مسيرة لليمين المتطرف في القدس الشرقية على وقع توتر مع الفلسطينيين

شارك أكثر من ألف متظاهر من اليمين المتطرف أول أمس الثلاثاء في “مسيرة الأعلام” في القدس الشرقية وسط انتشار أمني كثيف، في تظاهرة لم تتخللها صدامات كانت تخشى الحكومة الإسرائيلية وقسم من المجتمع الدولي اندلاعها.
وحمل المتظاهرون الأعلام الإسرائيلية عند باب العمود خارج البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة في مسيرة كانت قد سبقتها دعوات أميركية وأممية لـ”ضبط النفس”.وقررت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت السماح بتنظيم المسيرة وذلك بعد يومين فقط على نيلها ثقة الكنيست، وهي عدلت مسارها لتجنب أي صدامات مع الفلسطينيين.
وتعرف التظاهرة باسم مسيرة الأعلام احتفالا بإعلان إسرائيل القدس عاصمة موحدة لها إثر احتلالها وضمها عام 1967 ويشارك فيها عادة عشرات الآلاف وتصل إلى القدس الشرقية المحتلة وتمر بمحاذاة وداخل أسوار المدينة القديمة وفي السوق الرئيسي وفي الحي الإسلامي ويتخللها استفزاز لسكانها مما يثير غضب الفلسطينيين.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها دفعت بأكثر من ألفي عنصر لتعزيز الأمن في محيط البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة.
ورقص المتظاهرون ومعظمهم من الفتية يرافقهم إيتمار بن غفير عضو الكنيست اليميني المتطرف الذي يترأس حزب “القوة اليهودية” المعادي للعرب وبتسلئيل سموتريتش رئيس حزب الصهيونية الدينية، بالأعلام الإسرائيلية عند باب العمود.
وحمل المتظاهرون بن غفير وسموتريتيش على الأكتاف.
وقال بن غفير في بيان إن رئيس الوزراء الجديد نفتالي “بينيت يسير مع حكومة اليسار بدلا من المشاركة في المسيرة”.
وحمل أحد المتظاهرين ملصقا خط عليه “بينيت كاذب” باللونين الأبيض والأحمر.
ورصد مراسلو فرانس برس مهاجمة الشرطة الإسرائيلية لشاب وامرأة فلسطينيين ممن تمكنوا من البقاء عند باب العمود، بعد رفعهما العلم الفلسطيني.
وتعتبر إسرائيل رفع العلم الفلسطيني مظهرا من مظاهر سيادة السلطة الفلسطينية في القدس وهو أمر ترفضه جملة وتفصيلا.
داخل البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة وداخل باب العمود وضعت الشرطة الإسرائيلية حواجز ومنعت السكان والمتسوقين من المغادرة نحو الخارج.
وأغلق تجار المدينة القديمة التي بدت شوارعها خالية تقريبا محالهم بسبب عدم سماح الشرطة الإسرائيلية بالدخول أو الخروج على ما أكد مراسل وكالة فرانس برس.
وخارج البلدة القديمة، أكد مراسل فرانس برس تفريق الشرطة الإسرائيلية نحو 150 محتجا فلسطينيا يعارضون تنظيم المسيرة ومرورها في شوارع المدينة، بالضرب بالعصي وباستخدام شرطة الخيالة ورش المياه العادمة.
وأكدت الشرطة الإسرائيلية في بيان اعتقال 17 فلسطينيا بسبب “زعزعة السلم بعد أن ألقوا الحجارة واعتدوا على الشرطة !”.
وأشارت إلى تقديم الرعاية الطبية لاثنين من عناصرها.
من جهتها، أكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيل 33 إصابة بالرصاص المطاطي والقنابل اليدوية واعتداء بالضرب على فلسطينيين خلال تفريق الشرطة للمحتجين.
وكان من المقرر أن تجري المسيرة في 10 ماي في ظل توتر شديد مع تنظيم تظاهرات في حي الشيخ جراح حيث تواجه عائلات فلسطينية خطر إخراجها من منازلها لصالح جمعيات استيطانية، وصدامات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى.
