الفرق بين حزب وحزب…

عرف عن حزب التقدم والاشتراكية دائما أنه يحرص كثيرا في اختيار المعجم والصياغات في مختلف المواقف والبلاغات والأطروحات والشعارات التي تصدر عنه ولا يترك شيئا للصدفة أو للارتجال، وفِي عديد المرات، كان المحللون لشأننا السياسي الوطني يتوقفون عند هذا التميز المشهود به للحزب التقدمي، ويستشهدون بالبلاغات التي تصدر عنه، ومستوى الصياغة الدقيقة والمحكمة لما يعبر عنه من مواقف.
في هذه الانتخابات لم يتنازل الحزب عن هذه الصرامة الفكرية والدقة المنهجية، وبلور برنامجه الانتخابي وشعاراته ضمن نفس المنظومة المرجعية، وذلك كان الدليل على وجود فرق فعلا بين حزب وحزب، وأن (ولاد عبد الواحد ليسوا كلهم واحد).
البرنامج الانتخابي لحزب التقدم والاشتراكية أعده أطر الحزب وخبراؤه ومناضلاته ومناضلوه، وأفرزت مضامينه نقاشات عديدة أقامها الحزب داخليا ومع فاعلين من خارج صفوفه طيلة شهور سبقت مواعيد الاستحقاقات.
وعكس هذا البرنامج أيضا محددات الهوية الفكرية والمرجعية للحزب، ومن ثم يعتبر دفتر التزامات بين الحزب والشعب.
الشعار الانتخابي، بدوره، وفضلا عن هدفيته التواصلية الطبيعية، فهو يعبر عن رؤية سياسية وبرنامجية للحزب تنادي بجودة الحكامة في تدبير الشأن العام، وتقوية الجدية والنزاهة والمصداقية، ومحاربة الفساد، أي خدمة البلاد بـ «المعقول».
وسواء من خلال برنامجه الانتخابي أو أيضا من خلال شعاره، فإن حزب التقدم والاشتراكية يعرض أمام شعبنا، بمناسبة هذه الانتخابات، رؤية سياسية وبرنامجية ومجتمعية شاملة ومتكاملة، وهي تجسد هويته التاريخية كحزب وطني يساري تقدمي حداثي…
وعندما نضيف إلى ما سبق، الاختيارات البشرية التي أقرها الحزب في تحديد المرشحات والمرشحين، فالخيط الناظم يبدو واضحا كذلك.
صحيح أن (السوق) الانتخابي، والسوسيولوجية العامة لواقعنا السياسي الحالي، لم تعد تخلو من إكراهات وتجليات إحباط وضغط، خصوصا بالنسبة لقوى تقدمية يقوم عملها ووجودها على المناضلات والمناضلين، ولكن، مع ذلك، التقدم والاشتراكية يخوض المعركة الديموقراطية ويواجه كل الضغوط والمثبطات الموجودة في الميدان، ويرفض الاستسلام واليأس والعدمية، ويسعى من داخل الواقع المنفر والصعب إيجاد مواقع لصوت العقل والجدية و(المعقول)، وأيضا من وسط كل هذه المنغلقات يحاول صياغة عرض ترشيحي يتميز بوجود كفاءات نضالية وفعاليات ذات مصداقية وخبرة، ويستحضر في ذلك ضرورة الارتقاء بعمل المؤسسات، وصيانة مصالح بلادنا وشعبنا، والصورة الديموقراطية والتنموية العامة للمغرب.
وعندما تفاعل الحزب مثلا مع الديناميات المحلية المتنامية في مناطق مثل: جرادة أو تنغير أو الحسيمة أو الناظور، واحتضن فعالياتها المحلية المناضلة، تماما كما فعل في مناطق أخرى، فهو كان يبلور بديلا ونموذجا تأطيريين متميزين، أي أنه يساهم في تعزيز انخراط شباب هذا الوطن في الدينامية السياسية والتنموية العامة للمغرب الراهن…
ولم يكن كامل هذا الجهد التنظيمي والتواصلي والإقناعي نتاج تحرك طارئ فرضته جولة الحملة الانتخابية، وإنما نجم عن عمل في العمق امتد شهورا من قبل، وعرف حوارات سياسية وترافعية في الميدان، وهو ما تقدر عليه فقط الأحزاب ذات التاريخ، والممتلكة لهوية نضالية وفكرية أصيلة.
هنا أيضا يبدو واضحا الفرق بين أحزاب وأحزاب، ويتأكد أن التقدم والاشتراكية، وبرغم كل تعقيدات الواقع وإحباطاته، فهو يحرص على الدقة في كل خطوة يخطوها، ولا يفرط أبدًا في التعبير عن مقومات هويته النضالية، وما يميزه من دقة التحليل وحسن التقدير ووضوح النظر للواقع ولمصلحة البلاد.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم , , ,

Related posts

Top