المغرب يتفوق عربيا وإفريقيا في التقرير السنوي لمؤشر التنمية المستدامة 2021

‘’أصبحت أهداف التنمية المستدامة أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى، فقد حان الوقت الآن لتأمين رفاه الناس والاقتصاد والمجتمعات وكوكبنا هذا” كما يؤكد أنطونيو غوتيريش الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة في ختام التقرير السنوي لمؤشر أهداف التنمية المستدامة لعام 2021، هذا التقرير الذي يبرز مجهودات الدول 193 الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة هذا بالرغم من كون جائحة كوفيد 19 كانت بمثابة عائق في وجه الطموح العالمي، بينما ستبقى المرحلة المقبلة مرحلة العمل من أجل بلوغ التعافي التام سواء كان اقتصاديا اجتماعيا أو بيئيا بعد التأثيرات السلبية للجائحة على شعوب ودول المعمور، ولن يكون العمل مثمرا إلا عبر تبني نهج مستدام ومرن ويشمل الجميع، التقرير الأخير لهيئة الأمم المتحدة الذي يسلط الضوء على نجاحات المغرب المتعددة وفي كل الأصعدة يبرز أن المملكة المغربية نجحت في تحقيق ما نسبته 70.5% من أهداف التنمية المستدامة لهيئة الأمم المتحدة ليأتي المغرب في المرتبة 69 من بين 169 دولة متقدما على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث وفي إطار مواجهة تحديات التغيرات المناخية التي أكد الخبراء أنها ستبقى مستمرة وبلا هوادة وإلى حد كبير وفي هذا الإطار نجح المغرب في الانخراط في نهج سياسة مناخية واضحة المعالم تروم تحقيق التناغم بين السياسات العمومية والبرامج والمخططات الوطنية والتزامات المغرب الدولية وكذا بفضل الإرادة القوية على أعلى المستويات، وفي تطبيق التزاماته في مجال أهداف التنمية المستدامة تمكن المغرب في تحقيق تقدم ملحوظ على مستوى عدد من الأهداف السبعة عشر، خاصة في مجال تيسير الولوج إلى الخدمات العامة الأساسية، ويبقى كسب رهان أهداف التنمية المستدامة رهين بانخراط والتزام كافة الجهات الفاعلة.
وكان المغرب حاضرا وسباقا لتقديم مشاريع ومقترحات على المستوى الدولي إذ أنه قبل الإعلان الأممي عن أهداف التنمية المستدامة دعا الملك محمد السادس سنة 2009 في خطاب العرش إلى بلورة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، كما أن دستور 2011 كرس الحق في التنمية المستدامة والعيش في بيئة سليمة، ولقد تعزز انخراط المغرب على مسار تسريع تنزيل أهداف التنمية المستدامة من خلال اعتماد الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 من طرف المجلس الوزاري تحت الرئاسة الفعلية للملك محمد السادس  يوم 25 يونيو 2017، وترتكز هذه الإستراتيجية التي تم إعدادها بتشاور مع كل الفعاليات الوطنية من سلطات عمومية، وقطاع خاص، وممثلي المجتمع المدني على مرجعيات واضحة دستوريا وقانونيا، كما تعتبر آلية ناجعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.
وتشكل أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي تم تبنيها في شهر دجنبر 2015 من قبل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة من ضمنها المغرب الإطار المرجعي لمجموعات من الاستراتيجيات ومخططات وبرامج عمل الدول الأعضاء، حيث مع تنزيل أهداف التنمية المستدامة سيرتقي طموح العالم في أفق عام 2030 للقضاء على جميع أشكال الفقر وعدم المساواة من خلال عدم المغادرة لا أحد آخر لضمان رفاهية السكان، لحماية بلدنا كوكب الأرض وتعزيز السلام والازدهار والشراكات، وغني عن القول أن نطاق أهداف التنمية المستدامة وتعقيد التحديات لتحقيق هذه الطموحات يعني تنفيذ سياسات أكثر تكاملا ومتماسكة، الأمر الذي يجبر جميع البلدان على إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها التحديات، كما يدعو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الدول الأعضاء إلى تبنيها أساليب جديدة للحكم تعزز الملكية والشراكات والمسؤولية المشتركة للجهات الفاعلة على جميع المستويات لتنفيذ المشاريع تحويلية ومواتية لمجتمعاتهم.
