مشروع قانون الإضراب المثير للجدل يعود إلى الواجهة

يعرض وزير التشغيل والإدماج المهني، يوم غد الأربعاء، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية، بمجلس النواب، مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15، المثير للجدل، والمتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وهو المشروع الذي أعدته الحكومة وأحالته على مجلس النواب منذ قرابة أربع سنوات.
وكانت المركزيات النقابية قد عبرت عن رفضها لهذا المشروع بالصيغة التي أحيل بها على مجلس النواب، وطالبت بسحبه، على اعتبار أن الحكومة انفردت بصياغته، وأقصت الشركاء الاجتماعيين، وفي مقدمتهم النقابات التي دعت إلى فتح نقاش وتفاوض ثلاثي الأطراف، تشارك فيه الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب بهدف الوصول إلى صيغة متوافق بشأنها، وفي الوقت ذاته، تضمن ممارسة الحق في الإضراب الذي يضمنه الدستور وكل المواثيق الدولية.
وتخشى النقابات من أن يمرر هذا المشروع بالصيغة التي أحيل بها على المجلس، لأن يضم في كثير من بنوده مقتضيات تعاكس ممارسة الإضراب، وتحاول تكبيل هذا الحق المشروع القائم على مبدأ الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للعمال والأجراء.
كما أن هذه النقابات اعتبرت مشروع القانون، في حد ذاته، عبارة عن آلية قانونية الغاية منها هي التضييق والمنع والمصادرة تحت مبررات عديدة، منها الادعاء بتسييس الإضراب كما هو الشأن في المادة الخامسة من المشروع والتي تنص على “منع كل إضراب لأهداف سياسية”، وبالتالي يمكن للحكومة أن تلجأ إلى منعه بمبرر أنه إضراب سياسي.
ويرى العديد من الخبراء والفاعلين الحقوقيين، أن مشروع القانون التنظيمي يحاول تضييق هامش الحق في الدعوة إلى الإضراب والمشاركة فيه، وذلك من خلال حصره في الجماعات المهنية المعنية مباشرة بالضرر المادي أو المعنوي الذي يسوغ لها اللجوء إلى الإضراب. وهو ما يعني، في نظر هؤلاء الخبراء عدم شرعية الإضرابات التضامنية مثلا، أو تلك التي قد ترتبط بالتصدي لقرار سياسي معين له تبعات اجتماعية واقتصادية تثقل كاهل المواطنين.
كما أن الفلسفة التي استندت عليها الحكومة في وضعها للمشروع في صيغته الحالية، ترمي إلى تغليب مصلحة المشغلين وأرباب العمل على مصلحة الأجير، من خلال وضع مجموعة من القيود والشروط التعجيزية، من قبيل إعطاء المشغل مهلة 30 يوما من أجل دراسة الملف المطلبي، قبل تنفيذ الإضراب، وهو امتياز منح للمشغل الذي خول له المشروع أيضا، تبرير رفض الإضراب تحت ذريعة توفير الحد الأدنى من الخدمة مع إمكانية تعويض الأجراء المضربين بآخرين تحت نفس المبرر، وفق ما نصت عليه المادة العاشرة من المشروع، مما يؤدي، بحسب المركزيات النقابية إلى إفراغ الإضراب من محتواه.
كما يفرض مشروع القانون التنظيمي، وفق ما جاء في المادة السابعة، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمال قبل خوض الإضراب، قصد البحث عن حلول، ويضيف أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين، وحتى في حالة تنفيذ الإضراب، فإنه يمنع بحسب المادة 13 على المضربين عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب، ويمنع عليهم احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها.
وذهبت المركزيات النقابية إلى اعتبار أن المقتضيات التي وردت في مشروع القانون التنظيمي للإضراب، توظف بشكل واضح القضاء والسلطات العمومية، واستعمال القانون الجنائي بوضع شروط تعجيزية وترهيبية لمنع هذا الحق الدستوري، حيث أتاحت المادة 20 من المشروع لقاضي المستعجلات إصدار قرار قضائي يعلق ممارسة حق الإضراب، وبالتالي فإن هذه الآلية القانونية تتيح للمشغل اللجوء إلى القضاء الاستعجالي من أجل استصدار أمر قضائي بتوقيف ممارسة هذا الحق الدستوري، بالاستناد على مبررات لا تصب بالضرورة في مصلحة العمال والأجراء، وفي المقابل يتيح المشروع في المادة 26 للمشغل إمكانية المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمقاولة.

< محمد حجيوي

تصوير: أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top