حضور مغربي مستمر في جائزة “كتارا” للرواية العربية

سنة بعد أخرى، تتكرس جائزة “كتارا” للرواية العربية حدثا ثقافيا متميزا، يترقبه الأدباء والمبدعون وعموم المثقفين بشغف كبير، نظرا للمكانة التي يتبوأها في الساحة الفكرية والإبداعية العربية.
وإذا كانت مجموعة من الجوائز الأدبية والتظاهرات الثقافية على المستويين العربي والعالمي قد تأجلت بحكم ظروف جائحة “كورونا” التي أثرت على دينامية المشهد الثقافي، فإن جائزة “كتارا” انعقدت في موعدها المعتاد، وجاء الإعلان عن النتائج متزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للرواية المصادف لتاريخ 12 أكتوبر والذي اعتُمد في الدورة العشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي.
وحافظت الجائزة على حجمها وقيمتها الفكرية والأدبية، من خلال تخصيص خمسة فائزين في كل فئة، بالإضافة إلى فائز في فئة الرواية القطرية، مع الحرص على طباعة الأعمال الفائزة وترجمة الروايات المتوجة إلى اللغة الإنجليزية.
وحيث إن أعداد الأعمال المشاركة في هذه المسابقة تشهد زيادة ملحوظة من دورة إلى أخرى، فإن الأرقام تشير إلى أن إدارة الجائزة استقبلت في الدورة السادسة 2220 مشاركة للمنافسة بمختلف الفروع، وهو ما يجسد أهمية وريادة الجائزة وحضورها الحقيقي في مشهد الإبداع العربي، كما يبرز حجم التفاعل الكبير للروائيين والنقاد مع فئات هذه المسابقة الثقافية المميزة.
وكعادة الدورات السابقة، فاز ثلاثة مغاربة في الدورة السادسة لجائزة “كتارا” للرواية العربية، يتعلق الأمر بالباحثين مصطفى النحال عن دراسته “تمثيل الواقع في السرد الروائي: دراسة نظرية ونصيّة”، وعبد المالك أشهبون عن دراسته النقدية “صورة الأنا والآخر في مرايا روايات الهجرة”، فيما فاز مغربي آخر في صنف الرواية غير المنشورة، يتعلق الأمر بسعيد العلام سعيد العلام من المغرب عن روايته “عذراء غرناطة: حب بين مدينتين”. 
وعلاوة على الفوز المستحق لباحثين وأدباء آخرين من دول مغاربية أخرى، فمن الجدير بالملاحظة فوز خمسة فائزين من مصر في الدورة السادسة، وهم: محمد المخزنجي (فئة الروايات العربية المنشورة) وسالم محمود سالم (فئة الروايات غير المنشورة) وأسامة أيوب عليمي، ومحمد إسماعيل اللباني (فئة البحث والنقد الروائي) وصلاح الجويدي (فئة رواية الفتيان).
وجاء هذا الفوز تتويجا لحجم المشاركة الوازنة كمًّا ونوعًا للعديد من الأدباء والنقاد المصريين ـ ذكورا وإناثا ـ ولا سيما المنتمين للجيل الجديد من المثقفين، وهو ما يدل على الزخم الذي يميز الإنتاج الأدبي والنقدي المصري، علمًا بأن الأعمال المشاركة من مصر كانت هي الأكثر عددا على مستوى المسابقة ككل، مثلما تؤكد ذلك الأرقام المنشورة في الموقع الإلكتروني للنادي الثقافي “كتارا”.
ومن جهة أخرى، فإن العدد الهام للفائزين يبرهن على موضوعية هذه الجائزة، إذ استبعدت الجهة المشرفة عليها العامل السياسي من المسألة تماما، علمًا بأن مصر توجد إلى جانب دولتين أخريين في تحالف مناوئ لدولة قطر.
وخلاصة القول إن جائزة “كتارا” للرواية العربية فعّالية هامة تُسهم في إثراء الإنتاج الروائي العربي والنقد الأكاديمي المرتبط به، وما وصولها إلى الدورة السادسة بنَفَس حيوي متجدد والتفاف كبير للنقاد والروائيين العرب حولها إلا دليلا على مصداقيتها ونزاهتها وحياديتها. ويبقى الأمل في أن تعزز الأعمال الروائية الفائزة، عند نشرها وتوزيعها، الجسور مع القارئ العربي وتحفزه على المزيد من الإقبال على الكتاب، بالإضافة إلى تنشيط الحركة النقدية الوازنة.

> الطاهر الطويل

Related posts

Top