الشاعرة المغربية زهراء الأزهر: الإبداع هو نتاج لعنصرين متكاملين: الحلم والحاجة

  أكدت الشاعرة زهراء الأزهر أن التجربة الإبداعية في عمومها تخضع لضوابط منهجية والتزام من طرف المبدع، ومع ذلك لا ننفي أن الكتابة مقرونة في بعض الأحيان بالمجهول، مبرزة أن تجربتها في عالم الكتابة الشعرية اقترن بروزها مع انتهاء حياتها المهنية.
وصدر للشاعرة زهرة الأزهر حتى الآن ديوانان  شعريان،  وكانت صرخة ميلادها الأولى تحت عنوان «رعشة يراع» سنة 2018 والديوان الثاني سنة 2020  بعنوان في «ظل كلماتك فقط» ولها ديوان  ثالث في مرحلة مخاض لم ير النور بعد.

> في البداية نريد أن نتعرف متى تولد لديك شغف الكتابة وكيف؟ 

< أظن أن الشاعرة كانت دائما موجودة بداخلي تعينني على التفكر بعمق فيما نراه عاديا عبر حياتنا اليومية.
إلا أن الاستفاقات الحقيقية للشاعرة إذا أمكنني استعمال هذه الصورة جاءت لحظة انتهاء حياتي المهنية  فالشاعر ليس وليد اللحظة أو قدرة أو بلاغة فقط، بل هو بالضرورة التزام والمسألة ليست بمسألة ولادة بل هي نضج وتجربة والتزام.

> يقال إن الكتابة ارتماء في العراء. ما رأيك؟

< التجربة الأدبية تخضع لضوابط منهجية والتزام من طرف المبدع، ومع ذلك لا ننفي أن الكتابة مقرونة في بعض الأحيان بالمجهول حينما يفرض النص على الكاتب نمطا غير مستبق، أو من خلال  الشطحات الإبداعية إلا أن الشروع في الكتابة هو مشروع له محفز وغايته إيصال فكرة معينة بمنهجية مضبوطة والتزام تام.

> يشاع أنه عندما تنشر كتابا تتورط في محنة الكتابة، ويصير لك أعداء كثرا. هل هذا صحيح؟
< في إطار الحراك والإنتاج الفكري لا أتصور في منظوري المتواضع أن نتحدث عن الأعداء، فأساس التطور الفكري  والإبداع هو النقد وتلاقح الأفكار وتضارب وجهات النظر.

> هل تعتقدين أن زمننا زمن الكتابة والقراءة والثقافة في عصر كثر التهافت على الماديات والشهوات، وتفجرت فيه عبقرية التكنولوجيا المعلوماتية بإثارتها المدهشة لمعاشر الشباب؟ 
< حسب الإحصائيات الأخيرة، فإن المغرب لا يقرأ أكثر من دقيقتين في السنة، فإذا التزمنا بقراءة سطحية لما تشير إليه الإحصائيات فمن السهل الجزم أننا في عصر أزمة القراءة والإبداع.
لكن نحن نرى أننا لسنا في أزمة  بل في عصر تغيرت فيه وسائط الإنتاج والقراءة، ويكفي على سبيل المثال أن تتصور  الكم الهائل لما يقرؤه ويكتبه كل شخص على وسائل التواصل الاجتماعي.
الأزمة قائمة ولكن ليس بخصوص القراءة والكتابة بل بالأساس المشكلة متعلقة بعدم قدرة تكيف المصدرين  الثقليديين مع هذه الوسائل التكنولوجية من جهة وضعف الترويج لأشكال أدبية جديدة من جهة أخرى.

