في ندوة نظمها حزب التقدم والاشتراكية حول “قضية الصحراء المغربية… ماذا يعني موقف الولايات المتحدة الأمريكية؟”:

أجمع عدد من المتدخلين في ندوة نظمها حزب التقدم والاشتراكية مساء الأربعاء الماضي حول “قضية الصحراء المغربية… ماذا يعني موقف الولايات المتحدة الأمريكية؟”، على قوة القرار الأمريكي الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه وما يشكله من قوة ودعم للمقترح الذي تشبث به المغرب منذ عقود.
واعتبر المتدخلون في الندوة التي تم تنظيمها عن بعد، أن القرار الأخير لأمريكا أحدث تحولا في مسار الملف، وأشر على اقتراب حله وحسمه بعدما عمر أزيد من 45 سنة في أروقة الأمم المتحدة.
وسجل المتدخلون أن القرار أكد صوابية الطرح المغربي ونهجه الدبلوماسي الذي تثبت فيه بالسلم وبالعمل المستمر داخل المنتظم الدولي وبنهج مسار متميز يقوم على التنمية ومد يد التعاون والحوار بدل تزكية الحرب والصراع، مشيرين إلى أن هذا التحول أسقط أطروحة “الانفصال” التي ظلت البوليزاريو تروج لها وتدعو لها بمختلف الأساليب.

نورالدين بلالي: الموقف الأمريكي كان “مزلزلا” للبوليزاريو وللمنطقة

قال نورالدين بلالي القيادي السياسي والعضو المؤسس لجبهة البوليزاريو سابقا إن القرار الأمريكي جاء مزلزلا للبوليزاريو والجزائر والمنطقة برمتها، حيث أن صداه وصل مختلف دول العالم التي تفاعلت مع هذا القرار.
وأضاف بلالي في ذات الندوة التي سيرتها فاطمة الزهراء ماء العينين، الأستاذة الباحثة في حقوق الإنسان والقانون الدولي، أن القرار الأمريكي يكتسي قوة كبرى بالنظر لقوة الدولة الأمريكية على مختلف المستويات وأساسا اقتصاديا وعسكريا، بالإضافة إلى كونها عضوا دائما في مجلس الأمن وتشكل قطب دولي يقود العالم.
وأوضح القيادي السابق في البوليزاريو أن القرار الأمريكي سيكون له تبعات كثيرة، لاسيما في حالة تبنيه من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، بحيث سيشكل تغيرا وتحولا كبيرا في هذا الملف الذي عمر لأزيد من 45 سنة.
وشدد المتحدث على أن قوة القرار تأتي أيضا في تأكيده على أهمية مقترح المغرب بشأن الحكم الذاتي والذي اعتبرته إدارة البيت الأبيض “حلا عمليا”، مبرزا أن الجميع كان ينتظر ويتطلع لهذا القرار منذ زمن بعيد، لما يشكله من فرصة لوضع حد للصراع كما يتطلع إلى ذلك سكان الصحراء وسكان مخيمات تندوف، وكذا الشعبين الجزائري والموريتاني.
