الحياد الكــربوني من طوكيو إلى مـــونتريال الطريق يمر عبر إفريقيا

يرجع الخبراء إلى أن آخر مرة شهدت فيها الأرض نسب مماثلة من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي و في المحيطات كتلك التي يعرفها كوكب الأرض اليوم، كانت منذ 3 إلى 5 ملايين سنة: كانت درجة الحرارة أعلى بمقدار 2 إلى 3 درجات مئوية عن اليوم ومستوى كان البحر فوق المستوى الحالي من 10 إلى 20 مترا، لكن كوكب الأرض لم يكن يومها يعيش فوقه 7.7 مليار مدمر للمنظومات البيئية إنه الإنسان الذي يدمر الحرث والنسل كل من موقعه سواء كان مواطنا عاديا أو مسؤولا حكوميا رفيع المستوى عبر غض الطرف عن الجرائم البيئية هنا وهناك أو بسن قوانين عوض أن تقوم بزجر المخالفين، تسمح ضمنيا للمدمرين بتخريب ما تبقى من الرمال والأنهار والمناطق الرطبة والمنظومات الايكولوجية بشتى أنواعها، وكنتيجة لذلك أفرز المجتمع المدني أشباه الائتلافات البيئية التي عوض أن تترافع من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من منظومات بيئية، بل العكس من ذلك بدأ يهتم بأمور أخرى يعتبرها إحدى أولوياته المهمة، و لكن الشيء الأبرز في كل هذا تم إنتاج مجموعة من الخبراء يفقهون في جميع مجالات المناخ والتنمية المستدامة، إنه الإنسان الذي يسرع بالوصول إلى نقطة اللاعودة بكوكب أخضر بريء بما يصنع به بنو الإنسان.
و كنتيجة لهذا التدمير البشري المتسارع، نجد تغير المناخ الذي أثر على العالم بأسره، فقد أصبحت الظروف المناخية القاسية كالجفاف وموجات الحرارة والفيضانات والانهيارات الأرضية أكثر تواترا من ذي قبل، في الفلبين، ودول شرق آسيا إلى الصومال و دول القرن الإفريقي ثم دول أمريكا الوسطى وجزر نيكاراغوا، جامايكا والهندوراس كلها دول عرفت ظواهر مناخية قوية خلال العام الحالي مصحوبة بارتفاع مستويات سطح البحر وتحمض المحيطات وفقدان التنوع البيولوجي وهي عواقب أخرى تذل على التغير لسريع الذي أصبح يعرفه المناخ، و من بين هذه الدول يأتي المغرب الذي عرف طيلة السنوات الثلاثة الأخيرة موجة جفاف حادة أثرت بقوة على منسوب عشرات السدود: ابن بطوطة، محمد الخامس، المسيرة، يوسف بن تاشفين وسيدي عبد المومن.
ومن أجل الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة الحد الذي يعتبره الفريق الحكومي الدولي لخبراء المناخ آمنا، فإن تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين أصبح أمرا ضروريا، حيث تم تحديد هذا الهدف أيضا في اتفاق باريس الذي وقعتها 195 دولة، بما في ذلك المغرب، وتؤكد المادة 4 من اتفاق باريس على أنه: “من أجل تحقيق هدف درجة الحرارة على المدى الطويل، تسعى الأطراف إلى بلوغ الحد الأقصى العالمي لانبعاثات غازات الدفيئة وإجراء تخفيضات سريعة بعد ذلك، وفقا لأفضل البيانات العلمية المتاحة لتحقيق التوازن بين الانبعاثات البشرية المنشأ بحسب المصادر وعمليات إزالة غازات الدفيئة البشرية المنشأ بالبواليع في النصف الثاني من القرن.

جائحة كورونا وتغير المناخ

على العكس لما سوقت له مجموعة من وسائل الإعلام الدولية، فإن تسجيل انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري منذ بداية هذا الوباء، لن يكون له أي تأثير على الاحتباس الحراري والاضطرابات العديدة، هذا هو التحذير الذي أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية هذا الأسبوع، حيث أكدت على أن الزيادة في الغازات الدفيئة استمرت بلا هوادة، حيث ارتفعت مستويات ثاني أكسيد الكربون “بشكل حاد” في عام 2019 متجاوزة مستوى 410 أجزاء في المليون، واستمرت هذه الزيادة في عام 2020، ولنتذكر أنه تم تجاوز عتبة 400 جزء في المليون في عام 2015، ومنذ عام 1750 مع بداية الثورة الصناعية زادت هذه التركيزات بنسبة 148٪، فباختصار بدأ الإنسان العاقل في التأثير على المناخ منذ أكثر أو أقل من 270 عاما، وللعلم فقط فإن غاز ثاني أكسيد الكربون يبقى في الغلاف الجوي لقرون وحتى لفترة أطول في المحيطات،
وتظهر أحدث السجلات أن الوباء سيكون له تأثير ضئيل على المناخ، هذه الاستطلاعات مأخوذة من عدة نقاط حول العالم، حيث في شهر شتنبر 2020 كان تركيز ثاني أكسيد الكربون 411 جزء في المليون في محطة ماونا لوا في هاواي، كما لوحظت زيادة (410.8) في كيب جريم في أستراليا، ناهيك عن الميثان الذي يعتبره العلماء قنبلة موقوتة فتأثير الاحترار لهذا الغاز أقوى بـ 28 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مدى 100 عام، حيث يشعر الباحثون بالقلق من الارتفاع الحاد في انبعاثات الميثان من ذوبان الأنهار الجليدية والتربة الصقيعية، وهي التربة المتجمدة بشكل دائم والتي تحتوي على كميات كبيرة من الميثان.

