الشبيبة الاشتراكية

تخلد منظمة”الشبيبة الاشتراكية”هذه الأيام الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيسها في: 18 يناير 1976 بالدار البيضاء.
المناسبة لا تحيل فقط على ذكرى حزبية داخلية لمنظمة شبابية وطنية هي: (الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية)، قبل أن تختار اعتماد تسمية أخرى هي: (الشبيبة الاشتراكية)، ولكنها ذكرى نضالية تتصل بسياق سياسي وفكري ومجتمعي وشبابي يستحق اليوم التمعن والقراءة واستخراج الدروس للمستقبل.
لقد جرى ميلاد الشبيبة الاشتراكية ضمن الأجواء النضالية لمغرب منتصف السبعينات، ومثل حينها جوابا شبابيا تقدميا على كثير من التحديات الديموقراطية والفكرية والكونية، وبقيت شروط التأسيس دائما ممتدة في المواقف ومنظومة التأطير والتكوين، وتجسدها الأنشطة والبرامج والعلاقات، وتحضر أيضا في كامل المعنى ضمن كينونة المنظمة ووجودها وترافعها بشأن حقوق الشباب وقضايا الوطن.
إن تاريخ (الشبيبة الاشتراكية) الذي بلغ اليوم العام الخامس والأربعين، يفرض على متابعي شأننا السياسي الوطني والتاريخ النضالي لشعبنا، أن يتأملوا دور المنظمات الشبابية الحزبية الديموقراطية بشكل عام، وأن يبحثوا في المسارات والأدبيات والمواقف والأشخاص والسير، ويقدموا قراءات موضوعية رصينة للاحتفاء بكامل هذا التاريخ وتثمينه، ومن أجل البناء عليه لصياغة فعل تأطيري مستقبلي لشباب اليوم.
ليست الشبيبة الحزبية ما يقال ويكتب عنها وحواليها، وإنما هي مدارس سياسية وتكوينية حقيقية تخرجت منها شخصيات وطنية عديدة في مجالات مختلفة، وأغنت وتفاعلت، في نفس الوقت، مع نضالات أعضائها في صفوف الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ووداديات التلاميذ، وفِي الجمعيات المدنية والنقابات، وداخل هياكل أحزابها، وبذلك كان حضورها وإشعاعها وأثرها  يشمل المشهد السياسي والشبابي العام ببلادنا.
اليوم، هناك حاجة كبيرة لهذا الحضور، أي إلى منظمات شبابية تمتلك النضالية والمصداقية وقدرات الإبداع والتجديد والتفاعل.
الشبيبة الاشتراكية لم تعش عمرها متكلسة أو جامدة، ولكنها كانت منصتة لمختلف التحولات، ومتفاعلة مع كل الأسئلة الإشكالية المعقدة وطنيا وكونيا، وعندما أقدمت على التجديد في تسميتها كان ذلك أساسا ضمن هذا الإنصات لتغيرات العالم، فضلا عن قراءة تحولات النفسية العامة وسط شعبنا وشبابنا ومحاولة تقوية الفهم لسياقاتها واشتراطاتها، وبذلك بقيت منظمة شبابية حية ومجتهدة.
اليوم، من المؤكد أن واقع شعبنا وشبابنا يطرح أسئلة مختلفة عن الأزمنة الماضية، ووقائع حالنا السياسي والاجتماعي شملها التبدل كذلك، والأفكار والقيم والعلاقات تحولت، ولكن، في نفس الوقت، بلادنا في حاجة اليوم إلى انخراط شبابها في الشأن العام وفِي العمل السياسي وفِي الفعل الحزبي وفِي الانتخابات، وهي أيضا في حاجة مستمرة إلى تعبئة مجتمعية داخلية واعية للدفاع عن مصالحها الوطنية العليا، وكل هذه التحديات الحاضرة أمامنا تحيل على أهمية التأطير والتكوين السياسيين للشباب، أي على حاجتنا لتنظيمات شبابية جادة لديها المصداقية النضالية ووضوح النظر.
يمكن أن نتفق على أهمية تأهيل هذه المنظمات الشبابية نفسها، وعلى تجديد صياغة أدوارها، وعلى إعادة امتلاك حسها النضالي وحضورها الميداني، ولكننا أيضا لا يمكن أن ننكر أن هذه المنظمات تحيى بالتطوع، وتعقيدات الواقع لم تعد تسعف هذا السلوك، وهي تعاني من حملات التهميش وتبخيس دورها وعدم الإنصات إليها أو مواكبتها، ولهذا حان الوقت كي تستثمر بلادنا وممارستنا السياسية تاريخ هذه المنظمات الشبابية وديناميتها العامة.
الشبيبة الاشتراكية عاشت دائما مختلفة عن غيرها من الشبيبات، وذلك بسبب وضوح الأهداف والمنطلقات والعلاقات داخلها وحواليها، وكانت دائما هذه نقطة قوتها.
وهي مستمرة اليوم في صنع تاريخها المتجدد دائما، وتمشي نحو المستقبل من أجل (وطن حر وشعب سعيد).
التحية للشبيبة الاشتراكية في عامها الخامس والأربعين.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top