هذا على الرغم من أنها دخلت عامها السادس من التنفيذ إلا أنه لا تزال خطة التنمية المستدامة بحلول عام 2030 تمثل تحديا كبيرا ولا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه لتحقيق مجتمعات مستدامة وقادرة على الصمود، إذا تم إحراز تقدم في العديد من المجالات، وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية تستمر على عدة مستويات سواء كان ذلك إقصاء للشباب والنساء سوق العمل عدم المساواة بين الجنسين، وتهميش مناطق معينة ومخاطر الأمن الغذائي، أو حتى التفاوتات في الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم أو الصحة أو الحماية الاجتماعية، فقد أدى الانخفاض المؤقت في الأنشطة البشرية في فترات الحجر الصحي المواكب لجائحة كورونا إلى انخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة، ولكن تركيزات الغازات الدفيئة استمرت في الزيادة خلال عام 2020 حيث بلغت مستويات جديدة مع اعتبار أن عام 2020 صنفه الخبراء من السنوات الثلاث الأكثر دفئا على الإطلاق وحيث أن هناك مناطق عبر العالم سجلت درجات حرارة قياسية لم يتم تسجيلها مطلقا حيث كان متوسط ​​درجة الحرارة العالمية حوالي 1.2 درجة مئوية فوق المستوى المرجعي من 1850 إلى 1900، لكن للأسف العالم لا يزال بعيدا عن المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاق باريس التاريخي للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة ولتحقيق صافي انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون على الصعيد العالمي بحلول عام 2050، حيث في مواجهة كارثة مناخية وشيكة يكتسب العمل المناخي أهمية بالغة بعدما تم إطلاق السباق إلى الصفر بعد تشكيل تحالف من الشركات والمدن والمناطق والمستثمرين حول مبادرات خفض الانبعاثات الصفرية وتحقيق صافي الكربون وتحديد نقاط التحول المحددة على المدى القصير لأكثر من عشرين قطاعا من الاقتصاد العالمي، اعتبارا من دجنبر 2020 جاء أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي من مناطق ذات أهداف فعلية أو متوقعة صافي انبعاثات صفرية بحلول حتى عام 2050 والتي تغطي أكثر من نصف سكان العالم والانبعاثات.
لقد كشف الوباء العالمي نقاط ضعف البشرية، لقد أظهرت للعالم بأسره الضرر الذي يمكن أن تسببه أزمة أقل خطورة من حالة طوارئ مناخية في على نطاق واسع، يجب أن نصغي لهذا التحذير ونغتنم هذه الفرصة لإعادة البناء بطريقة تسمح لنا بذلك تقليل الانبعاثات وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ سيستمر الارتفاع في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لجلب الاقتصادات إلى الحياد الكربوني، في عام 2015 التزم 196 طرفا في اتفاق باريس بإعادة التوجيه استراتيجيات التنمية الخاصة بهم نحو الاستدامة والمطالبة بها، الحد من الاحترار العالمي إلى أقل بكثير من 2 درجة مئوية من الناحية المثالية 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، ولتحقيق هذا يجب الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية 45٪ بحلول عام 2030 من مستويات 2010 وتحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، بينما بلغ تأثير الدفيئة مستويات عالية جديدة في عام 2020 وهو المتوسط عالم كسور الخلد CO2 تتجاوز 410 أجزاء لكل مليون.
ولقد أدت جائحة كوفيد 19 إلى انخفاض كبير في الأنشطة البشرية في عام 2020 مما أدى إلى انخفاض مؤقت في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون ففي الوقت الذي شهدت فيه البلدان المتقدمة أكبر انخفاض لانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون مع حدوث انخفاضات بلغ متوسطها 10٪ تقريبا، في مقابل ذلك انخفضت انبعاثات الغازات الدفيئة للبلدان النامية بنسبة 4٪ مقارنة بعام 2019، هذا وعلى الرغم من هذه الانخفاضات المؤقتة لانبعاثات الغازات الدفيئة في عام 2020 تبرز البيانات الصادرة من بقاع أخرى عبر العالم ولاسيما ماونالوا في الولايات المتحدة الأمريكية وكيب غريم في تسمانيا تشير إلى ذلك مستويات تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون و غاز الميثان وغاز أوكسيد النيتروجين استمرت في الزيادة في عام 2020، في شهر دجنبر لعام 2020 انتعشت الانبعاثات بالكامل وسجلت زيادة بنسبة 2٪ اعتبارا من دجنبر 2019، حيث مع تعافي العالم من وباء كورونا من المتوقع أن تستمر الانبعاثات في الارتفاع ما لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة لتحقيق الفائض في حياد الكربون.