الحياد الكربوني

وينطوي الحياد الكربوني على التوازن بين انبعاثات الكربون وامتصاص الكربون من الغلاف الجوي بواسطة مصارف الكربون لتحقيق صفر انبعاثات، حيث يجب تعويض جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم عن طريق عزل الكربون.
وتعتبر بالوعة الكربون “نظام يمتص الكربون أكثر مما ينبعث منه”، مصارف الكربون الطبيعية الرئيسية هي التربة والغابات والمحيطات، وتشير التقديرات إلى أن الأحواض الطبيعية تزيل ما بين 9.5 و 11 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، حيث بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية السنوية 38.0 جيغا طن في عام 2019، وحتى الآن لا يمكن لأي حوض كربون من صنع الإنسان إزالة الكربون من الغلاف الجوي على نطاق يكفي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، ويتم إطلاق الكربون المخزن في المصارف الطبيعية مثل الغابات في الغلاف الجوي عن طريق حرائق الغابات أو التغيرات في استخدام الأراضي أو قطع الأشجار، وهذا هو السبب في أن الحد من انبعاثات الكربون أمر ضروري لتحقيق الحياد المناخي.
الاتحاد الأوروبي والحياد الكربوني

هناك طريقة أخرى لتقليل الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني عن طريق تعويض الانبعاثات الناتجة عن قطاع واحد عبر تقليلها في مكان آخر، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة أو كفاءة الطاقة أو غيرها من التقنيات النظيفة منخفضة الكربون، ويعد النظام الأوروبي لتجارة الانبعاثات مثالا جيدا على مخطط تعويض الكربون.
التزم الاتحاد الأوروبي بسياسة مناخية طموحة. من خلال الصفقة الخضراء، تريد أن تصبح أول قارة تزيل أكبر عدد ممكن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها بحلول عام 2050، حيث سيصبح هذا الهدف ملزما قانونا إذا اعتمد البرلمان الأوروبي والمجلس القانون الجديد بشأن المناخ، كما سيتم رفع هدف خفض الانبعاثات المؤقت للاتحاد الأوروبي لعام 2030 إلى ما هو أبعد من 40٪ الحالي، للوصول إلى رقم أكثر طموحا.
صوت البرلمان الأوروبي يوم 7 أكتوبر الماضي، لصالح الحياد المناخي بحلول عام 2050 وهدفا يتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 60٪ بحلول عام 2030 (مقارنة بمستويات عام 1990)، وهو هدف أكثر طموحا من الهدف المقترح، من قبل المفوضية (55٪)، يحث أعضاء البرلمان الأوروبي المفوضية على تحديد هدف إضافي لعام 2040 لمساعدة الاتحاد على التحرك نحو هدفه النهائي.
بالإضافة إلى ذلك، دعا أعضاء البرلمان الأوروبي الدول الأعضاء إلى أن تصبح محايدة مناخيا على أساس فردي وأنه بعد عام 2050، يتم إزالة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أكثر مما يتم إطلاقه، يجب أيضا إلغاء جميع أشكال الدعم المباشر أو غير المباشر للوقود الأحفوري بحلول عام 2025 على أبعد تقدير، كما يطمح أعضاء البرلمان الأوروبي إنشاء مجلس الاتحاد الأوروبي لتغير المناخ كهيئة مستقلة لتقييم اتساق السياسات ورصد التقدم.
وحتى الآن، حددت خمس دول في الاتحاد الأوروبي هدفا للحياد المناخي: تهدف السويد إلى الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2045 والدنمارك وفرنسا وألمانيا و المجر بحلول عام 2050، حيث “يجب أن تخفض الدول في نفس الوقت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وزيادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون” هذا الاحتباس الحراري الذي يقترب بسرعة من المستويات التي تضع حضارتنا كما نعرفها في خطر كبير.
الكل يشهد بحقيقة أن الوقت ينفذ لتفادي ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعزز نفسها بنفسها، سيتم تجاوز نقطة التحول إذا تجاوز الاحترار العالمي 2 درجة مئوية إلى 3 درجات مئوية مقارنة بأوقات ما قبل العصر الصناعي، ويمكن بعد ذلك أن تقود عدة سلاسل من الآليات النظام المناخي إلى دائرة مفرغة، ينتج عنها ارتفاع درجة حرارة لا يمكن السيطرة عليه، ومن الأمثلة على ذلك تأثير البياض الذي لوحظ في القطب الشمالي: يتسبب انكماش الغطاء الثلجي في انخفاض انعكاس الضوء وبالتالي زيادة في درجات الحرارة التي تغذي الثلج، ذوبان الجليد في مناطق أخرى، إلخ، ومن الأمثلة الأخرى عن “الاحتباس الحراري الذي يعزز الاحترار” حرائق الغابات والآفات الحشرية التي تقتل أشجار الغابات وذوبان التربة الصقيعية، حيث تصف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة الحقيقة بالقاسية: من أجل تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، سيكون من الضروري تقليل 45٪ انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030 مقارنة بمستوى انبعاثات عام 2010، وتحقيق هدف انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
خفض الانبعاثات بنسبة 25٪
من أجل عدم تجاوز زيادة درجة الحرارة بمقدار درجتين، سنحتاج إلى خفض بنسبة 25٪ بحلول عام 2030، وكذلك صفر انبعاثات بحلول عام 2070، وبالتالي يجب أن يوجه الوقت المحدود المتاح لنا العملية، المقبل تشريعات المناخ الأوروبية، إذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا نجازف بعمليات “التغذية المرتدة” والمتمثلة في التسارع المتزايد للخروج عن نطاق السيطرة، مما يجعل العديد من الإجراءات الأخرى بلا جدوى.
وعلى الصعيد العالمي، ترتبط انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل أساسي باحتراق الوقود الأحفوري، ومن أجل الحد من هذه الانبعاثات المعينة، سيكون من الضروري اعتماد تدابير واسعة النطاق، على سبيل المثال تطوير السكك الحديدية وطاقة الرياح، وتنفيذ تقنيات التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون إلخ، ومع ذلك فإن تنفيذ كل هذه التدابير مهمة معقدة وتستغرق وقتا طويلا، من ناحية أخرى سيكون للحد من قطع الأشجار تأثير إيجابي فوري على المناخ، وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن الحد من حصاد الغابات هو وسيلة فعالة وثابتة لمكافحة تغير المناخ.

