بوريطة يعرض الحصيلة السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية لزيارة العاهل الإسباني للمغرب

قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، أول أمس الخميس بالرباط، إنه بالنسبة لجلالة الملك محمد السادس، فإن إسبانيا تعد “شريكا استراتيجيا طبيعيا” للمملكة المغربية. وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة مع الوزير الإسباني للشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، جوزيب بوريل، أنه، تجسيدا لهذا التوجه، تم التوقيع، الأربعاء الماضي بالقصر الملكي بالرباط خلال حفل ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب الجلالة الملك فيليبي السادس، على وثيقة قانونية تؤسس “لشراكة استراتيجية شاملة” بين البلدين.
وأبرز الوزير أن هذه الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين هي “واقع جديد” يعبر عن “رغبة مشتركة” للرقي بالعلاقات الثنائية إلى “مستوى أعلى وأكثر طموحا”، مشيرا إلى أن هذه الشراكة تقوم على “الثقة، والطموح والاحترام المتبادل والصفاء في التعامل مع جميع القضايا، في “تعاون رابح-رابح ومتكافئ”. وأضاف أن هذه الشراكة تهيكل لإطار ثلاثي للحوار، سياسي وأمني واقتصادي وثقافي وإنساني على التوالي، مستكملا بذلك معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقعة بين البلدين في عام 1991.
وذكر بوريطة، في هذا السياق، أن الزيارة الرسمية التي يقوم بها العاهل الإسباني إلى المملكة، والتي تمتد ليومين، تأتي في إطار جودة العلاقات “الممتازة” التي تجمع المملكتين، القائمة على “علاقات الصداقة المتينة بين العاهلين والعلاقات القوية بين العائلتين الملكيتين”، مضيفا أن هذه الروابط هي في حد ذاتها “رصيد مميز” للعلاقات الثنائية و”ضمان لاستمراريتها بصفاء”.
وأشار الوزير، فى هذا الصدد، إلى أن جلالة الملك محمد السادس قد أجرى، أمس الأربعاء، محادثات “غنية ومعمقة ومثمرة” مع ضيفه الكبير، مبرزا أن هذه المحادثات مكنت من إعطاء “دفعة نوعية جديدة” للعلاقات الثنائية. وأضاف بوريطة أن هذه المحادثات ركزت على العلاقات الثنائية في مختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية.
وفي الشق الاقتصادي، قال بوريطة إن صاحب الجلالة قد رحب بـ”التطور الهام” الذي عرفته العلاقات الاقتصادية بين البلدين الذي يرى إسبانيا اليوم كأول شريك تجاري للمغرب، موضحا أن جلالة الملك أكد بشدة على أهمية “إشراك قوي” للقطاع الخاص في تنفيذ وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، من خلال استثمار القطاع الخاص المغربي بإسبانيا، مشيرا إلى أن المنتدى الاقتصادي، المنظم في إطار زيارة العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس للمملكة، يندرج في هذا السياق.
وأبرز الوزير أن العاهلين رحبا أيضا بالتعاون الجيد في مجال الأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية، فضلا عن جودة الحوار والتعاون الفعلي بين البلدين، مشيرا إلى أن هذا التعاون، الذي يجعل من المغرب وإسبانيا “شريكين مثاليين”، تم تعزيزه بالتوقيع، خلال هذه الزيارة، على اتفاقية جديدة تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجال مكافحة الجريمة بجميع أشكالها.
وفي هذا الصدد، يضيف الوزير، يساهم كل من المغرب وإسبانيا “بنشاط” في إرساء السلام والاستقرار، كما أنهما أصبحا “فاعلين أساسيين” في الاستقرار في غرب البحر الأبيض المتوسط.  وفيما يتعلق بالهجرة، أشار بوريطة إلى أن الأرقام المسجلة في هذا المجال تؤكد “التعاون المثالي” والجهود التي يبذلها كلا البلدين لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاقتراب في نفس الوقت في “إطار أكثر شمولية”.
وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي إن المجال الثقافي قد حظي، بدوره، باهتمام كبير من جانب العاهلين اللذين أكدا على أهمية تعزيز التعاون والحوار في هذا المجال، من أجل توطيد الروابط الإنسانية، وتعميق التقارب بين البلدين، وتثمين التراث التاريخي المشترك، مشيرا إلى أنه تمت برمجة العديد من التظاهرات الثقافية المهمة خلال سنة 2019.
وبالإضافة إلى العلاقات الثنائية، ذكر الوزير أن جلالة الملك عبر عن شكره لإسبانيا على “التزامها ودورها المركزي” في إتمام الاتفاقيات التي وقعت مؤخرا بين المغرب والاتحاد الأوروبي في مجالات الفلاحة والصيد البحري. من جهة أخرى، أبرز بوريطة أن العاهلين تطرقا إلى الوضع بإفريقيا الشمالية وبإفريقيا بشكل عام، مؤكدا أن المغرب وإسبانيا، بوصفهما “شريكين وصديقين وجارين”، سيعملان معا على التصدي للتحديات المشتركة كما سيشكلان “فاعلين للسلام والاستقرار في غرب البحر الأبيض المتوسط”. وأكد الوزير على أن الشراكة بين المغرب وإسبانيا “لا يمليها الجوار فقط”، فهي تعبر عن “خيار استراتيجي عقلاني، يستند إلى قناعة ورؤية”.
وأشار إلى أن جلالة الملك، الذي يحرص على التنزيل “الكامل والشامل” لهذه الشراكة، شدد على تنفيذ الاتفاقات المبرمة والإجراءات التي تم اتخاذها خلال هذه الزيارة، من أجل ترسيخ الطموح الدائم للطرفين في علاقتهما الثنائية. وذكر بوريطة أن هذا اللقاء، الذي جمع العاهلين، شكل فرصة، أيضا، للتعبير عن “ارتياح متبادل” حول جودة هذه العلاقات، التي تنبثق من “إرادة مشتركة” للرقي بها إلى “مستوى أعلى وأكثر طموحا”، مبرزا أن تم خلال هذا اللقاء التأكيد على “التزام مشترك” لتنفيذ الشراكة الاستراتيجية الشاملة واتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدين ، بطريقة “ملموسة وفعالة” .

Related posts

Top