المساهمات المحددة وطنيا والجهود الطوعية

تعتبر الجهود الطوعية للبلدان للحد من الانبعاثات الوطنية والتكيف مع آثار تغير المناخ موصوفة أمرا جد مهم ومطلوب تقديمه من طرف جميع الدول الأعضاء في اتفاقية باريس بشأن المناخ، ولإنشاء وإبلاغ وتحديث المساهمات المحددة وطنيا المتتالية التي يخطط لتحقيقها، على سبيل المثال في شهر ماي 2021 قدمت 192 دولة وطرف في الاتفاقية الأطر للتغيرات المناخية أولى مساهماتهم المحددة على المستوى الوطني إلى أمانة الاتحاد الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، بالإضافة إلى ذلك واعتبارا من شهر دجنبر 2020، تم تقديم 48 مقترح مساهمة محددة وطنيا لأول مرة أو تم تحديثها حيث تقدمت خمسة وسبعون دولة وطرف فقط من ضمن 192 دولة حيث تمثل في مجموعها هذه المساهمات المحددة وطنيا 30٪ فقط من الانبعاثات الشيء الذي لا يخدم مصالح تنزيل اتفاق باريس التاريخي.
في سنة 2017 تم إدراج ولأول مرة معلومات التكيف ضمن المساهمات المحددة وطنيا، حيث تقوم البلدان بصياغة المزيد من الأهداف والمؤشرات الكمية للتكيف وإقامة روابط بين التكيف وأهداف التنمية المستدامة فقد تم تحديد مجالات التكيف ذات الأولوية في المساهمات المحددة وطنيا مثل الأمن الغذائي والإنتاج والنظم الإيكولوجية الأرضية والرطبة وموارد المياه العذبة صحة الإنسان والقطاعات والخدمات الاقتصادية الرئيسية، حيث أصبحت المزيد والمزيد من البلدان تعطي الأولوية للصياغة ولتنفيذ الخطط الوطنية للتكيف مع التغييرات جهود تغير المناخ لتعزيز جهودها في هذا المجال، وتشمل هذه المخططات بناء السدود للحماية من الفيضانات، وإنشاء أنظمة الإنذار المبكر للأعاصير أو التحول إلى المحاصيل التي تتحمل الجفاف، وعلى سبيل المثال 125 دولة من بين 154 دولة نامية أو في طور النمو قدمت مخططاتها الوطنية للتكيف من بينها 22 دولة قدمت خططها إلى أمانة الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، هذا في الوقت الذي تضاعف الدول المتقدمة جهودها لتقديم المشورة والدعم الفني والدعم المالي والعلمي واللوجيستيكي للبلدان الضعيفة النمو والمعرضة بشكل خاص لآثار تغير المناخ من أجل تطوير وتنفيذ مخططات التكيف، في الوقت الذي يطمح فيه العالم لإلى التحول والانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون وقادر على الصمود في وجه التغيير يفضل المناخ من خلال زيادة الدعم المالي لتمويل المناخ المقدم من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية في الزيادة مما يعكس الالتزام بدعم التحول العالمي إلى مستقبل منخفض الكربون وقادر على التكيف مع تغير المناخ، وللعلم فقط يبلغ إجمالي التمويل المتعلق بالمناخ الذي أبلغت عنه الأطراف المدرجة في المرفق الأول من اتفاقية باريس في متوسطه السنوي 48.7 مليار في 2017-2018 بزيادة قدرها 10٪ مقارنة مع 2015-2016، بينما خصصت أكثر من نصف المساعدات المالية لتمويل المناخ لعام 2017-2018 كان مخصصا للتخفيف، ونصيب المساعدات التكيف آخذ في الازدياد، والعديد من البلدان تعطي الأولوية التكيف في مساعداتهم المالية، بينما تم تصريف ثلثي المساعدات المالية المقدمة في 2017-2018 ما يعادل بمتوسط ​​سنوي قدره 32.3 مليار دولار من خلال القنوات الثنائية والإقليمية وغيرها، في حين أن الثلث المتبقي تم صرفه من خلال مؤسسات وصناديق متعددة الأطراف مثل صندوق المناخ الأخضر، حيث بالموازاة مع الدعم المقدم لصياغة الخطط تتزايد باطراد خطط التكيف الوطنية في إطار برنامج دعم الأنشطة التحضيرية والتخطيط التابع للصندوق الأخضر للمناخ في جميع المناطق والمجموعات، حيث قدم أحد عشر بلدا ناميا 23 مقترح مشروع إلى الصندوق الأخضر للمناخ من أجل التمويل حيث تمت الموافقة على سبع مقترحات مشاريع أي ما مجموعه 464 مليون دولار ، بينما في الفترة 2017-2018 كان الدعم المناخي المحدد هو الأكثر حصة كبيرة من إجمالي تمويل المناخ هذا التمويل الذي انخفض بمرور الوقت حيث بلغ معدل الانخفاض من أكثر من 40٪ من الإجمالي خلال الفترة 2011-2012 إلى حوالي 25٪ في الفترة الممتدة ما بين 2017-2018.