غير أنه تم إلغاؤها مع إطلاق حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة دفعة من الصواريخ يومها على الأراضي الإسرائيلية تضامنا مع الفلسطينيين في القدس الشرقية.
وأشعل القصف الصاروخي الذي تلاه رد قوي من إسرائيل حربا استمرت 11 يوما بين حركة حماس وإسرائيل أسفرت عن مقتل 260 فلسطينيا في قطاع غزة بينهم أطفال وفتية ومقاتلون، و13 قتيلا في إسرائيل بينهم طفل وفتاة وجندي.
بعد انتهاء الحرب وفي وقت تكثف مصر والأمم المتحدة المساعي في الكواليس من أجل تعزيز وقف إطلاق النار الهش، أعلن منظمو المسيرة أنهم يعتزمون القيام بها الخميس الماضي، ما اعتبرته حركة حماس استفزازا.
وتم تحديد مسار المسيرة بعد مفاوضات بين المنظمين والشرطة الإسرائيلية على أمل تجنب وقوع صدامات مع فلسطينيين، على ما أفادت السلطات.
وحذرت حماس من رد انتقامي إذا ما اقتربت مسيرة المستوطنين من “القدس والمسجد الأقصى”.
ودعت فصائل “المقاومة” الفلسطينية ومن بينها حماس إلى “يوم غضب” للدفاع عن القدس.
وفي قطاع غزة المحاصر أطلقت بالونات حارقة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية على الحدود بين الجانبين.
وأبلغت خدمة الإطفاء والإنقاذ في جنوب إسرائيل عن عشرين حريقا اندلعت على الحدود مع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن “نحو 30 متظاهرا تجمعوا على طول السياج الحدودي جنوب قطاع غزة في موقعين”.
لكن إسرائيل طوت في هذه الأثناء صفحة نتانياهو الذي استمر 12 عاما في الحكم، مع منح الكنيست الثقة لائتلاف من ثمانية أحزاب بقيادة القومي اليميني نفتالي بينيت وشريكه الوسطي يائير لبيد.
وقرر الوزير الجديد للأمن الداخلي عومر بارليف مساء الاثنين السماح بتنظيم المسيرة في موعدها رغم دعوات نواب عرب وقادة فلسطينيين إلى إلغائها.
من جهة ثانية، قال رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي أيمن عودة “الهجوم على القدس في ظل هذه الحكومة سيكون أكثر من غيرها من الحكومات”.
وأشار في حديثه للصحافيين إلى أن “أول قرار للحكومة الإسرائيلية الجديدة… كان السماح بوصول مسيرة الأعلام”.
بدوره أكد عضو الكنيست ورئيس الحركة العربية للتغيير أحمد الطيبي أن “هذه المسيرة مرفوضة”.
وأضاف “بينيت تبنى قرار نتانياهو نفسه (…) الرقص بالأعلام هنا مرفوض… العلم الشرعي والوحيد في باب العمود والقدس الشريف هو علم فلسطين والعلم الإسرائيلي رمز للاحتلال”.
وأضاف “واضح أنه لا يوجد أي تغيير في حكومة التغيير”.
من جهته، اعتبر زعيم حزب القائمة العربية الموحدة منصور عباس الذي يعتبر حزبه جزءا من الائتلاف الحكومي الجديد أن مسيرة الأعلام تمثل “استفزازا مبنيا على الكراهية والتحريض على العنف ومحاولة إشعال المنطقة لأهداف سياسية”.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية حذر من “تداعيات خطيرة قد تنجم عن المسيرة”.
وفي مدينتي رام الله (وسط) وبيت لحم (جنوب) بالضفة الغربية المحتلة، خرج عدة مئات من الفلسطينيين في مسيرتين احتجاجيتين نحو الحواجز العسكرية الإسرائيلية القوا خلالهما الحجارة في اتجاه الجيش.
ورد الجيش الإسرائيلي على المتظاهرين بإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل اليدوية والغاز المسيل للدموع.
وفي قطاع غزة، خرجت مسيرة دعت اليها الفصائل الفلسطينية وشارك فيها المئات حاملين الأعلام الفلسطينية بالتزامن مع مسيرة اليمين المتطرف في القدس.

Related posts

Top