وتابع بلالي أن لسان حال الجميع بالمنطقة يقول “ليس مزيدا من الحروب والاقتتال” لأن كل ما يحتاجه سكان المنطقة هو التنمية والسلام وتوفير الإمكانيات، داعيا إلى المساهمة في هذا الطرح ووضع حد للصراعات العبثية التي تم تجريبها على مدى 45 سنة والتي قال إن الجميع لم يجن منها سوى الويلات وتعطل التنمية وكثير من الضحايا وهدر الإمكانيات.
وأكد المتحدث أن القرار الأمريكي أنعش الآمال والتطلعات إلى صناعة السلام الدائم ومحاربة الفقر وتوفير عيش المواطنين وإعادة لم الشمل للعائلات الممزقة على امتداد عقود من الزمن، في قارة تعيش جل دولها على وقع الأزمات والصراعات الأهلية.
العضو المؤسس للبوليزاريو سابقا، أفاد في كلمته أن وقوع المشاكل والخلافات أمر طبيعي، مردفا أن الشيء غير الطبيعي هو عدم معالجة هذه المشاكل وعدم البحث عن الحلول الناجعة لها، ونهج السياسيات التنموية والتخلي عن شراء خردة الأسلحة شرقا وغربا، كما هو الشأن بهذا الملف.
وأضاف بلالي أن المغرب تحلى بالصبر والحكمة بعد 16 سنة من الحرب ودافع عن مقاربة الحل السلمي الذي لا غالب فيه ولا مغلوب تحت رعاية الأمم المتحدة، إذ وبعد سنوات من المفاوضات تقدم المغرب بمقترح الحكم الذاتي والموسع الذي حظي بتأييد الكثير من دول العالم الفاعلة، معربا عن كون الآمال قائمة من أجل تفعيل المجتمع الدولي لهذه السياسة للوصول لإنهاء هذه القضية وحل هذا الملف الذي يمزق الأهالي في الأقاليم الجنوبية للمملكة وعائلاتهم بمخيمات الحمادة الذين يعيشون في ظروف مؤلمة.
في هذا السياق، أكد بلالي أن هذا الملف ما يزال يقف عثرة أمام قيام الاتحاد المغاربي وإعادة جو التعاون والوئام بين الشعوب المغاربية، مشددا على ضرورة التفاعل مع المقترح المغربي لإنهاء الصراع، لاسيما بالنظر لبرامج التنمية والتطور التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة والتي تضع في صلبها التهيئة لعودة الأهالي بمخيمات الحمادة إلى وطنهم في جو الكرامة طبقا للتوجيهات الملكية السامية الهادفة للنهوض بالتنمية وجعل جنوب المغرب قطبا اقتصاديا ومحورا للتعاون وربط أفريقيا والغرب.