كيف ستكون الحياة في بلد خال من الكربون عام 2050؟

إن هذا السيناريو “الطموح” المتمثل في “صافي صفر انبعاثات” لثاني أكسيد الكربون قد يعني “تغييرا كبيرا في أنماط الاستهلاك”: يمكن تصور فردين يعيشان في منزل للطاقة الإيجابية عبر عزل الألياف النباتية والتهوية ومضخة الحرارة، والسقف والزجاج المجهز بخلايا ضوئية، ويتشاركان مع عائلتين أخرتين، حيث يزرعون حديقة نباتية صغيرة، وللتجول في مدينتهم متوسطة الحجم، بالإضافة إلى وسائل النقل العام، فإنهم يمتلكون سيارة هجينة قديمة تعمل بالكهرباء، ولتفادي السفريات السنوية لقد خططا منذ فترة طويلة لرحلة طويلة إلى الصين لقضاء إجازتهم، حيث حصلوا من أصحاب العمل على إمكانية تجميع إجازتهم المدفوعة.
وفي زاوية أخرى من العالم تعيش أم بمفردها مع ابنتها في ضواحي المدينة في حي كان صعبا في السابق وكان موضوعا لبرنامج تجديد، حيث يمكن الوصول بسرعة إلى مركز المدينة عن طريق الترام أو الحافلة أو الدراجة أو السيارة، أو عبر الخدمة الذاتية: إخدم نفسك بنفسك، حيث تم إعادة تأهيل المساكن الاجتماعية للمدينة بالكامل لتوفير الطاقة، وتحصل على المنتجات الفلاحية الطازجة من خضر وفواكه من جمعيات الحفاظ على الزراعة الايكولوجية، حيث قررت قضاء أسبوع أو أسبوعين في التخييم على البحر صيف هذا العام، في مقابل ذلك ترك زوجان متقاعدان وطاعنان في السن والبالغان من العمر ثمانين عاما، تركا منزلهما لكونه كبير جدا ومكلف للغاية بحيث لا يمكنهما صيانته، واستبدلاه بمسكن ريفي يعيش فيه العديد من الأزواج المتقاعدين معا، في وسط القرية، مسكن جماعي يجمع بين خدمات معينة: زيارات الممرضات والمساعدين المنزليين ويتقاسمون الخدمات مع المقيمين الآخرين، ويحتفظون بحديقة منزلية تزودهم بالفواكه والخضروات ويتم توصيل احتياجاتهم الخاصة بهم معا بواسطة شاحنة كهربائية، وفي رحلاتهم، يستخدمان وسيلة نقل جماعية تعمل بالغاز الحيوي، تلك إذن أهداف طموحة، هذا ما يمكن أن تكون عليه الحياة في فرنسا التي انخفضت فيها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير في منتصف القرن، هذه الأسر الثلاث هي بالفعل جزء من العائلات النموذجية التي تم تخيلها لوصف أنماط حياة الأوروبيين بحلول عام 2050.

