انطلاق النسخة 32 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء في دورة رقمية عن بعد

افتتحت المسرحية المغربية “النمس” لفرقة “المسرح المفتوح”، مساء اليوم الاثنين، عروض الدورة 32 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، المنظمة عن بعد إلى غاية 27 دجنبر الجاري.
فهذه المسرحية التي ألفها عبد الإله بنهدار وأخرجها أمين ناسور، والمقتبسة عن رواية “هوت ماروك” للكاتب ياسين عدنان، تتناول شخصية “النمس” الذي يجد نفسه بعد سنوات الجامعة وحصوله على شهادة الإجازة عاطلا عن العمل، ليشتغل في فضاء للأنترنت، وعبره يحاول أن ينتصر في معاركه الحياتية افتراضيا، والتي كان منهزما فيها دائما بفعل عدم امتلاكه الجرأة على المواجهة.
وهي تحكي، عبر 85 دقيقة من العرض، كيف أن هذه الشخصية تحاول أن تتخذ من العالم الافتراضي متنفسا لها، وكيف وجدت فيه ضالتها، لكونه يحقق لها أشياء كثيرة، منها القدرة على الانفتاح وخلق عوالم فسيحة تمنحه شخصية أخرى، وذلك في قالب كوميدي مستوحى من فن الحلقة برؤية معاصرة.
ويسعى هذا العمل المسرحي، الذي شخص أدواره ثلة من الفنانين المغاربة، منهم على الخصوص عبد الله ديدان وعبد الله شيشة وحسن مكيات وهاجر الشركي ومونية المكيمل، إلى التأسيس لفرجة مسرحية مختلفة تنطوي على التجديد والبحث في الهوية.
وفي كلمة له بمناسبة الافتتاح، أوضح رئيس المهرجان وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدكتور عبد القادر كنكاي، أن دورة هذه السنة تتسم بطابع استثنائي، فبعدما اعتادت الدار البيضاء أن تحتفي بعرس مسرحها الجامعي مع إطلالة الصيف وانتهاء الموسم الجامعي منذ 1988، تجد نفسها اليوم، وبسبب الظروف الاحترازية التي يعيشها المغرب حاليا على غرار باقي دول العالم، مجبرة على تنظيم دورة هذه السنة بعيدا عن الخشبات ممتطية منصة التواصل الرقمي عن بعد، بعدما كانت قد أجلتها في وقت سابق.
وأشار إلى أن هذه الدورة التي تنظم تحت شعار “المسرح والحلم” تأتي استمرارا للمشروع العام الذي يعمل من أجله المهرجان، فالمسرح، يقول المتحدث، هو المكان الذي يحدث فيه “الحلم”، وفيه يتجسد دور الممثل، شاهدا على نفسه، فيكسر حدود الواقع لينطلق إلى عالم الأحلام اللامحدود من خلال مشاعره الداخلية، والتي يسعى إلى مشاركتها مع الآخرين.
وتابع أنه في المسرح، يعرض “الحلم” في جو خاص محدد في المكان والزمان، مشيرا إلى أن الصلة بين “الحلم” والمسرح ممتدة في كل مكان، وقد تتحقق في شكل أحلام وتمثلات وتخيلات في جميع مراحل الإبداع (نص، مسرحية، موسيقى …إلخ.)، منوها إلى أن الحلم يعيش في المسرح بكونه لعبة الشخصيات مع الواقع، في جو من الخيال والمرح والإبداع والتشويق.
وواصل رئيس المهرجان أنه رغم هذه الظروف الخاصة، فإن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، أبت إلا أن تظل وفية للمهتمين ولعشاق المسرح عبر تنظيم هذه الدورة عن بعد، والوفاء لتقليدها في تكريم شخصيات مسرحية لها قيمتها في المشهد الفني الوطني.
مبرزا في هذا السياق، أن الدورة 32 ستعرف إلى جانب إقامة تكريم خاص للوجوه المسرحية التي ودعتنا هذه السنة، ومنها الفنانة ثريا جبران وعبد الجبار الوزير، الاحتفاء بالعديد من الوجوه التي تميزت في مجال اشتغالها الدرامي، ومن بينها الكاتب المسرحي والصحفي الحسين الشعبي والممثل والمبدع حميد نجاح.
ومن جانب آخر، استعرض المديران الفنيان للمهرجان فتاح الديوري وهشام زين العابدين برنامج الدورة بفقراته المتنوعة، والدول المشاركة، وتشمل المكسيك وفرنسا ولبنان وتونس وفلسطين وسوريا وساحل العاج وكوريا الجنوبية وإيران وألمانيا واليونان وجمهورية مقدونيا إلى جانب المغرب.
وبعد تأكيدهما أن المهرجان سيحافظ على بنيته العامة المنسجمة مع أهدافه المتمثلة أساسا في خلق فضاء للتكوين واللقاء والتعارف بين شباب العالم، والإسهام في جعل مدينة الدار البيضاء ملتقى للفنانين والمبدعين ومحبي الفرجة المسرحية من كل بقاع العالم، أشارا إلى أن برنامج المهرجان يتضمن تنظيم محترفات تكوينية، ومائدة مستديرة لمناقشة محور الدورة التي ستحتفي بالمسرح والحلم.
وضمن البرنامج، ورشة عمل “الكتابة المسرحية والتأويل” التي ستخصص لتقنيات وأجناس وتعبيرات الكتابة المسرحية، مما سيسمح للمشاركين بالتعرف على مختلف صيغ الكتابات المسرحية (المونولوجات، والمشاهد الحوارية، إلخ…)، وعلى الأجناس المسرحية (الدراما، والكوميديا، ومسرح العبث، إلخ…). كما ستقدم ورقة حول تفسير النصوص المكتوبة، من أجل اكتشاف النفس والإيقاع الخاص بكل نص.
ويسعى المهرجان، المنظم من طرف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك (جامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء)، إلى تنشيط دبلوماسية ثقافية جامعية موازية، من شأنها التعريف بالمغرب وبمختلف مظاهر نموه وتقدمه.
وتجسد هذه الدورة المنظمة عن بعد إيمان منظمي المهرجان بأهمية “استمرارية هذا المشروع الفني والثقافي والتواصلي بين شبيبة العالم”، على اعتبار أن هذا الحدث يسهم في خلق “مؤتمر فوق العادة تناقش وتتصاهر وتتلاقى فيه الثقافات”.
ورغم تنظيمه عن بعد، فسيحافظ هذا المهرجان، بحسب المنظمين، على القيام بدوره في إعطاء صورة طيبة عن المغرب كبلد للانفتاح والتسامح والتعايش بين الثقافات والديانات، وفي ضمان الانفتاح الفني والثقافي على مختلف الجامعات المغربية وعلى العالم، بشكل يجعل منه فاعلا مهما في كل التحولات والتطورات التي يعرفها الفعل المسرحي داخل المغرب وخارجه.

Related posts

Top