عبد اللطيف أوعمو: القرار الأمريكي أعطى مؤشرات بقبول مقترح الحكم الذاتي في أروقة الأمم المتحدة

من جانبه سجل المستشار برلماني، والقيادي البارز في حزب التقدم والاشتراكية عبد الطيف أوعمو أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء وقرارها بتأكيد هذا الاعتراف من خلال إنشاء قنصلية بمدينة الداخلة يشكل حدثا بارزا، ويؤكد على الدور التاريخي المغربي.
وأوضح أوعمو أن المغرب له رسالة تاريخية ليست وليدة اليوم وهي التي تتبلور في الدور الأساسي الذي يلعبه على المحيط وفي شمال إفريقيا، وهي أيضا الرسالة التي تفرضها مسؤوليته في قيادة التطور بالمنطقة إلى ما هو أحسن.
وتابع أوعمو أن هناك مؤشرات انطلقت منذ زمن طويل وهي أن المغرب يريد أن يقول للعالم أنه واع وأنه يريد أن يخوض معركة المستقبل، معركة الجيل، معركة الثورة الرقمية، معركة الحضارة، وهو ما جعله يرفض منذ 20 سنة أن يبقى في الاجترار أو البقاء وراء مشروع لا يتطور والذي أدى إلى تقهقر الدول والشعوب في المنطقة العربية وإفريقيا، التي لم تنتج إلا الدوران في حلقة مفرغة.
وشدد أوعمو أن المغرب ومنذ 20 سنة يقدم مؤشرات نحو الجنوب ونحو المنطقة وأيضا حلفاءه وشركائه خصوصا في الشمال، وطرح ما يسمى الشراكة الإستراتيجية أي الند للند، ربح – ربح، وكذا مسألة القبول بالآخر وبمستواه وتطويره وبتكافؤ معه، وبدأ ينسج أساسا لمنظومته السياسية والحقوقية والاقتصادية دون أن يفرط في ثوابته ووحدته.
وسجل المتحدث أن هذا الانفتاح بلع أقصى الشرق بآسيا وأيضا شمالا نحو أوروبا والاتحاد السوفيتي سابقا فوجد نفسه مطالبا بأن يلعب دوره في الساحة الدولية كما يفرض ذلك دوره التاريخي وموقعه الجغرافي، مضيفا أن المغرب ما يزال اليوم متمسكا بهذه الرسالة ويطورها نحو غد أفضل، بالرغم من كونه يجد نفسه أمام معضلة كبيرة التي برزت منذ الاستقلال وهي قضية الحدة الترابية.
في هذا الإطار أوضح المستشار البرلماني أن هذه المعضلة كانت تعني بالأساس المساس بحق المغرب وتهديده في أرضه وسيادته التي يريد البعض استغلالها، وهو ما أدى حسب المتحدث إلى مما إلى تعطيل أداء هذه الرسالة وتعطيل سرعة التنمية بالمنطقة.
وشدد على أن المغرب لا يمكن أن يوقف مسار التطور في البلاد، وأنه اختار بدلا من ذلك أن يقول كفى من هذا المسار الذي فيه استنزاف للمجهودات المبذولة، معتبرا أن ذلك تبلور من خلال عمل دؤوب، وصل به اليوم إلى استثمار العلاقات المغربية – الأمريكية التي تعود للقرن 18، وعدد من الإمكانيات التي لم يكن المغرب يستغلها في ما مضى والتي جعلت أمريكا اليوم من تلقاء نفسها تعترف بسيادة المغرب على أراضيه.
وأبرز أوعمو أن هذا القرار ينبني على نظرة أمريكا وبحثها عن مصلحة مسار السلم في العالم عموما، وبالمنطقة خصوصا، مشيرا إلى أن هذا القرار الأخير أعطى مؤشرات بقبول مقترح الحكم الذاتي في أروقة الأمم المتحدة، خصوصا بالنظر لكون الولايات المتحدة الأمريكية هي من تحرر مسودات مقررات مجلس الأمن والأمم المتحدة بشأن ملف الصحراء.
وقال أوعمو إن كون أمريكا تعلن اليوم اعترافها بالصحراء المغربية ما هو إلا تقرير لما كان مطلوبا منذ زمن واعتراف بحق مشروع يطالب به المغرب لتجنب الاصطدام والحرب وإعطاء الأهمية والأولوية للمستقبل والأجيال المقبلة وإلى وضع بنيات أساسية لبناء مغرب كبير مغرب قادر على أن يحاور ويلعب دوره التاريخي والاستراتيجي.
وتابع “المغرب سيظل دائما في خدمة مشروعه ورسالته التاريخية هو السباق من أجل إحلال الأمن وهو السبّاق إلى وضع سياسية أمنية داخلية وخارجية تجعله يؤدي وظائفه بقناعة عن مشروعه الوطني”، كما أضاف أن المغرب في مقدمة تصور مجتمع الغد من خلال تبنيه سياسات تقوم على الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، والبيئة النظيفة، وكان دائما هو السباق لهذا الحوار الدولي الذي يبحث عن تصور مجتمع أفضل، مجتمع الغد الذي يضم مختلف الأجيال”.
القيادي في حزب التقدم والاشتراكية وبعدما أكد على أن اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء يشكل حدثا مهما، دعا المغاربة إلى أن يعتزوا به، “خصوصا أن هذا القرار سيكون له ما بعده، سواء داخل أروقة الأمم المتحدة أو على الساحة الدولية بحكم موقع الولايات المتحدة الأمريكية وكذا سياساته عبر العالم، وفق المتحدث.
البشير الدخيل: القرار الأمريكي برغماتي يضمن السلم بالمنطقة