اليابان و الحياد الكربوني

تعهدت اليابان سادس دول العالم انبعاثا لغازات الاحتباس الحراري بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهذا الهدف الجديد الذي أشاد به خبراء البيئة وخبراء طموح بسبب اعتماد اليابان الكبير على الفحم، وكان رئيس الوزراء الياباني الجديد يوشيهيدي سوجا قد أعلن: “أننا سنخفض من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050” من أجل “هدفنا إلى مجتمع محايد للكربون”
وتظهر اليابان نفسها على أنها أكثر طموحا من الصين، التي تعهدت أيضا بتحقيق هذا الهدف بعد عقد من الزمان في عام 2060، لكن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حددا لنفسهما أيضا هدف تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، لكن هذا أكثر طموحا من اليابان لأن هذا المصطلح يغطي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الأخرى غير ثاني أكسيد الكربون، بما في ذلك غاز الميثان، ويعمل الاتحاد الأوروبي أيضا على تعزيز أهدافه على المدى المتوسط: يجب أن يهدف إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55٪ في عام 2030 مقارنة بمستوى عام 1990، مقابل 30٪ المستهدفة سابقا.

الولايات المتحدة الأمريكية والحياد الكربوني

الولايات المتحدة الأمريكية هي ثاني أكثر دول العالم انبعاثا لثاني أكسيد الكربون بعد الصين، لا يقوم الامريكيون حاليا بنشر أية أهداف لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى الفيدرالي بل الاحرة من ذلك قرروا الانسحاب من اتفاقية باريس في عهد الرئيس السابق، لكن مع صعود الرئيس الجديد جو بايدن بدأت ملامح إيجابية تلوح في الافق بخصوص عودة الامريكيين الى المفاوضات وبشكل جدي وأكثر حماسة من ذي قبل، ومع ذلك، يظهر الرئيس الديمقراطي ، جو بايدن، طموحات تتماشى مع توصيات العلماء، بهدف تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
ولم يعط رئيس الوزراء الياباني جدولا زمنيا دقيقا لتحقيق هذا التوازن بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وامتصاصها، لكنه أشار إلى أهمية التكنولوجيا، وقال: “المفتاح هو الابتكار”، مستشهدا على وجه الخصوص بالبطاريات الشمسية من الجيل التالي، وأضاف أن اليابان ستعمل أيضا على تعزيز استخدام الطاقات المتجددة والطاقة النووية، مشددا على أهمية الأمن في بلد اتسم بشدة بكارثة فوكوشيما في عام 2011، والهدف أكثر طموحا نظرا لأن اليابان تعتمد إلى حد كبير على الفحم والغاز لإنتاج الكهرباء، تعزز التبعية بعد كارثة فوكوشيما، كان لدى الدولة آنذاك 54 مفاعلا نوويا، تولد حوالي ربع الكهرباء المنتجة في البلاد، تم إغلاق جميع المفاعلات في البلاد تقريبًا بعد وقت قصير من وقوع الحادث. تم إعادة تشغيل تسعة منهم فقط منذ ذلك الحين، تتعرض اليابان بانتظام لانتقادات بسبب سياستها في بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم الحجري على أراضيها، ولكن أيضا بسبب تمويلها لمشاريع في الخارج، خاصة في جنوب شرق آسيا، وتمثل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الحجري في الأرخبيل، والتي يبلغ عددها 140 محطة، حوالي ثلث إنتاجها من الكهرباء، حيث يعتبر الفحم ثاني أهم طريقة لإنتاج الكهرباء في البلاد بعد الغاز الطبيعي المسال والذي توفر المرافق 38٪ منه لاحتياجات البلد.
ومن المتوقع أن يشكل الهدف الجديد خطة الطاقة الأساسية في اليابان، والتي هي قيد المراجعة، تهدف أحدث خطة، نُشرت في عام 2018، إلى تلبية 24٪ من احتياجات الطاقة في البلاد من مصادر متجددة – بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية – بحلول عام 2030، وهو معدل غالبا ما يوصف بأنه منخفض وطموح، ودعت هذه الخطة أيضا إلى أن توفر الطاقة النووية أكثر من 20٪ من احتياجات الطاقة في البلاد بحلول عام 2030، ورحبت منظمة السلام الأخضر بإعلان يوشيهيدي سوجا وأكدت أن هذا الالتزام لا ينبغي أن يعني زيادة الاعتماد على الطاقة النووية: “الحياد الكربوني ليس كذلك لم يعد حلما بعيد المنال، بل هو التزام ضروري يتماشى مع اتفاق باريس ومن هذا المنظور نرحب بتصريح رئيس الوزراء سوجا “، قالت جينيفر مورغان ، المديرة التنفيذية لمنظمة السلام الأخضر الدولية.