الإجهاد المائي وتغير المناخ

أصبحت النظم البيئية مضطربة تحت وطأة تغير المناخ، هذا في الوقت الذي يزداد الإجهاد المائي سوءا ويزداد الشعور بآثار تغير المناخ حدة حيث أصبحت ظاهرة التصحر تؤثر على 80 إلى 90٪ من الأراضي حسب كل بلد، وفي مواجهة هذا الوضع كان المغرب قد أعرب خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2016 عن استعداده للتطوير نهج متكامل ومتقارب لمختلف الاستراتيجيات القطاعية في سياق تحقيق أهداف التنمية المستدامة، في الواقع تم تنفيذ أهداف التنمية من خلال استراتيجيات قطاعية لا تتقاطع وتقاربها لا يتم التأكد منه دائما ويشكل تحديا للمغرب، في هذا الإطار تمت الموافقة على الخطة الوطنية للتنمية المستدامة 2016-2030 في شهر يونيو 2017 ويمكن استخدامها على النحو المنصوص عليه في الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة إطار مرجعي وتقارب مختلف السياسات العامة التي تهدف إلى التنمية المستدامة، وفي المغرب يتم وضع إطار حكامة للإدارة ومتابعة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع لجنتين: لجنة استراتيجية برئاسة السيد رئيس الحكومة، مع دور التوجيه السياسي والاستراتيجي من جهة ولجنة توجيهية بقيادة كتابة الدولة في التنمية المستدامة ولها دور رقابي فعال لتنفيذ الاستراتيجية في حين تتولى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون دور القيادة السياسية لأهداف التنمية المستدامة في حين تواصل وزارة الشؤون العامة والحكامة العمل على التقارب والمواءمة بين السياسات العامة، ومع ذلك لا يزال من المهم تحديد الهيكلة التي ستكون مسؤولة عن تنسيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفي المغرب يكرس دستور 2011 التنمية المستدامة باعتبارها حق لجميع المواطنين وينص على الميثاق الوطني والقانون الإطار للبيئة والتنمية المستدامة حيث يؤكد هذا القانون على المبادئ التكامل والمسؤولية والمشاركة، استراتيجية وطنية التنمية المستدامة تركز على الانتقال إلى اقتصاد أخضر الذي تمت الموافقة عليه في عام 2017، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى أن تكون إطار عمل موحد يحدد مسار جميع السياسات العامة والقطاعية وتوجه أعمال جميع أصحاب المصلحة بهدف تحقيق التنمية الديناميكية الاقتصادية والاجتماعية، وتهدف إلى تعزيز الاتساق والتكامل بين الاستراتيجيات والخطط القطاعية والبرامج الحالية التنفيذ، من أجل تحسين الكفاءة، وتسلط الضوء على الدور الرئيسي للقطاع القطاع الخاص والسلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية.
