موسيار: مكافحة الأمراض النادرة “مشروع ضخم” يتطلب تحديد الأولويات

تؤثر الأمراض النادرة على أقل من واحد من 2000 نسمة، وهي لا تزال تمثل إشكالا مهما في المغرب على مستوى التشخيص والتدبير. وأوضحت الدكتورة خديجة موسيار، اختصاصية الطب الباطني وأمراض الشيخوخة ورئيسة ائتلاف الأمراض النادرة، في بلاغ صحفي حول الموضوع، أنه من بين المشاكل التي يواجهها المرضى ضعف التغطية الصحية، حيث لا يوجد سوى طبيب واحد لكل 1350 نسمة، في حين أن معايير منظمة الصحة العالمية توصي بطبيب لكل 650 نسمة. كما أن ميزانية الصحة تمثل أقل من 6% من ميزانية الدولة، بينما توصي منظمة الصحة العالمية بنسبة 10 إلى12٪.
هذه الإشكالات المرتبطة بالتغطية الصحية عموما ببلادنا، فضلا عن العوائق المرتبطة بفئة الأمراض النادرة تحديدا، والمتمثلة في ضعف التشخيص والتكفل، تجعل من مطمح مواجهة هذه الأمراض بصفة أفضل “مشروعا ضخما” كما تقول موسيار، ولذلك فإن الائتلاف الجمعوي الذي وضع على عاتقه مساندة المرضى في معاناتهم، يعي تماما ضرورة تحديد الأولويات والشروع في اتخاذ أكثر الإجراءات واقعية والتي تتطلب أقل قدر من الموارد البشرية والمالية.
وفي هذا الصدد، دعت موسيار إلى التشجيع على إنشاء ملف طبي واحد لكل شخص وتشجيع المغاربة على الاستعانة بطبيب الإحالة أو” طبيب الأسرة ” الذي يعرف كل شيء عن مريضه، وذلك من أجل تحسين مركزية المعلومات وتنسيق الرعاية، كما هو الحال في الدول الأوروبية على سبيل المثال، مع اهتمام أفضل بالطب السريري الذي يتطلب جهدا كبيرا في تشجيع 4 تخصصات رائدة في مكافحة الأمراض النادرة: طب الأطفال، والطب الباطني، طب الأعصاب، والأمراض الجلدية، وكل ذلك في أفق إنشاء مراكز مرجعية وطنية للخبرات ومراكز الكفاءة للرعاية المقربة.
وأكدت الاختصاصية المغربية على أهمية وضع نظام وطني للفحوصات لفائدة الأطفال حديثي الولادة بشكل منهجي، خاصة بالنسبة إلى بعض الأمراض، من أجل تجنب العاهات التي تسببها: ومن بين هذه الأمراض على سبيل المثال قصور الغدة الدرقية الخلقي، ومرض “بيلة فلين كيتون”، حيث يمكن شفاء مثل هذه الأمراض بسهولة بعد تشخيصها، عن طريق علاج غير مكلف (هرمون الغدة الدرقية) وإتباع نظام غذائي معين (نظام غذائي منخفض في حمض أميني الفينيل ألانين).
كما طالبت موسيار بالقيام بحملات توعية وتحسيس كبرى في صفوف المواطنين، للتعريف بهذه الأمراض وسبل مكافحتها، وهو ما يتطلب حسب الطبيبة على تحدي تسهيل وصول المعلومات إلى المواطن عن طريق التواصل معه باللغة التي يتقنها، وليس باللغة الفرنسية. ودعت إلى تشجيع تكوين جمعيات مدنية فاعلة في هذا المجال حتى تتمكن من دعم المرضى وعائلاتهم والعمل على تحقيق الوعي العام بالنسبة لكل مرض.
وعلى مستوى التكفل، أكدت رئيسة ائتلاف الأمراض النادرة على ضرورة تحسين جودة التكفل والرعاية للمرضى عن طريق تعزيز نظام التغطية والتأمين الصحيين، وإدماج جميع الأمراض النادرة في خانة “الأمراض طويلة الأمد”.
يذكر أن هذه المواضيع وغيرها ستشكل محور النقاش بين الخبراء وجمعيات المجتمع المدني الفاعلة في مجال مكافحة الأمراض النادرة، وذلك خلال اليوم الوطني الثاني للأمراض النادرة الذي ينظمه الائتلاف بعد غد السبت 23 فبراير برحاب جامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالدار البيضاء، تحت رعاية وزارة الصحة، في إطار إحياء اليوم الدولي للأمراض النادرة الذي يحتفل به في جميع أنحاء العالم يوم 28 فبراير من كل سنة.

Related posts

Top