اليابان وهدف تحقيق الحياد الكربوني

تعتبر اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم الذي وقع اتفاق باريس عام 2015 وبكونه سادس أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم في عام 2018، على الرغم من اعتماد اليابان على الفحم الحجري، تحرص اليابان على ترسيخ مكانتها كقائدة في مكافحة تغير المناخ، عبر تعزيز استخدام الطاقات المتجددة والطاقة النووية ، ونظرا لأهمية الأمن في بلد شهد كارثة فوكوشيما عام 2011، فقد قامت اليابان في أعقاب الزلزال الكبير والتسونامي بإغلاق المؤقت للمفاعلات النووية اليابانية وزيادة اعتمادها على الوقود الأحفوري.

حركة عالمية لتبني الحياد الكربوني

ويضع إعلان يوشيهيدي سوجا اليابان في سلالة الصين التي فاجأت العالم في 22 شتنبر بإعلانها أنها ستحدد هدفا يتمثل في حياد الكربون بحلول عام 2060، تم الإعلان عن الرئيس شي جين بينغ خلال خطابه خلال الدورة 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، فالملوث الرائد في العالم، المسؤول عن ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ملتزم أيضا بالوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030، هذا الإعلان الياباني يتماشى أيضا مع إعلانات الاتحاد الأوروبي، حيث اقترحت في منتصف شهر شتنبر المفوضية الأوروبية استهداف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي بنسبة 55٪ بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 1990 لكن إحجام العديد من الدول الشرقية بما في ذلك بولونيا التي تعتمد بشدة على الفحم الحجري والتي ترفض الوعد بحيادها الكربوني بحلول عام 2050 مما يزيد في تعقيد الموقف.
وبعد خمس سنوات من اعتماد اتفاقية باريس يجب على الدول رفع أهدافها لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري قبل نهاية العام، ومع ذلك، في الوقت الحالي، قدمت 14 دولة فقط والتي تمثل 3.8٪ فقط من الانبعاثات العالمية خططها الجديدة لدى الأمم المتحدة وفقا لإحصاءات معهد الموارد العالمية الأمريكي.
في فرنسا أصبح المسار معروفا جدا ولكن الوصول إليه أصبح أكثر خطورة فقد وضعت الحكومة أداتين لتوجيه سياسة المناخ والطاقة في البلاد للتشاور العام: الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون وبرنامج الطاقة متعدد السنوات، فبفضل خريطتي الطريق هاتين، اللتين سيتم تبنيهما بمرسوم، تهدف فرنسا إلى حياد الكربون بحلول عام 2050، وهو هدف منصوص عليه في قانون الطاقة والمناخ الصادر في نونبر 2019.
هذا لا يعني أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الفرنسية – المقدرة بـ 445 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2018 – ستكون صفرا ، ولكن يجب تخفيضها بشكل كبير (مقسومة على معامل 6 أو 8) وهكذا سيتم تعويض التصريفات المتبقية عن طريق بالوعات الكربون الطبيعية (الغابات والمروج وما إلى ذلك) أو عن طريق بعض العمليات الصناعية.

تعثر الانتقال الطاقي في النقل والبناء

المشكلة هي أن الوتيرة ليست كافية في الوقت الحالي لتحقيق “تحول عالمي في المجتمع” و “إزالة السموم من الوقود الأحفوري” ، كما دعا وزير التحول البيئي. والتضامن، إليزابيث بورن، بالتأكيد الانبعاثات من تيري فقد انخفضت بنسبة 19٪ منذ عام 1990 – مع انخفاض بنسبة 4.2٪ في عام 2018 وحده – ومستوى نصيب الفرد فيها هو من أدنى المستويات (6.4 طنا سنويا) بين البلدان المتقدمة، لكن هذا التراجع ليس بالسرعة الكافية. بالنسبة للفترة الأولى من SNBC، المحددة للفترة 2015-2018، تجاوزت فرنسا ميزانيات الكربون أي الحدود القصوى للانبعاثات – بمقدار 65 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي فائض قدره 3، 7٪. انخفضت الانبعاثات بنسبة 1٪ فقط سنويا في المتوسط بين عامي 2015 و2018، أي نصف ما كان متوقعا، ويرجع ذلك أساسا إلى التأخير في النقل والبناء، وهما أكثر القطاعات انبعاثا للانبعاثات.

تأثير الغازات الدفيئة على الغلاف الجوي

على الرغم من رقة الغلاف الجوي، إلا أنه يقوم بعمل جيد للغاية في الاحتفاظ بحرارة الكوكب، حيث بدونه سيكون متوسط درجة الحرارة على الأرض أقل من نقطة التجمد وبشكل أكثر دقة بترتيب -18 درجة مئوية ، بدلاً من متوسط درجة الحرارة الحالي 15 درجة مئوية، كما يمكنك أن تتخيل، القليل من الأشياء التي تعيش بشكل مريح في درجة الحرارة هذه يمكن أن تعيش تحت درجة حرارية تقدر بــــ 18درجة مئوية تحت الصفر، ويحدث الاحترار العالمي نتيجة لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، والتي تحبس الحرارة من خلال اصطدامها بالأرض، تقوم أشعة الشمس بتسخين سطحها وتزداد الحرارة وتشع بعيدا عن السطح.

