هشام بناني رئيس جمعية المستكشفين المغاربة: هناك أكثر من 30 جمعية تنشط في مجال الاستغوار بالمغرب

< بات الاستغوار وسيلة أساسية لتثمين التراث الطبيعي من قبل البحث العلمي، منذ متى بدأ الاهتمام بهذا المجال؟

> إذا استبعدنا عصور ما قبل التاريخ، والتي توجد بها العديد من آثار الوجود الإنساني في الكهوف من المجوهرات والنقوش والعظام والأدوات واللوحات، فإن أول آثار لنشاط استكشاف المغارات تعود إلى القرن الثالث عشر في سلوفينيا  كهف بوستوينا ( Postojnska jama)  ، وهو  من ضمن أطول الأنظمة الكهفية في العالم .
وابتكر إميل ريفيير في سنة 1890 ما قبل التاريخ كلمة”speleology” ، بعد إنشاء المجموعة الدولية الأولى لعلماء الاستغوار (جمعية لدراسة الكهوف) في 1879 بفيينا. واتخذ استكشاف الكهوف بعدا علميا خلال القرن التاسع عشر بفضل تنويع دراسات الاوساط الكارستية، (نسبة لمنطقة كارست في يوغوسلافيا) التي تنتج من فعل الأمطار والمياه الجارية، وخاصة جريان المياه الجوفية التي تفضي إلى ذوبان كربونات الكلسيوم. وتكون هذه التضاريس بأشكال سطحية أو جوفية. وفي سنة 1840 بلغ مستوى هوة منطقة  Trebiciano”تريبشيانو” إلى 322 مترا حيث كان منذ فترة طويلة يعد أعمق هوة في العالم.
شهدت هذه الفترة عدة رواد للاستغوار، ويعد إمري غابور بيكي (Imre Gábor Bekey) في المجر أول المستكشفين المشهورين وإميل جورج راكوفيتزا ( Émile Georges Racovitza) في  رومانيا وستيفن بيشوب (Stephen Bishop) في الولايات المتحدة الأمريكية وإي مارتل (E.A Martel  ) في فرنسا والذي يعتبر أب الاستغوار الحديث، منذ 27 يونيو 1888 إذ يعد الرائد الحقيقي للاستكشاف المنهجي. وأنشئت جمعية للاستغوار في سنة 1895 مكرسة لاستكشاف المغارات.
وفي القرن العشرين، ظهر مستكشفون كبار آخرون، بما في ذلك “روبرت دي جولي”(Robert de Joly) المخترع للوسيلة الرئيسية للولوج إلى  أعماق الأرض « l’échelle acier de spéléo ».  وكذا “نوربرت كاسيت “Norbert CASTERET  المستكشف الانفرادي في سن الحادية عشرة، لكهوف “إسكالير” بالقرب من سان مارتوري بفرنسا. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، زاد عدد الأندية والهواة في هذا المجال بشكل كبير، وذلك بفضل التقنيات الجديدة في هذا المجال. وبدأت تحقيق أرقام قياسية في الولوج إلى المغارات من حيث المسافة والعمق وبات الاستغوار يأخذ بعدا رياضيا.
اليوم، يمارس الاستغوار في جل بقاع العالم، وتتوالى الاكتشافات على مستوى قياس عمق الكهوف والعلوم المرتبطة بالاستغوار، ولا سيما البيولوجيا.

< بالنسبة للمغرب شهد أول عملية استكشاف للكهوف سنة 1927 عبر اكتشاف مغارة الجمل “تاسركوت”، ما هو المسار التاريخي المغربي لهذه الرياضة العلمية البيئية؟

> نعم شهد المغرب اكتشاف مغارة الجمل ” تاسركوت ” في سنة 1927 من قبل عالم الآثار الشهير “نوربرت كاسيت” (Norbert CASTERET) . وفي سنة 1934، استكشف نوربرت كاسيت العديد من التجاويف في منطقة تازة بناء على طلب النقابة المحلية للمبادرات السياحية. بعد ثلاث سنوات، نشط “نوربرت كاسيت” ندوة حول علم المغارات في المغرب استقطبت العديد من اخصائيي الاستغوار الأجانب من أجل استكشاف المغارات المغربية.
وفي سنة 1948 أنشئت جمعية الاستغوار بالمغرب ولم تنطلق أشغالها إلا سنة 1953. وأخذ الخلف عنها نوادي المستغورين بكل من الرباط وأكادير والدار البيضاء. وخلال هذه الفترة ونهاية السبعينيات، مورس الاستغوار فقط من قبل عدد قليل من الأجانب الذين يعيشون في المغرب.
وتم تأسيس جمعية أكادير للكهوف في 15 مايو 1986 من قبل السيد لحسن عشير الذي يعتبر الأب لعلم الآثار المغربي. مع أعضاء جمعيته، نجح عشير في استكشاف ومسح مشاهد نهر تحت الأرض بمغارة “وين تيمدوين”. على مر السنين، تم إنشاء جمعيات أخرى وتزايد عدد المستغورين المغاربة.
وفي سنة 1997، اجتمع المستغورون المغاربة في أكادير من أجل إنشاء الجامعة المغربية للاستغوار، ومن أجل معالجة جميع المشاكل المرتبطة بالوسائل التقنية والمالية اللازمة لهذا التخصص.
يهدف هذا الإطار الجمعوي أيضا إلى توفير الوثائق وتطوير النصوص التنظيمية اللازمة للإشراف على نشاط الاستغوار في المغرب. كانت هذه التجربة قصيرة الأجل فقط، إذ توقفت لتترك المستغورين المغاربة بدون إطار عمل موحد لمدة 15 سنة.
ومع ذلك، فإن أنشطة الاستكشاف لم تتوقف قط في المغارات المغربية. وازداد عدد الجمعيات الجهوية وتضاعفت مهام الاستكشاف، مع إدماج البعثات الأجنبية. وفي سنة 2012، بدأت محاولة جديدة لإنشاء إطار عمل موحد، ولكن دون جدوى. كما كانت هناك محاولة الاتحاد الوطني المغربي لعلم الاستغوار، الذي أنشئ ثم اضمحل بعد بضعة أشهر من ذلك. ومنذ سنة 2017 هناك أكثر من ثلاثين جمعية تنشط في مجال الاستغوار، جميعها يحذوها الأمل لتطوير هذا النشاط.

< ما هي دواعي تنظيم هذا المؤتمر؟

ننشد من عقد المؤتمر فتح النقاش حول أهمية التراث الطبيعي في المغرب كركيزة للتنمية المستدامة. كما أن الهدف النهائي هو إعداد ملخص ليتم إتاحته لصناع القرار كأداة للمعلومات واتخاذ القرارات فيما يتعلق بمواضيع المؤتمر. وعقد هذا المؤتمر بعد العديد من الإنجازات والدراسات والبحوث والاكتشافات. ويهدف المؤتمر أيضا إلى أن يكون فرصة للقاء وتبادل والخبرات والدراسات العلمية، وهي جزء من سياسة عالمية لتبادل المهارات والموارد.  ولقي المؤتمر إقبالا مهما من المختصين حيث عرف مشاركة ما يناهز 86 مشارك من 15 مدينة مغربية و14 جمعية.

 حاوره محمد التفراوتي

Related posts

Top