في صيغتها الحالية فإن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تقوم على أربع ركائز (اقتصادية، اجتماعية، بيئية وثقافية) تدمج بشكل شامل غالبية أهداف التنمية المستدامة حيث فقط الهدف الخامس المتعلق بالنوع الاجتماعي هو الوحيد الذي لم يؤخذ في الاعتبار على وجه التحديد، وبدرجة أقل الهدف الثامن، وسبق للمغرب أن نظم ورش عمل إقليمية للتوعية بأهداف التنمية المستدامة في عام 2016 ومشاورة وطنية حول سياق خطة 2030 حيث أسفرت المشاورات عن صياغة أولى للأولويات الوطنية المتعلقة بـأهداف التنمية المستدامة 15 وخارطة طريق لتنفيذ ورصد وتقييم تنزيل الأهداف بدقة، و يدور هذا حول المحاور الاستراتيجية التالية: تعزيز وتوطيد الملكية الوطنية لأهداف التنمية المستدامة، ووضع سياق أهداف التنمية المستدامة وإدماجها في السياسات القطاعية و تعزيز قدرات الفاعلين المؤسسيين وإنشاء نظام مراقبة متكامل وتقييم السياسات العامة التي تستهدف أهداف التنمية المستدامة.
وتعمل المندوبية السامية للتخطيط على مراجعة تقارب السياسات القطاعية مع أهداف التنمية المستدامة وكذلك جرد وتقييم القدرة الإحصائية الوطنية لضبط المؤشرات من أهداف التنمية المستدامة عبر الية النمذجة تسمح برسم إطار للاقتصاد الكلي كافية ولتقييم الآثار المشتركة لأهداف التنمية المستدامة في الوقت الذي لم يتم تحديد بعد الآلية المؤسساتية للتوجيه والتنسيق والمتابعة والتقييم من أهداف التنمية، هذا في الوقت الذي يعتبر المغرب شريكا استراتيجيا دوليا لمكافحة تغير المناخ، بالطبع يعتبر المغرب من الدول الأوائل التي بادرت بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1992 والتصديق عليها عام 1995 وبالتوقيع على بروتوكول كيوتو عام 1997 والتصديق عليه عام 2002 وبالتوقيع والمصادقة على اتفاق باريس عام 2016، وفي إطار تنزيل اتفاق باريس الذي ينص في مادته الرابعة على الإبلاغ عن المساهمات المحددة وطنيا كل خمس سنوات اعتبارا من عام 2020، بدأت المملكة المغربية عام 2020 مراجعة مساهماتها المحددة وطنيا والمقدمة إلى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والتي تم تقديمها بتاريخ 19 شتنبر 2016، بعد المصادقة على اتفاق باريس التاريخي، حيث وضع المغرب على المستوى الوطني خطته الوطنية للمناخ 2020-2030 والخطة الوطنية للتكيف وتنزيلهما على المستوى الجهوي حيث من المنتظر أن تعرف سبع جهات مخططات جهوية للمناخ: جهة بني ملال خنيفرة، جهة طنجة تطوان الحسيمة، جهة الدار البيضاء سطات، جهة درعة تافيلالت، الجهة الشرقية، جهة كلميم واد نون وجهة العيون – الساقية الحمراء بعدما انتهت جهة سوس ماسة من إعداد مخططها الجهوي للمناخ.

المخطط الوطني للمناخ للمغرب

سطر المغرب مخططا وطنيا للمناخ يواكب التحديات المناخية، وبالرغم من أن المغرب هو بلد منخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ومع ذلك فهو عرضة لتأثيرات تغير المناخ وفي مقابل ذلك فالمغرب ملتزم بالفعل بتحدي المناخ دوليا حيث شرعت المملكة المغربية في تحول تاريخي نحو نموذج تنموي جديد يحترم مواردها البشرية والطبيعية على حد سواء، من خلال هيكلة المشاريع الكبرى مثل السياسة الطاقية أو البرنامج الوطني للماء، والإدارة المستدامة للنفايات الصلبة والسائلة، إن عملية مكافحة الاحتباس الحراري التزام وطني طوعي يهدف إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة في أفق عام 2030 بنسبة 42٪ ويتطلب إجمالي الاستثمار 50 مليون دولار المغرب لديه الآن إطار استراتيجي متين يتمثل في الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة والإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والمخطط الوطني للماء كلها مخططات تهدف إلى ترسيخ تخطيط وهيكلة المشاريع المناخية على مكونات وآفاق محددة، وسيسمح هذا الالتزام للمغرب بتقليل 523.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون خلال الفترة 2020-2030 عبر ضمان الانتقال السريع إلى اقتصاد منخفض الكربون، ويشكل المخطط الوطني للمناخ 2030 خارطة طريق للتنسيق وإطارا لتطوير السياسات المناخية على المدى المتوسط ​​والطويل، مما يجعل من الممكن نهج خطط استباقية وطموحة للتحديات التي يطرحها تغير المناخ على المستويين الوطني والدولي، ويعتمد اتساق المخطط الوطني للمناخ بشكل أساسي على التدابير وتوجهات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والمساهمات المحددة وطنيا وعلى التقاطع الايجابي للاستراتيجيات القطاعية والتنمية المستدامة، فإدارة المناخ هي القضية الرئيسية لنجاح تدابير التخفيف والتكيف المتخذة في مواجهة تغير المناخ.