إلى ذلك، ومن جهته، قال البشير الدخيل رئيس معهد منتدى البدائل الدولي للدراسات الصحراوية “الأندلس” إن القرار الأمريكي الأخير أدخل الملف إلى مرحلة مهمة جدا، ويؤشر على تحول إيجابي في مساره.
واعتبر الدخيل أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يحكم فيها الرئيس حسب النزوات وهي التي تعد دولة من أقوى دول العالم، “وهو ما يجعل قرارتها مدروسة منذ زمن طويل وليست وليدة اليوم” يقول المتحدث.
ويخلص الدخيل إلى أن القرار الأمريكي برغماتي وموقف يضمن السلم بالمنطقة ويضمن أن يكون هناك تقدم حقيقي في هذه المنطقة وكثير من الانجازات على أصعدة مختلفة، وفي مقدمتها مشكل الهجرة ومحاربة الإرهاب.
ولفت الدخيل الانتباه إلى أن الدول الكبرى التي لها وزن كبير في الساحة الدولية لم تعترف بالبوليزاريو، وأن الدول الوحيدة التي تعترف بالجبهة هي دول الحزب الواحد، والتي تراجع عدد كبير منها بعد تحولها إلى دول ديمقراطية وأصبح بها تعددية حزبية.
واستنتج الدخيل من خلال ذلكـ أن المغرب قطع أشواطا في إقناع القوى الكبرى بمواقفه وصحة طرحه، خصوصا في علاقة سيادته بالأمن بالمنطقة والمشاكل المطروحة على بلدان الساحل ومدى مساهمة استقرار المغرب ووحدته على كافة أراضيه في ضمان السلم بالمنطقة.
في هذا الإطار، أورد رئيس معهد منتدى البدائل الدولي للدراسات الصحراوية “الأندلس” أن أمريكا تضع أزيد من 450 مليون دولار في الساحل لمواجهة الإرهاب، وكذا دعم دول، الاتحاد الأوروبي التي تضمن تدريب جيوش ومنظمات بهذه الدول من أجل ضمان الاستقرار بها وعلى امتداد دول جنوب الصحراء ودول الساحل التي تعرف انتعاش الإرهاب.
وعاد الدخيل للتأكيد على أن القرار الأمريكي هو قرار إدارة وقرار مدروس ولا يرتبط بشكل مباشر بالرئيس المنتهية ولايته، مسجلا أنه سيكون هناك تتبعا لما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية، من قبل بريطانيا وإسبانيا ودول كبرى أخرى والتي ستسير وفق دعم الخطة التي وضعها المغرب والتي برزت مع جلالة الملك محمد السادس الذي وضعها بمعالم وضاحة تشتغل على التخلي عن سياسة الكرسي الشاغر ودبلوماسية نشيطة جدا فضلا عن دعم المشاريع التنموية بالمنطقة.
وأوضح المتحدث أن دعم هذه الدول لخطة المغرب وطرحه هو اقتناع ودعم للسلام بالمنطقة وبالعالم ككل خصوصا بالنسبة لأوروبا، كما أكد في كلمته أنه لا يمكن ضمان الاستقلال بهذه المنطقة بدون تنمية فعلية حقيقية تمس المواطن.
إلى ذلك خلص البشير الدخيل إلى أن ما حدث من تطورات بارزة في ملف الصحراء، والتي كان آخرها اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على كافة ترابه، يعكس العمل المتواصل الذي يقوم به المغرب مع حلفائه، ومنذ زمن بعيد، حيث ذكر في هذا الصدد بأن الرئيس السابق بوش وأيضا الكونغرس الأمريكي يدعم فكرة الحكم الذاتي، وهو ما يعني حسب المتحدث أن القضية ليست وليدة اليوم.
كما خلص المتحدث إلى أن هناك تيارات عدة وعملا داخل الولايات المتحدة الأمريكية والهيئات الأممية من قبل شخصيات تدعم وتناضل من داخل هذه الهياكل من أجل مقترح الحكم الذاتي ومن أجل أمن المغرب.

> محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top