا أن نبدأ من مكان ما، وبالتالي سيكون كل شيء أفضل إذا فعلنا ذلك، ولكن الفكرة الآن هي أن نقول لأنفسنا حقا كيف مرة واحدة وإلى الأبد، يمكننا اتخاذ الإجراءات واتخاذ الإجراءات التي من شأنها تغيير الوضع وليس الإجراءات التي ستثبت أنها عديمة الفائدة لأنها ربما تكون قد غيرت الوضع، ولكن بنسبة 0.03٪ لم يتم استخدامها لا شيئ.”
بمبادرة من حركة الشباب من أجل المناخ بلجيكا – حركة شبابية أنشأتها الناشطتان المناخيتان البلجيكيتان “أنونا دي ويفر” و”كيرا جانتوا”- وعلى نهج الشابة السويدية غريتا تونبرغ، دعت الشابة البلجيكية “أنونا دي ويفر” من خلال مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي الشباب الأوروبي إلى التعبئة من أجل المناخ، حيث تجمع آلاف طلاب المدارس الثانوية في العاصمة البلجيكية بروكسيل بداية شهر يناير من العام الماضي، لمطالبة الحكومة والاتحاد الاوروبي بنهج سياسة طموحة لمكافحة الاحتباس الحراري، وتمثل هذه المسيرة بداية عشرين أسبوع من الحشد والتعبئة في صفوف الشباب، مسيرة جمعت حوالي 35000 شابا في شوارع بروكسيل، حيث انتهت هذه التعبئة عبر تنظيم إضراب مدرسي أسبوعي، وفي يوم 9 ماي 2019 قدمت الشابة البلجيكية لوسائل الاعلام رسالة تحت عنوان: ” نحن المناخ” تقول فيها: “إذا كان النظام الذي نعيش فيه يمنعنا من الاهتمام بالكوكب، فهو نظام لا يعمل وعلينا تغييره، فليس لدينا هناك سوى كوكب واحد، ومصيرنا مترابط معا حكومة ومواطنين، ويمكننا أن نبدأ اليوم في التحرك نحو مستقبل أفضل” وتضيف الناشطة المناخية أن: “المناخ ليس يساريا ولا يمينيا”.
وتقول أنونا دي ويفر: “عندما بدأنا إضرابات المناخ المدرسية، حصلنا على دعم جميع السياسيين اليساريين حيث كان يعبر أغلبهم بعبارات من مثيل: “أنتم رائعون ويجب أن تستمروا!”، بينما كانت كل الأحزاب اليمينية تقول لنا: “هذا أمر غير مقبول، عودوا إلى مدارسكم! “
وتؤكد الناشطة المناخية البلجيكية: “على الفور، وفي جميع أنحاء العالم، تم تحليل هذه التعبئة من منظور الانقسام بين اليسار واليمين، حيث ينظر البعض إلى تغير المناخ على أنه قضية يسارية، حيث بدا لنا الأمر غريبا حقا لأن أزمة المناخ هي أكثر الأشياء حيادية وعالمية وتؤثر حرفيا على الجميع، فإذا كنت مهددا بالفيضان، فلا يهم إن كنت من اليساريين أو من اليمينيين فحتما أنت معرض للغرق، وعندما يقول 97٪ من علماء العالم إننا نواجه موجة الانقراض الجماعي السادس في صفوف التنوع البيولوجي، فحتما ستنقرض الملايين من الأنواع الحيوانية والنباتية، حيث لا ينفع لا يسار و لا يمين في حماية المنظومات الإيكولوجية من الدمار البشري الممنهج، فقد حان وقت العمل الآن، بغض النظر عن مكان وجودك، وحتى لو كنت يمينيا، يمكنك محاربة الاحتباس الحراري لأنه ليس موضوعا حزبيا، إنه شيء يحدث الآن، وهو يتسارع، ويجب أن يشعر الجميع بالقلق بشأنه”.
حركة الشباب من أجل المناخ و النضال ضد الرأسمالية

