قضية الوحدة الترابية اليوم…

يشهد ملف الوحدة الترابية زخما جديدا ودينامية واضحة على المستوى الديبلوماسي والميداني كرسهما الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على أقاليمه الصحراوية، ولكن أسست لهما، بالخصوص، المقاربة الهجومية التي صارت تعتمدها الديبلوماسية المغربية في السنوات الأخيرة.
وبقدر ما حققت هذه المقاربة من إيجابيات ومكتسبات لصالح المملكة، فهي تطرح أيضا مهام وتحديات على ديبلوماسيتنا، وعلى الموقف المغربي بشكل عام، وتستوجب الكثير من اليقظة وتمتين التعبئة الوطنية الداخلية والحضور السياسي والإعلامي القوي دفاعا عن المصالح الوطنية.
المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي، الذي انعقد بدعوة من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، مثل انتصارا واضحا للموقف الوطني المغربي، ذلك أن أربعين دولة التقت وعبرت عن رأي واضح ومشترك، وأعربت عن دعمها القوي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، باعتبارها الأساس الوحيد لحل عادل لهذا النزاع المفتعل، كما أكدت التزامها بمواصلة دعوتها لإيجاد حل، على أساس خطة الحكم الذاتي المغربية كإطار وحيد للحل.
وقد شهد المؤتمر، علاوة على حضور الولايات المتحدة الأمريكية، مشاركة فرنسا أيضا، وكذلك بلدان عربية وإفريقية، وضمنها كل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، ودول من أمريكا اللاتينية…
وباستثناء موقف الجار الشرقي للمغرب، وهو الطرف الواقف وراء إشعال النزاع ورعايته، وأيضا حالة “الدوخة” التي أصابت المستعمر السابق للصحراء والجار الشمالي للمملكة، فليس هناك بلد أدان هذا المؤتمر، وعكس ذلك، يمثل نجاح هذا المؤتمر الدولي اليوم مساءلة قوية لدول الاتحاد الأوروبي، وهو ما تجسده دعوة المغرب للقارة العجوز كي تخرج من موقفها الجامد والمتكلس، وأن تنخرط بوضوح في هذه الدينامية الدولية المستجدة لصالح الموقف المغربي المشروع.
وعندما نضيف إلى ما ذكر، تنامي فتح قنصليات أجنبية بالعيون والداخلة، وأيضا الاعتراف الأمريكي وامتداداته الديبلوماسية والتنموية، وحادث الكركرات، وتطور العلاقات الثنائية المغربية الإفريقية، فإن الزخم الجديد يتجلى واضحا، ويفترض تثمينه، وأيضا البناء عليه لتحقيق مكتسبات جديدة في أفق الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل حول مغربية الأقاليم الصحراوية.
هذه المكتسبات الديبلوماسية والعملية يجب التعاطي معها اليوم بذكاء ويقظة وبعد نظر، خصوصا عبر العلاقات المغربية الأمريكية والإدارة الجديدة في واشنطن، وأيضا من خلال تطوير علاقات الرباط مع الاتحاد الأوروبي، ومع الجارة إسبانيا بالخصوص، وتوضيح موقفها، وبالتالي جعل المحددات المبدئية والإستراتيجية للموقف الديبلوماسي المغربي في مختلف دوائر العلاقات، إقليميًا ومتوسطيا ودوليا، وكذلك مغاربيا وعربيا وإفريقيا، تقوم، بالذات، على الانخراط في هذه الدينامية الدولية المنتصرة للوحدة الترابية للمغرب، وتلتزم بوقف كامل هذا العبث الذي يصر على تأبيد النزاع المفتعل وإدامة الجمود.
من المؤكد أن النظام العسكري الجزائري، الذي يعيش الكثير من الأزمات الداخلية، سيستمر في مناوراته ضد المصالح المغربية، ولا شك أن اجتماع الاتحاد الإفريقي المرتقب في فبراير بأديس أبابا، سيحضر فيه السعار الجزائري من جديد، وكل هذا يفرض أن تستمر ديبلوماسيتنا في مقاربتها الهجومية الإستباقية، وأن تتشبث باليقظة وبعد النظر والسلوك الديبلوماسي الذكي، وذلك لتستطيع إفشال كل مناورات الخصوم، وفِي نفس الوقت إنجاح الأرضيات الموضوعية التي تكرس على أرض الواقع المكتسبات التي تحققت في الفترة الأخيرة.
المعركة اليوم، توجد فعلا في الواجهة الديبلوماسية الدولية، وأيضا على صعيد العلاقات الثنائية مع مختلف الدول، وتوجد كذلك في بلورة وتفعيل البرامج والمشاريع التنموية والتأهيلية، ولكنها أيضا توجد في الواجهة الإعلامية، ولهذا يجب دعم الصحافة الوطنية لتساهم، بشكل مهني قوي، في تمتين حضور بلادنا للدفاع عن مصالحها الوطنية والإستراتيجية، وكذلك لتعزيز الوعي الوطني الداخلي، والتعبئة المجتمعية المغربية.
إن ملف مغربية الصحراء يفرض في سنة:2021 مهمات ديبلوماسية وتنموية وإستراتيجية وسياسية وإعلامية، ويجب أن يساهم في إنجازها الجميع، وذلك ضمن مقاربة إستراتيجية هجومية واستباقية والتقائية، في أفق تكريس الانتصار المغربي والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top