يمتلك المغرب اليوم حكامة مناخية جيدة نظرا لتكاثر وترابط مسؤوليات القطاعات الحكومية المشاركة في تصميم وتطوير سياسة المناخ الوطنية، حكامة رشيدة لضمان التنسيق المؤسساتي والقطاعي الجيد عبر تطوير مشاريع إستراتيجية وتعزيز الترسانة القانونية وتنمية سبل التعاون الدولي والإفريقي، وبسبب هشاشة النظم البيئية المغربية يجب أن يضمن المخطط الوطني للمناخ 2030 على سبيل الأولوية تكييف القطاعات والموارد الرئيسية مع تغير المناخ، وتكثيف جهود التكيف مع التغيرات المناخية على موارد المياه والقطاع الزراعي والموارد السمكية والنظم البيئية الهشة والتنوع البيولوجي، بينما فيما يتعلق بالتخفيف سيتم ضمان الوفاء بالتزامات المغرب من خلال التدابير المتخذة في جميع قطاعات الاقتصاد، وسيعمل المخطط الوطني للمناخ على توحيد أهداف التخفيف للجميع الاستراتيجيات وخطط العمل القطاعية ولاسيما في مجالات الطاقة والزراعة، النقل والنفايات والغابات والصناعة والإسكان، وتولي خطة المناخ الوطنية اهتماما خاصا بجهات المملكة وتكرس أحد ركائزها العوامل الرئيسية في تحديد ضرورات الإدارة المتكاملة لتغير المناخ في مخططات التنمية الجهوية والإقليمية.
إن تحقيق أهداف خطة المناخ الوطنية مشروط بتنفيذ تدابير الدعم في الجوانب البشرية والتكنولوجية والمالية، فالمخطط الوطني للمناخ مصحوب بسلسلة من تدابير بناء وتقوية القدرات التي تؤثر على نظام الرقابة والمراقبة وإجراء التغيير بين سكان المغرب، كما يتناول المخطط الوطني للمناخ أحد عراقيل تنفيذ سياسة المناخ ويحدد التوجهات الرئيسية التي يجب إتباعها لضمان حشد الأموال اللازمة لتحقيق مشاريع التكيف والتخفيف مع إجمالي الاستثمارات يصل إلى خمسين مليار دولار أمريكي منها 24 مليار دولار أمريكي مشروطة بالدعم الدولي.

تنزيل أهداف التنمية المستدامة
الهدف 14 نموذجا
يعتمد أكثر من ثلاثة ملايير شخص على المحيط في كسب عيشهم، ويتم تنفيذ أكثر من 80٪ من تجارة البضائع في العالم عن طريق البحر المحيطات وبالتالي تساهم في القضاء على الفقر إلى النمو الاقتصادي المستدام والأمن الغذائي، لكن يتم اختراق الفوائد التي يقدمونها بشكل متزايد الأنشطة البشرية، وتؤدي الزيادة في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون إلى ارتفاع درجة حرارة المحيطات وتحمضها ونزع الأوكسجين منها مما يهدد النظم البيئية البحرية والأشخاص الذين يعتمدون عليها وإثقال كاهل المحيطات بقدرة على التخفيف من تغير المناخ، بينما يؤدي الصيد الجائر إلى استنفاد الأرصدة السمكية حيث يعاني ثلثها بالفعل من الإفراط في الاستغلال، الملوثات الأرضية بما في ذلك التلوث البلاستيكي والجريان السطحي للمغذيات ومياه الصرف الصحي ويضر المجتمعات والموائل الساحلية، هذه التغييرات لها آثار طويلة الأجل تتطلب تكثيفا عاجلا لحماية البيئات البحرية الاستثمارات في علوم المحيطات ودعم مجتمعات الصيد الحرفي والإدارة المستدامة للمحيطات.