لكن هل يتعارض نضال حركة الشباب من أجل المناخ بالضرورة مع الرأسمالية؟ تجيب الناشطة المناخية “أنا دي ويفر” أن: “هناك مشكلة كبيرة في هذا النظام الرأسمالي، نحن هنا بسببه، لكننا بشكل خاص لسنا مناهضين للرأسمالية ولسنا شيوعيين بالضرورة حتى نترافع عن المناخ، فنحن نؤمن بتغيير النظام المناخي لكن نحن لا نعرف كيف سيكون ذلك، ففي بلجيكا مؤخرا وضع مجموعة من عشرات الخبراء في المناخ والاقتصاد وعلم النفس خطة عمل مناخية يمكن تطبيقها على الفور في السياسات العمومية، لكن يجب أن يتم تعميم ذلك على المستوى العالمي، لأننا بلد صغير، والطريقة التي يستثمر بها المال في العالم الآن ليست صحيحة، حيث حوالي 50٪ من التلوث العالمي ناتج عن 1٪ من السكان إذن هناك شيء خاطئ، سيتعين على الدول الغنية أن تدفع الكثير من استثماراتها وتوجهها من أجل إنهاء هذه الأزمة المناخية، فلا يستطيع المزارع الإثيوبي الذي يكافح بالفعل لإطعام أسرته والعثور على عمل أن يساهم بنفس الطريقة مثل المزارع الكندي أو الأمريكي الذي يكسب مليارات الدولارات في الأسبوع، من المفروض أن يتحمل أصحاب الشركات الكبرى المسؤولية المناخية”، وتضيف الناشطة المناخية البلجيكية أنا دي ويفر: ” نحن مثاليون ونطمح أن تصبح المثالية والواقعية لدينا معدية، معا نحن المناخ”.

كرونولوجيا جميلة لحركة الشباب المناخية

مع انتهاء أشغال الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف للمناخ بمدينة كاتوفيتشي البولونية، علمت الشابتان البلجيكيتان أنونا وكيرا بخبر عدم وجود توافق في آراء الوفد البلجيكي المشارك في قمة المناخ، حيث لم يتمكن ممثلوا بلجيكا من الموافقة على توجيهين أوروبيين بشأن النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة. وكرد فعل على هذا الأمر وبطريقة مستوحاة من الناشطة المناخية السويدية غريتا ثونبرج، قررت حركة الشباب من أجل المناخ البلجيكية تنظيم أول مظاهرة مناخية في 10 يناير 2019 في بروكسيل حيث تم حشد حوالي ثلاثة آلاف شاب في الجمعة الاولى، وبعد أسبوع واحد كان هناك 12500 شاب والجمعة التالية تم حشد 35000 شاب وشابة لكن في 27 يناير بلغت الحركة ذروتها في “مسيرة من أجل المناخ” حيث تجمع 70.000حوالي شاب، ثم أصبحت أنونا وكيرا وجهان لجيل شاب يرفض أن ينام بسبب خطابات السياسيين المطمئنة، وتضيف الناشطة المناخية البلجيكية أنا دي ويفر: “مبادرة نحن المناخ يد ممدودة إلى كل السياسيين وصانعي السياسات ولكن أيضا ممدودة لكل واحد منا، وبهدف واحد العمل معا قبل فوات الأوان”.
ويعرف بعض الإعلاميين و المتتبعين لأعضاء حركة الشباب من أجل المناخ على أنها حركة عفوية، لكن إذا أردنا أن نعرف كيف تنطبق هذه العفوية بشكل ملموس على الحركة فيجب علينا دراسة حركة الشباب من أجل المناخ وفقا لأربعة أبعاد: برنامج العمل، والخيارات التنظيمية، وشكل الإلتزام، وقضايا النضال والعلاقة بالسياسة، وإنطلاقا من هذه الأبعاد الاربعة يمكننا أن نجد مكامن “العفوية” وعواقبها على تعبئة الشباب.
ولتمييز “حركة الشباب من أجل المناخ” عن الحركات الاجتماعية القديمة والحركات الاجتماعية الجديدة، كان لابد من الوقوف عند الفرنسي “ليليان ماثيو” دكتور العلوم السياسية وعالم اجتماع ومدير أبحاث في المركز الوطني للأبحاث الاجتماعية بمدينة ليون الفرنسية، والمتخصص في دراسة الحركات الاجتماعية، وستسمح لنا دراسة برنامج عمل الحركة، فهم الذخيرة والموارد وهيكلة الفرص السياسية المتاحة التي طورها “تشارلز تيلي” و”سيدني تارو” بفهم سبب اختيار الحركة لإعطاء شكل معين لتعبئتها، بالنسبة للبعد المتعلق بالخيارات التنظيمية، فإن مفهوم “جو فريمان” عن استبداد الهيكل سيقودنا إلى تأهيل فكرة عن أن الحركة يمكن تنظيمها بطريقة أفقية تماما، أما فيما يتعلق بشكل المشاركة، نستخدم نموذج جاك أيون للمشاركة المتباعدة، أما بالنسبة لقضايا النضال، فإننا سنستخدم التمييز الذي قدمه ماتيو بين الحركات الداعية إلى تحول سياسي جذري والحركات ذات الأهداف المحدودة والبراغماتية.