ما هي الغازات الدفيئة الرئيسية؟

يعالج بروتوكول كيوتو ، وهو اتفاق دولي للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ ، انبعاثات ستة غازات دفيئة: غاز ثاني أكسيد الكربون، غاز الميثان، غاز ثاني أكسيد النيتروجين، غازات الهيدروفلوروكربونات والهيدروكربونات المشبعة بالفلور، غاز سادس فلوريد الكبريت، ويعتبر بخار الماء من غازات الاحتباس الحراري بالرغم من عدم وجوده في قائمة الأمم المتحدة، ولا تحتفظ جميع هذه الغازات بالحرارة بنفس الدرجة، فعلى سبيل المثال الميثان له قدرة احتباس حراري أكبر 25 مرة من ثاني أكسيد الكربون، هذا ما نسميه بإمكانية الاحترار العالمي، فطن واحد من غاز الميثان يحتفظ بقدر 25 طنا من ثاني أكسيد الكربون، يقال أن هذه الكميات متكافئة، لتسهيل مقارنة الغازات، نقوم بتحويلها جميعا إلى مكافئات ثاني أكسيد الكربون.
ويعد حرق الوقود الأحفوري المصدر الرئيسي لثاني أكسيد الكربون. يعد احتراق البنزين أو الديزل في المركبات أو الفحم أو الغاز الطبيعي في محطات الطاقة والعمليات الصناعية المختلفة أمثلة شائعة للأنشطة البشرية التي تنبعث منها ثاني أكسيد الكربون. تقوم النباتات بإزالة أو امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أثناء عملية التمثيل الضوئي.
غاز الميثان: أحد المصادر الرئيسية للميثان هو إنتاج ونقل الغاز الطبيعي والنفط والفحم، كما أن عملية الهضم للماشية والسماد تطلقه. وكذلك هي النفايات المتحللة في مكبات النفايات.
أكسيد النيتروجين :المصدر الرئيسي لأكسيد النيتروز هو احتراق الوقود في المركبات، تساهم الأنشطة الزراعية أيضا في انبعاثات أكسيد النيتروزجين في الغلاف الجوي، لا سيما من خلال إضافة الأسمدة الاصطناعية التي تحتوي على النيتروجين إلى التربة.
HFC ، PFC ، : SF6 إن تركيز غازات الدفيئة هذه ليس مرتفعا جدا في الغلاف الجوي، ولكن قدرتها العالية على إحداث الاحترار العالمي تجعل لها تأثير احترار قوي. جميع أنواع الغازات الثلاثة اصطناعية، أي أنها لا تحدث بشكل طبيعي في البيئة، تنبعث هذه الغازات من عمليات صناعية مختلفة، بما في ذلك نقل الكهرباء ومعدات تكييف الهواء.
وتمنع الغازات الدفيئة الأشعة تحت الحمراء من الهروب إلى الفضاء، وهذا ما يسمى بتأثير الاحتباس الحراري، تنبعث من الأنشطة البشرية اليوم الكثير من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وبالتالي يصبه الغلاف الجوي أكثر سمكا، ويؤدي هذا إلى تدفئة الكوكب ويجعل أحوال الطقس أكثر قسوة، ويسمى تأثير الأنشطة البشرية على الغلاف الجوي تأثير الدفيئة البشرية المنشأ، قبل الثورة الصناعية، كان تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 280 جزءا في المليون من حيث الحجم وهو الآن 405 جزء في المليون من القيمة المضافة، وهو أعلى تركيز منذ أكثر من 800000 عام ويستمر في الزيادة، ويعتقد العلماء أن هذا التركيز المفرط لغازات الدفيئة هو سبب تغير المناخ، كانت درجة حرارة الأرض في عام 2005 أكثر دفئًا بنحو 0.75 درجة مما كانت عليه في عام 1906، قد يبدو الفارق ضئيلا، لكن العلماء يتفقون على أننا يجب ألا نتجاوز 2 درجة مئوية فوق درجة الحرارة، متوسط درجة الحرارة العالمية، وإلا فإن تغير المناخ قد يكون له عواقب وخيمة، وتبقى اهم الآثار الكارثية فقدان الجليد البحري، ارتفاع في مستوى البحر، موجات حرارة أكثر شدة وأطول، زيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الأعاصير والأعاصير، كل من هذه التأثيرات لها تأثيرات مضاعفة فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك زيادة في الظواهر الجوية المتطرفة، فقد يزداد أيضا عدد الوفيات والإصابات الناجمة عنها، يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى المزيد من الأيام شديدة الحرارة، يمكن أن يزيد هذا من خطر الإصابة بالجفاف والأمراض المرتبطة بالحرارة، بالإضافة إلى ذلك، إذا تغيرت اتجاهات المناخ، يمكن أن يتغير توزيع الحشرات أيضًا. قد تكون هذه مشكلة لعدة أسباب، بما في ذلك حقيقة أن الحشرات يمكن أن تحمل أمراضا مميتة.

أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية بواعث غاز الميثان

تشير إحدى الدراسات إلى ثلاث بؤر جغرافية رئيسية أطلقت أكثر من 50٪ من غاز الميثان الموجود في الهواء في عام 2017: آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وترجع هذه الانبعاثات جزئيا إلى حقيقة أن المناطق الاستوائية، الرطبة بشكل خاص، تطلق غاز الميثان بشكل طبيعي، لكنه يأتي أيضا من تربية الماشية، التي تزداد في آسيا وأفريقيا، وزراعة الأرز، وكلاهما من الأنشطة الزراعية الرئيسية المنتجة لهذا الغاز.
وتلعب الصين دورا رئيسيا في انبعاثات الميثان؛ كما أنها الباعث الرئيسي لثاني أكسيد الكربون، لا ينبغي التفوق على الولايات المتحدة، حيث تطلق كمية من الميثان تقريبا مثل منافستها الآسيوية، في المقابل، أوروبا هي القارة الوحيدة على هذا الكوكب التي خفضت انبعاثاتها بين 2000-2017، وإذا كانت أوروبا تنبعث كميات أقل من الميثان مباشرة في الهواء ، فيجب أن نأخذ في الاعتبار حقيقة أنها تصدر جزءا من نفاياتها وتستورد كمية كبيرة من الوقود الأحفوري من قارات أخرى، مثل النفط.
إحدى العقبات التي تعترض الملاحظات العلمية حول هذا الموضوع هو تعقيد تحديد انبعاثات غاز الميثان ومصادرها، وعلى أي حال، حتى لو كنا لا نعرف جميع مصادر الميثان ، فإنه: “يجب أن نستمر في قياس غازات الاحتباس الحراري بدقة من أجل القيام بكل شيء للبقاء ضمن حدود سيناريوهات اتفاق باريس “.
ووصلت انبعاثات غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة ذات القدرة العالية على إحداث الاحترار العالمي، إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، فنحن نعلم أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون هي السبب الرئيسي للاحتباس الحراري، ويمكن أن تبقى الغازات الدفيئة هذا في الغلاف الجوي لمدة تصل إلى 100 عام، من ناحية أخرى،ويبقى الميثان صامدا لأكثر من عقد بقليل، إنه أقل من ذلك بكثير، لكن لا ينبغي أن ننخدع بهذه الفترة الزمنية: تأثيرها على تأثير الاحتباس الحراري أقوى 25 مرة من ثاني أكسيد الكربون.
وتتزايد انبعاثات الميثان العالمية، وهو أمر مؤكد منذ فترة طويلة، لكن دراسة جديدة نشرت يوم 15 يوليو 2020 وأجراها علماء في جامعة ستانفورد تظهر أن مستويات هذه الزيادة أعلى مما تم حسابه سابقا، حتى أنهم وصلوا إلى مستوى تاريخي: أعلى مستوى على الإطلاق.
في عام 2017 وهو آخر عام توفرت عنه جميع البيانات انبعثت 600 مليون طن من الميثان في الغلاف الجوي لكوكبنا، كما أوضح العلماء في تعليق على دراستهم، يبدو الأمر كما لو أن 350 مليون سيارة قد أضيفت إلى الطرق في ذلك العام، أو كما لو أن انبعاثات بلد مثل فرنسا قد تضاعفت أو ألمانيا، في حين أنه من الواضح أن 350 مليون سيارة لم يتم تداولها إلا أن مصادر انبعاثات الميثان حددها الباحثون جيدا.

إنتاج الطاقة والزراعة

ليس من المستغرب أن الأنشطة البشرية هي السبب الرئيسي لزيادة انبعاثات غاز الميثان، هناك العديد من المصادر الطبيعية، مثل الميثان الذي يتسرب من ذوبان التربة الصقيعية في القطب الشمالي، وتبقى الزراعة السبب الرئيسي لانبعاثات غاز الميثان، أما بالنسبة للمصادر البشرية فإن البلدان الأكثر انبعاثا للغازات – من 10 إلى 15 مليون طن إضافي سنويا – تقع بشكل أساسي في إفريقيا والشرق الأوسط والصين وجنوب آسيا، تليها الولايات المتحدة التي تنبعث منها أكثر من 4.5 مليون طن إضافي من الميثان كل عام، ففي أوروبا من ناحية أخرى تتجه انبعاثات الميثان إلى الانخفاض، هذا يرجع إلى السياسات الزراعية الأفضل، وحقيقة أن الناس يأكلون الدواجن والأسماك أكثر من لحوم البقر.
إن إنتاج وتوزيع الوقود الأحفوري في بصر مؤلفي الدراسة. “يتزايد استخدام الغاز الطبيعي بسرعة هنا في الولايات المتحدة وحول العالم، إنه يعوض الفحم في قطاع الطاقة ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكنه يزيد من انبعاثات الميثان في هذا القطاع، “كما كتب روب جاكسون، البادئ في هذه الدراسة، سبب آخر مهم من أسباب بشرية: الزراعة. يمثل هذا النشاط ثلثي انبعاثات الميثان في العالم، في عام 2017، قفزت الانبعاثات من الزراعة 227 مليون طن، بزيادة 11٪ عن متوسط 2000-2006، ولتوضيح كيفية انبعاثات غاز الميثان الهيكلية، يشير المؤلفون إلى أنه في حين انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أثناء عمليات الإغلاق التي تسببها الوباء، لم يحدث ذلك. “لا توجد فرصة لانخفاض انبعاثات الميثان بقدر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسبب الفيروس، نستمر في تدفئة منازلنا ومبانينا، وتستمر الزراعة في التوسع. “

