3 أسئلة للكاتب المسرحي الحسين الشعبي

على هامش توقيع مسرحيته الجديدة “لوزيعة” بالمعرض الدولي للكتاب والنشر، اقتنصت بيان اليوم كاتبنا الحسين الشعبي من بين زحمة من الصحفيين والنقاد الذين انزووا به بعد التوقيع لمحاصرته بوابل من الأسئلة احتفاء بإصداره الجديد، وكان لنا معه هذا الحوار السريع:

< لماذا “لوزيعة”؟ وما الرابط بينها وبين “السماد الكيماوي”؟
> “لوزيعة” تأليف مسرحي عن فكرة تناولتها قصة قصيرة للكاتب التركي عزيز نسين بعنوان “السماد الكيماوي” التي اطلعت عليها إبان نشرها بمجلة ثقافية عراقية في ثمانينات القرن الماضي.. أعجبت بهذه الفكرة التي تنتقد بشكل لاذع وساخر ظاهرة الفساد في الإدارة وتفشي البيروقراطية، فوجدت أنها تنطبق تماما على مجتمعنا، واشتغلت عليها دراماتورجيا محاولا استنباتها في التربة المغربية، بإحداث وتوظيف شخصيات مغربية، جاعلا فضاءها الدرامي يتراوح بين المجال القروي وفضاء الإدارة، معتمدا تقنيات الكوميديا السوداء التي تفضح وتسخر من الواقع وتجعل الجمهور يضحك على واقعه، لكن بنفس درامي يشبه العبث ويقترب من الفانطازيا.. أما العلاقة بين نص “لوزيعة” وقصة “السماد الكيماوي” فهي علاقة توليدية وتجادلية تستند على الوفاء للفكرة الأصلية وتجاوزها في ذات الوقت.. إذ أن فضاء القصة يقتصر على مجال الإدارة، وتكثيف العملية السردية، وتقليص الشخصيات.. بينما النص المسرحي انبنى أساسا تنويع وتنشيط الحكاية وشخصياتها وفضاءاتها.. بحيث توزعت الشخوص على أقطاب الصراع، وبلغ عددها زهاء عشرين شخصية.. وتشكل الفضاء من أمكنة متعددة منها فضاء التعاونية الفلاحية بالفيلاج، وإدارة الإصلاح الزراعي، ودوار من دواوير القرية، وفضاءات فنطازية متخيلة.. بالإضافة إلى توظيف الأغنية والإنشاد الجماعي اللذين يضفيان دينامة جمالية على مستوى التلقي..
< لماذا التأخر في نشر المسرحية على شكل مؤلف بالرغم من عرضها سنة 2000؟
> عندما كتبت “لوزيعة” سنة 1984، وهو أول نص مسرحي لي، سلمته لعدد من الأصدقاء لمراجعته وإبداء الرأي، ومنهم الصديق الممثل والمخرج والشاعر مصطفى حمير الذي اقترح إضافات دراماتورجية لم أتردد في قبولها وإدماجها في المتن العام للنص.. لم أجرأ ءانذاك على الطبع والنشر في انتظار أن تنضج التجربة، ثم بقي النص حبيس المخطوط إلى حدود 1999 حيث راجعته وأعدت كتابته وسلمته لفرقة الفضاء المسرحي بمدينة القنيطرة التي أنتجته بإخراج الفنان يوسف الساسي وسينوغرافيا الحسين الهوفي وهما معا من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وشارك في تشخيصه نخبة من الممثلات والممثلين أذكر منهم الفنان الراحل العربي الساسي، والمغني المتميز البشير عبده، ووضع ألحان المسرحية وموسيقاها الفنان مولاي عبد العزيز الطاهري.. وفي سنة 2000 قدم العرض على خشبة المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط وفي مدن أخرى في نطاق جولة مسرحية.. منذ ذلك الوقت بقي النص مخطوطا بين دفتي دفتر من عدد قليل من الصفحات إلى حدود سنة 2018 حيث قمت بزيارة أخيرة للنص وأعددته للنشر بعد أن نقحته وأضفت إليه بعض المشاهد وبعض القفشات الكوميدية، وسلمته للمطبعة.. ولعل ما شجعني على ذلك هو نفاذ مسرحية “الساروت” التي نشرتها سنة 2014 والإقبال الذي لقيته على مستوى النقد والصحافة.. إلى درجة أنها ترجمت للغة الأمازيغية واللغة الحسانية.
< ما هي القضايا التي جاءت المسرحة لتعبر عنها؟ وهل هذه القضايا لا زالت حاضرة ومستمرة؟
> ثمة قضايا مركزية تعاطت معها مسرحية “لوزيعة”، وقضايا أخرى فرعية محيطة بها، لكن المسرحية على العموم بمثابة صرخة تنتصر للمقهورين ضد نزعة التسلط والاستبداد، والفساد الإداري ونهب المال العام، وسوء العلاقة بين الإدارة والمواطنين.. كل ذلك في قالب فني ساخر يمزج بين الفرجة الفنية والمتعة الفكرية. بالنسبة لي المعنى والمبنى يسيران بشكل متساوق في كتاباتي، سواء الشعرية أو المسرحية، ففي المسرح، المهم عندي هو القضية، وماذا أريد تبليغه للمتفرج، وكيف أقنعه بأفكاري ووجهة نظري من العالم، وبأي لغة وأي أسلوب؟ وما دام الأمر كذلك، فإن مسألة الراهنية تظل متجاوزة إلى حد ما طالما أن الأمر يتعلق بالانتصار لفكرة ما أو قضية ما.. يبقى فقط كيفية التعامل والتعاطي مع الراهن العام الوطني والإنساني وكيفية جعل هذا التعامل مستمرا في الزمان من دون أن يكون مقيدا ومنحصرا في دائرة مغلقة قد تتجاوزها الأحداث.. خذ مثلا كتابات كبار المسرحيين في العالم، شكسبير، بريخت، بيكيت، سعد الله ونوس، أقتصر على هؤلاء فقط، والذين رحلوا ولم ترحل أفكارهم ونصوصهم..

> حاوره: يوسف الخيدر

Related posts

Top