حركة الشباب من أجل المناخ وتقارير هيئة علماء المناخ

إن الطبيعة التلقائية لحركة الشباب من أجل المناخ ستنعكس بشكل أساسي على الإنتاج فالتركيز على تنظيم الحشد سيكرس كل الوقت للتعبئة دون الاهتمام ببناء الحركة ولا بإنتاج الموارد، على عكس مجموعة من المنظمات الشبابية البيئية العريقة خصوصا الكندية منها، و التي تشتغل منذ أزيد من أربعين سنة حيث راكمت عدة موارد على أرض الواقع، ويعتبر البحث العلمي هو قبل كل شيء عملية صارمة، حيث لا ينبغي ترك أي خطوة فيها للصدفة في الواقع، ويمكن أن يؤثر اختيار طريقة واحدة لجمع البيانات بدلا من طريقة أخرى بشكل كبير على النتائج، لذلك يتضمن كل مشروع بحثي انعكاسا منهجيا مسبقا وبناء طريقة جمع البيانات المناسبة لهدف الباحث، ونظرا لأن الأمر يتعلق هنا بفهم ممارسات حركة الشباب من أجل المناخ بناء فقط على سلسلة من المقابلات شبه المنظمة مع أعضاء الحركة، نظرا لأن حركة الشباب من أجل المناخ هي حركة حديثة النشأة، فلا يوجد أدبيات مرتبطة بها بشكل مباشر، ومع ذلك هناك العديد من المقالات والكتب حول دراسة سياسات الصراع بشكل عام وكذلك في علم اجتماع الحركات الاجتماعية على وجه الخصوص شكلت الأدبيات المكرسة لنظرية الحركات الاجتماعية الجديدة ونقد هذه النظرية نفسها موردا مهما لبناء النهج النظري لهذا العمل.
ونظرا لغياب الأدب المخصص مباشرة للحركة المدروسة، شكل العمل الميداني جزءا مهما لمعرفة ماهية الحركة و طبيعة تكوينها، ففي الواقع على الرغم من أن قراءة العديد من المقالات الصحفية جعلت من الممكن إنشاء تاريخ للحركة والإجراءات المتخذة وكذلك المضي قدما في تحديد بعض الفاعلين المركزيين، إلا أن الطريقة الوحيدة لتجميع المعلومات المتعلقة بالحركة يبقى هو التقرب من اعضاء النواة المركزية ومعرفة مخططاتهم المستقبلية ونظرتهم للواقع المناخي المعاش وكذا التعرف على طرق تمويل أنشطة الحركة وتعزيز الموارد المادية و اللوجيستيكية، إلا أن الأمر يعتبر من الصعوبة بمكان لتواجد مجموعة من العراقيل تحول دون الوصول الى الهدف المنشود، ومع الأخذ في الاعتبار هذه القيود، تم التواصل مع أعضاء النواة المركزية لحركة الشباب من أجل المناخ من أجل تحديد الجهات الفاعلة التي تفاعلت معها الحركة والتي ستكون ذات صلة بالعمل معها، ولاستكمال جمع المعلومات تم التواصل مع الناشطة المناخية البلجيكية “أديلايد شارلييه” مبدعة الحركة في إقليم والونيا البلجيكي، ومكن هذا التواصل الأخير من تأكيد فرضيات معينة والإجابة على الأسئلة.
وتجمع حركة الشباب من أجل المناخ بلجيكا عددا معينا من الأعضاء النشطين، وقد جمعت عدة آلاف من الأشخاص خلال كل نشاط من نشاطها، لذلك هذا عمل جماعي، وعنصر الصراع حاضر أيضا حيث تطالب الحركة من القادة السياسيين بتبني أولوية جديدة: مكافحة الاحتباس الحراري، وبما أن المطالب موجهة مباشرة إلى القادة السياسيين تجد الدولة نفسها متورطة في الصراع، وبالتالي فإن تعبئة الشباب من أجل المناخ تشكل شكلا من أشكال سياسة الصراع، ومع ذلك من أجل التبسيط التحريري، من المستحب تأهيل الشباب من أجل المناخ كـ “حركة”.
حركة الشباب من أجل المناخ في أفق 2050