مستويات غاز الميثان تدق ناقوس الخطر

ويقوم مؤلفو هذه الدراسة بأكثر من مجرد دق ناقوس الخطر عند هذه المستويات القياسية لانبعاثات غاز الميثان، إنهم يذكروننا بأن الحلول موجودة، وأننا نعرفها جيدا بالفعل، يقول روب جاكسون: “سنحتاج إلى تناول كميات أقل من اللحوم وتقليل الانبعاثات الناتجة عن تربية الماشية وزراعة الأرز، بالإضافة إلى استبدال الزيت والغاز الطبيعي في سياراتنا ومنازلنا: “تلعب طريقة تغذية حيوانات المزرعة دورا مهما، هذا هو أحد الجوانب التي يجب أن تتطور، على سبيل المثال، يمكن أن تساعد بعض المكملات الغذائية في تقليل إفرازات الميثان في الأبقار، على أية حال فإن روب جاكسون متفائل للغاية بشأن تطور الممارسات،ولكن كان هناك شيء واحد مفقود: الميثان، والذي من شأنه أن يجعل الحاوية تفيض، لأن انبعاثات ثاني غازات الاحتباس الحراري من حيث الوفرة زادت بنسبة 9٪ بين الفترة المرجعية 2000-2006 و 2017، لتصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، بحسب تقرير الميثان العالمي الثاني الذي نشر يوم الأربعاء، 15 يوليو من قبل ما يقرب من 90 عالما من أكثر من خمسة عشر دولة، متحدين في اتحاد مشروع الكربون العالمي، حيث يكفي لتقويض أهداف اتفاقية باريس وقيادة الكوكب إلى ارتفاع درجات الحرارة بقوة – بين 3 درجات مئوية و 4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن.
ويبقى السبب الرئيسي لتغير المناخ هو ثاني أكسيد الكربون، بشكل رئيسي من احتراق النفط والغاز والفحم، والذي تستمر انبعاثاته في الزيادة، لكن الميثان مسؤول عن 23٪ من الاحتباس الحراري منذ حقبة ما قبل الصناعة، ففي الواقع إذا كان أقل وفرة واستمر وقتا أقصر في الغلاف الجوي، فإن إمكاناته الاحترارية أعلى بكثير: ثمانية وعشرون ضعفا على مدى مائة عام و 86 مرة أكثر من عشرين عاما، النتيجة: ازدادت تركيزات الميثان منذ عام 2007، مع تسارع قوي من 2014 وسجلات النمو السنوية في 2018 و 2019. أخيرا، زاد تركيز الميثان في الغلاف الجوي أكثر من الضعف منذ عصر ما قبل الصناعة من 730 جزء في المليار في 1750 إلى 1875 جزء في المليون في عام 2019 وهو معدل لا مثيل له لما لا يقل عن 800000 عام.
ويهدد الارتفاع غير المتوقع في غاز الميثان في الغلاف الجوي العالمي بمحو المكاسب المتوقعة من اتفاقية باريس للمناخ، في أبريل الماضي أصدرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة بيانات أولية تظهر أن قفزة تاريخية في المستوى العالمي لغاز الميثان في الغلاف الجوي حدثت في عام 2018، تتوج هذه المعلومات بموجة من البيانات حديث العلماء والمعلومات التي تشير إلى أن مستويات الميثان المستقرة سابقا في الغلاف الجوي قد زادت بشكل غير متوقع في السنوات الأخيرة، في حين وصل عام 2018 وصل مستوى الميثان في الغلاف الجوي إلى أعلى مستوى جديد له على الإطلاق، مسجلا ثاني أكبر زيادة سنوية في العشرين عاما الماضية، والأهم من ذلك، أدى قفزة 2018 إلى الأمام إلى إطالة فترة التعافي غير المتوقع لعدة سنوات في نمو مستويات الميثان العالمية.
وفي الاخير يمكن اعتبار غاز الميثان من الغازات الدفيئة سريعة الزوال ولكنه ذو قوة عظمى وهو ثاني أهم مساهم في الاحتباس الحراري الناتج عن الأنشطة البشرية بعد غاز ثاني أكسيد الكربون.

بقلم: محمد بنعبو

خبير في المناخ والتنمية المستدامة
رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

Related posts

Top