> كمبدعة ما رأيك في الحركة الثقافية ببلادنا؟           
  < الإبداع هو نتاج لعنصرين متكاملين وهما الحلم والحاجة
ونقصد بالحاجة كل نقص أو ألم أو معاناة، وأظن أن العالم اليوم في مخاض وككل مخاض هناك ألم ومجهود  وأمل بمولود.
المواطن العربي اليوم يعيش مرحلة اهتزاز اقتصادي واجتماعي وسياسي مرفوق  بكل ما ذكرناه سابقا، والمراد من هذا كله أن الحركة الإبداعية اليوم هي في مخاض، ونحن على يقين تام بأن هذا الحراك الثقافي سينتج عنه مولود جديد في عالم الفكر والأدب.

> ماذا عن ظروف الطبع والتوزيع؟ *
 < تتغير من خلال تجربتي على حسب صيت الكاتب ففي الإبداعات الأولى، غالبا ما يواجه المبدع صعوبات لإصدار كتابه وأحببنا أو كرهناالمصدر يدير شركة للبحث عن الربح إلا أن هذا السعي ليس مقترنا بوعي حقيقي بأهمية النهوض بالإبداع الفكري.
ليس فقط من خلال الإرادات المحققة بل عبر مساعدة المبدعين الناشئين.

> بمعنى آخر، هل يجد المثقف المغربي دعما من طرف الجهات الوصية على القطاع ؟ 
< الكل يعرف الصعوبات التي يواجهها المثقف المغربي لإصداره  إبداعاته  واعتماده على مجهوداته الخاصة لإخراج كتابته للنور،  في غياب دعم تام لأي جهة من الجهات.

> مارأيك في دور المثقف سياسيا داخل بلده ؟ 
< قبل الحديث للإجابة بشكل دقيق ومحدد على هذا السؤال علينا أن نتحدث عن نقطة مفصلية،  تضع اللبنة
الأساس لحديثنا، وهي الظروف التاريخية المنتجة لما يصطلح عليه بالمثقف العضوي، فسؤالك لا يمكن تناوله من خلال الحديث عن المثقف بشكل مجرد، وهنا أريد التركيز على الدور السياسي والاجتماعي للمثقف العضوي من حيث هذا الأخير نابع من بيئته المجتمعية، ومدرك للتحديات الواقعية الملموسة للمواطن العادي من جهة، وقادر على بلورة أفكار تكرس العلاقة الدياليكتية ما بين الفعل والقرار السياسي من ناحية والتحديات الحقيقية التي يواجهها المواطن البسيط في وطننا.
وللإجابة بشكل مقتضب على السؤال وجب التساؤل عن امكانية تاريخية لبروز مثقفين عضويين من جديد في وطننا العربي.

> من وما الذي أثر في بدايتك؟ 
 < الوسط يلعب دورا كبيرا في تفجير  وإظهار الملكات  التي يختزنها كل كاتب  وشاعر  منذ الصغر. 
وأعتبر نفسي محظوظة كوني تتلمذت على يد  أساتذة أعتبرهم رمزا من رموز  الأدب 
وعشقي منذ الطفولة للكاتب جبران خليل جبران كأول مفتاح للقراءة.

> ما هي رسالتك التي تودين  توجيهها للناشئة من المبدعين؟
< الشعر رسالة تحتوي على إنسانية سامقة المنزلة، من قيم في مجال الواقع، لأنها تكون هادفة إلى إصباغ هذا الواقع بصبغة السمو على إنسانية الإنسان التي لا حدود لها في مواجهة ما يمكن أن يصمها أو ينال منها.
والشاعر يؤكد صوت الشعر من جودة العطاء ونقاء الإبداع الذي يمتزج فيه الصدق بالالتزام، بمجموعة من القضايا القومية والدينية والذاتية في ما تقييد  بالمباشر الجهير.

ماذا عن المواكبة النقدية للأعمال الأدبية المغربية على الخصوص؟ 
< المشكل لا يكمن  في الانتقاد أو النقد بل في طريقة التعبير عنه، لأن كل مبدع  يريد أن يوصل لكافة القراء ما يجول بخاطره وفكره. وما اختلاف وسائل التعبير وحدتها إلا دليل على أن ما كتبه، قد وصل للجميع، وهذا هو المبتغى.

> حاورها: عبد الله مرجان

Related posts

Top