وتستند الحركة إلى شكل أكثر مرونة من التعبئة يحترم استقلالية الأفراد، ويسير جنبا إلى جنب مع الأشكال الأفقية و “الشبكية” للتنظيم؛ وتستخدم الحركة تمثيلات مبتكرة وخلاقة تحاول من خلالها إيجاد حلول لعدة قضايا تهم تغير المناخ، في الواقع، بدلا من اعتبار الحركات الاجتماعية “القديمة” و”الجديدة” شكلين متتاليين من الحركات الاجتماعية بمرور الوقت، بدلا من اعتبارها نوعين مثاليين، في الواقع يوضح “ماتيو” من خلال عدة أمثلة أننا نجد حركات اجتماعية في جميع الأوقات بخصائص هذا النموذج أو الآخر، لذلك فهو يميز بين قطبين لكل من الأبعاد الأربعة: ذلك المرتبط بالحركات الاجتماعية “القديمة” و”الحركات الاجتماعية الجديدة”، وهكذا فيما يتعلق بمرجع الأعمال، يميز المؤلف الأشكال التقليدية للتعبئة: المظاهرات، الإضرابات، الملتمسات عن التمثيلات الفنية الأكثر إثارة القائمة على الدعابة أو الاستفزاز.
بالنسبة للخيارات التنظيمية فإن الهيكل الرأسي والصلب والبيروقراطي هو الذي يعارض التنظيم الأفقي غير الرسمي الذي يتم فيه اتخاذ القرارات بالإجماع، وتتناقض أشكال المشاركة مع نموذج النشاط المنتسب مع نموذج المشاركة المتباعدة، أما بالنسبة لرهانات النضال، فيفرق “ماثيو” بين الحركات التي تحمل مطالب أيديولوجية تسعى إلى إحداث تحول شامل في النظام الاجتماعي وتسعى للدخول إلى النظام السياسي لمواصلة النضال، ومن ناحية أخرى حركات تدافع عن قضايا أكثر محدودية، بأهداف أكثر براغماتية وأقل راديكالية وتبقي نفسها أكثر عزلة عن العالم السياسي، ونظرا لأنه ليس من المناسب التحدث بمصطلح “قديم” و “جديد”، فإن الهدف ليس هو تحديد ما إذا كانت حركة الشباب من أجل المناخ تقترب من أحدهما أو من الآخر، حيث يتحتم علينا فهم كيفية هذه العناصر الأربعة: مرجع العمل، والتنظيم، ونموذج المشاركة وقضايا النضال والعلاقة بالسياسة في حالة حركة الشباب من أجل المناخ.