وتتطلب استدامة محيطاتنا جهودا متجددة لحماية المناطق الحيوية للتنوع البيولوجي لقد زاد امتداد المناطق البحرية المحمية بشكل كبير والتغطية في عام 2020 لتصل إلى 7.74٪ من المياه الساحلية والمحيطات العالمية، لا يزال من الممكن الوصول إلى هدف 10٪ المحدد لعام 2020 لأن تعيين العديد من المواقع المخطط لها قد تأخر في ذلك العام بسبب جائحة كوفيد 19، حيث بين عامي 2000 و2020 كان متوسط ​​النسبة المئوية لـلمناطق الأساسية للتنوع البيولوجي داخل منطقة محمية ارتفعت من 28٪ إلى 44٪، ومع ذلك زادت التغطية كان الأسرع في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين واستقر منذ ذلك الحين، بينما على مدى السنوات الخمس الماضية كانت 1٪ فقط وفي المتوسط كانت أكثر من نصف كل منطقة ضرورية للتنوع البيولوجي لا يستفيد منها لا شكل من أشكال الحماية، تظل حماية المناطق الأساسية للتنوع البيولوجي ضرورية لاستدامة المحيطات، على سبيل المثال في جنوب المحيط الأطلسي تم استخدام بيانات التتبع بالأقمار الصناعية مؤخرا لـأربع عشرة نوعا من الطيور البحرية والأختام لتحديد مناطق التكاثر والتغذية الضرورية للحفاظ عليها وتلك الخاصة بالآخرين، السيولة النقدية، تم استخدام هذه المعلومات لمراجعة إدارة منطقة محمية بحرية من خلال تمديد إغلاق مصايد الأسماك لمدة شهرين ومن خلال توسيع العديد من مناطق حظر الصيد الدائمة بينما يتم ترخيص الصيد التجاري المنظم، ومع تزايد عدد المناطق الميتة في المياه الساحلية للعالم بمعدل ينذر بالخطر المناطق الساحلية التي تضم ما يقرب من 40٪ من سكان العالم أصبحت هذه المناطق الساحلية معرضة بشكل متزايد لخطر التخثث نظرا لإما حميل المغذيات المفرط في البيئات الساحلية بسبب الأنشطة البشرية، بينما تبقى العوامل الرئيسية لزيادة التخثث هي تـأثير الأسمدة ونفايات الماشية ومقذوفات مياه الصرف الصحي وتربية الأحياء المائية وانبعاثات النيتروجين في الهواء، ويضر التخثث الساحلي بالبيئة وسكان المناطق الساحلية ويرتبط بتكاثر الطحالب الضارة ونقص الأوكسجين وموت الأسماك وانقراض قيعان الأعشاب البحرية واختفاء الشعاب المرجانية والمرجان والقيعان الساحلية الصلبة، مما يزيد من المخاطر على صحة السباحين والصيادين.
وفي جميع أنحاء العالم لا يحتوي كبير من المناطق الميتة على مناطق الماء التي تحتوي على أوكسجين كاف للسماح بظهور الحياة البحرية زادت من حوالي 400 في عام 2008 إلى حوالي 700 في عام 2019، يمكن رصد التغييرات في التخثث بشكل غير مباشر عن طريق تحليل نمو الطحالب والكلوروفيل نباتات الصباغ والطحالب الخضراء، تظهر بيانات الأقمار الصناعية العالمية أن المناطق الاقتصادية الخالصة البلدان لديها مستويات من الكلوروفيل، أعلى من قيم تم تسجيلها بين عامي 2000 و2004.

تنزيل أهداف التنمية المستدامة
الهدف 15 نموذجا
تتم عملية حفظ واستعادة النظم البيئية الأرضية والتأكد من استخدامها بطريقة مستدامة عبر الإدارة المستدامة للغابات، وعبر محاربة وقف التصحر وعكس العملية هو إنهاء التدهور البيئي واستعادة كوكبنا ضروري للتنمية المستدامة، ومع ذلك يتم قطع الغابات والتنوع البيولوجي آخذ في التدهور والنظم الإيكولوجية الأرضية تتدهور بمعدل ينذر بالخطر، مع عواقب وخيمة على بقاء البشرية ورفاهها،حيث يؤثر تدمير النظم الإيكولوجية الأرضية على الأراضي ويؤثر الآن على خمس سطح الأرض، ويهدد الاتجار بالأحياء البرية صحة الإنسان والتنمية الاقتصادية والسلامة من خلال انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ المنقولة من الحيوانات إلى البشر والتي تمثل اليوم غالبية الأمراض المعدية الناشئة وتذكرنا جائحة كوفيد 19 أنه من خلال تعريض التنوع البيولوجي للخطر فإن البشرية معرضة أيضا للخطر، ولمواجهة هذه التحديات يتم بذل جهود كبيرة من أجل توسيع الإدارة المستدامة للغابات وحماية المواقع ذات الأهمية الحاسمة التنوع الطبيعي. تتبنى الدول أيضًا قوانين ومبادئ أكثر من ربع الأنواع التي تم تقييمها في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة مهددة بالانقراض المحاسبين بحيث “تهم” الطبيعة ومواجهة التهديدات التي تؤثر على التنوع البيولوجي، مثل انتشار الأنواع الغريبة الغازية فقد حان الوقت لوضع صحة الكوكب في المقدمة جوهر جميع خططنا وسياساتنا، وتتسبب الأنشطة البشرية في تدهور التنوع البيولوجي بشكل أسرع من أي وقت مضى في تاريخ البشرية.