حركة الشباب من أجل المناخ والعمل الشبابي

“التمثيلات مألوفة نسبيا وطرائق موحدة يستخدمها مجموعة من الفاعلين السياسيين لمعالجة طلب جماعي لمجموعة أخرى من الفاعلين السياسيين”، من بين التمثيلات الأكثر استخداما، يمكننا على سبيل المثال الاستشهاد بالمظاهرة، والعريضة، والضغط، والاعتصام، والمقاطعة، ويمكن لمجموعة من النشطاء اختيار استخدام نموذج واحد فقط للتمثيلات أو على العكس من ذلك الجمع بين عدة نماذج من التمثيلات، ويعتمد اختيار التمثيلات وتطور الشكل المعطى للعمل الجماعي على عدة عوامل، ومن بين هذه العوامل فإن الذخيرة المتاحة وهيكل الفرصة السياسية وموارد النشطاء لها تأثير كبير وتستحق التوضيح، ويبقى المرجع هو مجموعة التمثيلات التي تكون في مكان وزمان معين، معروفة ويمكن الوصول إليها من قبل عدد معين من الفاعلين السياسيين، وهكذا، عندما تقرر مجموعة ما التعبئة، فإنها ستختار من بين جميع التمثيلات التي تعرفها، والتي تعتبرها الأكثر فعالية في تقديم مطالبها، ضمن مرجع ما، يتم تصنيف بعض التمثيلات على أنها “معيارية”، أي أنها نموذج واسع الانتشار جدا للتمثيلات التي يمكن تكييفها مع عدد كبير من المواقف، هذه هي حالة المظاهرة بشكل خاص، وهو تمثيل تستخدمه على نطاق واسع حركة الشباب من أجل المناخ، بينما يبقى هيكل الفرصة السياسية هو “مجموعة خصائص النظام أو مؤسساته التي تسهل أو تعيق العمل الجماعي لـبعض الفاعلين السياسيين”، وبعبارة أخرى، هذه كلها سمات النظام السياسي التي ستؤثر على النشطاء في قرارهم بالبدء في التعبئة أم لا وبأي تمثيلات، وحدد “تشارلز تيلي” و”سيدني تارو” ستة خصائص رئيسية للنظام السياسي يمكن أن تؤثر على مسار العمل الجماعي: عدد مراكز القوة المستقلة داخل النظام، درجة انفتاح النظام على الجهات الفاعلة الجديدة، مستوى استقرار الاصطفاف السياسي وقت العمل الجماعي، توافر الحلفاء المؤثرين لأحد أطراف النزاع، الطريقة التي يقوم بها النظام بقمع أو تسهيل المطالب الجماعية، تغيير حاسم في أحد هذه العناصر الخمسة، لذلك، من المهم الإسهاب قليلا في دراسة هذا الهيكل وبالتالي على النظام السياسي لفهم كيف ولماذا اختارت حركة معينة تمثيلا على آخر، ومع ذلك، أكثر من الخصائص الموضوعية لهذا النظام، فإن الطريقة التي ينظر بها النشطاء إلى هذه الخصائص على أنها تشكل فرصا أو تهديدات هي التي ستشكل العمل الجماعي، في الواقع إذا حشدت جماعة ما، فإنها تقاتل ضد شيء تعتبره تهديدا، وتعتمد الطريقة التي يختار بها التعبئة على عدة عوامل، لكن من الواضح أن بعض خصائص النظام السياسي ستؤثر على هذا الاختيار لأن المتشددين يعتبرونها إما فرصا أو تهديدات أو قيودا.
في النظام الديمقراطي، يتم إضفاء الطابع المؤسساتي على بعض أشكال الصراع، وبعضها غير قانوني ولكن يتم التسامح معه، في حين أن البعض الآخر غير قانوني وقمعه، لذلك هناك تمييز بين “تعارض المحتوى” و”الصراع المتجاوز”، ويتسم النزاع المحتجز بوسائل عمل مصرح بها أو على الأقل يسمح بها النظام القائم، على العكس من ذلك، فإن الصراع التعدي هو صراع يلجأ فيه النشطاء إلى أشكال غير قانونية من الاحتجاج، لذلك من خلال اختيار شكل من أشكال التعبئة المسموح بها بدلا من شكل تعبئة غير قانوني أو العكس، يعرف النشطاء أنهم لن يثيروا نفس رد الفعل من الدولة، ومع ذلك في النزاع المحتوي، قد يلجأ النشطاء في مرحلة ما إلى وسائل عمل غير قانونية، لذلك فإن الخط الفاصل بين تعارض المحتوى والصراع التعدي ليس دائما محددا بوضوح.

حركة الشباب من اجل المناخ من سيدني الى مونتريال

على الرغم من لجوء حركة الشباب من أجل المناخ إلى مظاهرات أخرى، فإن المظاهرة هي التي استخدمتها الحركة بشكل أساسي منذ 10 يناير إلى 24 ماي 2019، نظمت الحركة مسيرات أسبوعية في بروكسل و في مدن أخرى من البلاد، تعرف التظاهرة بأنها: “احتلال مؤقت من قبل عدة أشخاص لمكان عام أو خاص مفتوح، والذي ينطوي بشكل مباشر أو غير مباشر على التعبير عن آراء سياسية”، لذلك يمكن أن تتخذ المظاهرة أشكالا متنوعة جدًا مثل موكب، أو تجمع ثابت في مكان مفتوح أو مغلق، أو اعتصام أو حاجز، أو حتى الجمع بين العديد من هذه الأشكال، ومع ذلك على الرغم من أن المظهر هو تمثيل معياري يمكن استخدامه وتكييفه مع العديد من المواقف، حيث يمكن طرح أسئلة معينة: ما هو الوضع القانوني للحدث؟ وما هي الخصائص المورفولوجية للمظهر:عدد المتظاهرين، شكل المظاهرة، ومن يدعو للاحتجاج؟ وما هي ملامح المتظاهرين؟ وما هي المطالب ولمن توجه؟ وكيف سار الحدث وكيف تم تأطيره؟ حيث تشير هذه الأسئلة إلى دراسة الحركة بشكل عام إلى الطريقة التي يتم بها تنظيمها داخليا.

التنظيم في حركة الشباب من أجل المناخ

كان التنظيم في السابق يأخذ بعدا أساسيا للعمل الجماعي وكذلك شرطا لنجاحه واستمراريته بمرور الوقت، وبالتالي فهو يستحق مزيدا من الاهتمام، ويميز “ليليان ماثيو” من ناحية البنى العمودية، الهرمية، والبيروقراطية للحركات التقليدية، ومن ناحية أخرى، البنى الأفقية والمرنة “للحركات الاجتماعية الجديدة”، وأظهرت العديد من الدراسات حول حركات العولمة المتغيرة في السنوات الأخيرة، يرفض هذا النوع من الحركات إضفاء الطابع المؤسساتي ومركزية السلطة التي تميز الحركات التقليدية وتفضل أنماط التنظيم التي يكون لكل فرد فيها الحق في الحديث وحيث يتم اتخاذ القرارات بشكل جماعي، حيث توجد هذه المرونة أيضا في الروابط بين المنظمات، في الواقع ترتكز على هيكل وطني هرمي مدرج في شبكة إيديولوجية ممثلة في المشهد السياسي، فإن ترتبط “الحركات الاجتماعية الجديدة” ببعضها البعض عن طريق روابط أفقية وعابرة في كثير من الأحيان، في شبكة مفتوحة وقابلة للتوسيع.

< بقلم: محمد بن عبو

خبير في المناخ والتنمية المستدامة
رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

Related posts

Top