فقد فشل العالم في تحقيق أهداف عام 2020 في وقف فقدان التنوع البيولوجي، حسب الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة الذي يتتبع الخطر العام للانقراض من مختلف الأنواع فقد شهدت الأنواع البيولوجية انخفاضا بنسبة 10٪ منذ عام 1993، من بين 134400 نوع تم تقييمها أي 28٪، وأكثر من 37400 نوع مهددة بالانقراض منها 41٪ برمائيات و34٪ صنوبريات و33٪ من الشعاب المرجانية و26٪ من الثدييات و 14٪ من الطيور، وتبقى أهم العوامل في اختفاء الأنواع هي التنمية الزراعية وفي المناطق الحضرية والاستغلال المفرط للموارد من خلال الصيد وصيد الأسماك والفخاخ وقطع الأشجار والأنواع الغريبة الغازية، ولحسن الحظ يمكن أن تمنع تدابير الحفظ الخسارة الأنواع الأخرى، على سبيل المثال السيطرة على الأنواع الغازية الحفاظ في حدائق الحيوان والمجموعات الأخرى وحماية كانت المواقع مفيدة للعديد من أنواع الطيور والثدييات، منذ عام 1993 حالت هذه التدابير دون انقراض 21 إلى 32 نوعا من الطيور و7 إلى 16 نوعا من الثدييات، مع مراعاة أن انقراض 10 أنواع من الطيور و5 أنواع من الثدييات تم تأكيدها أو تقديرها خلال هذه الفترة فإن هذه القياسات وهكذا جعل من الممكن تقسيم معدلات الانقراض المتوقعة على ثلاثة إلى أربعة.
ويؤكد الخبراء أنه على الرغم من التباطؤ فإن الانخفاض العالمي في الغابات لا يزال ينذر بالخطر، فقد تناقصت مساحة الغابات من 31.9٪ من إجمالي مساحة الأرض في العالم في عام 2000 إلى 31.2٪ في عام 2020 خسارة صافية تقارب 100 مليون هكتار، معدل ازداد فقدان الغابات في جنوب شرق آسيا وأفريقيا، كذلك مما كانت عليه في أقل البلدان نموا والبلدان النامية بدونها الدول الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية، ولا سيما بسبب تحويل الغابات إلى أراض زراعية، إزالة الغابات و لا يزال تدهور الغابات يمثل تحديات هائلة، على وجه الخصوص في المناطق الاستوائية، إن استمرار اختفاء الغابات يدل على أننا يجب أن نفعل ذلك تسريع الجهود للحد من إزالة الغابات، واستعادة الأراضي المتدهورة وتنفيذ ممارسات الإدارة المستدامة للغابات والأرض، مثل هذه التدابير ستعزز أيضا صمود النظم البيئية في مواجهة تغير المناخ، ستحمي التنوع البيولوجي وتدعم سبل عيش الساكنة القروية.
في المغرب يبقى تدمير النظم الإيكولوجية الغابوية والساحلية والجبلية والنهرية في مسار متصاعد ومتسارع حيث لا زال نهر أم الربيع يئن تحت وطأة التلوث والانسداد نفس الشيء تعرفه مجموعة من المناطق الرطبة التي تبرهن على أن تنزيل أهداف التنمية المستدامة المتعلقة باستعادة المنظومات الإيكولوجية ليس بالأمر الهين بل يتطلب تضافر جهود لجميع المتدخلين.

< بقلم: محمد بن عبو 

Related posts

Top