العلاقات بين المغرب وجمهورية الصين الشعبية – جامعة الحسن الأول نموذجا

 عرفت العلاقات بين المغرب وجمهورية الصين الشعبية تطورا سريعا في السنوات الماضية، شملت مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، وتعتبر جامعة الحسن الأول بسطات، نموذجا عن هذه العلاقات التي خلقت جسرا للتواصل والتبادل الثقافي والعلمي،  من خلال فتح نافذة كبيرة  لتدريس اللغة العربية للطلبة الصينيين،  وإنشاء مركز ثقافي صييني – مغربي، وتبادل البعثات الطلابية، ومؤطرين وذلك مواكبة منها  للقفزة المهمة التي عرفها مجال تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها بمختلف الجامعات الغربية والعربية، وجامعة تكساس  بأمريكا  وجامعة الإسكندرية بمصر خير مثال، ويعود هذا   الإقبال   للآفاق التي  تفتحها سياسة تعليم اللغة العربية في العالم وخاصة في دولة الصين، كما أنها لغة الاثنا وعشرون دولة، مما يؤكد قيمتها بالرغم من كل الأزمات التي عاشتها حيث تجدد دماؤها بتجدد مختلف العصور التاريخية،  لذلك عملت جامعة الحسن الأول بسطات في إطار الاتفاق مع بعض الجامعات الصينية ولاسيما جامعة نينغشيا، على تطوير طرق ومناهج تعليمها، والارتقاء بها  وتبسيطها أمام الطلبة، حيث بحثت عن الآليات العلمية  المختلفة للارتقاء بها وهي تجربة إن كانت حديثة لم  تعشها إلا خلال بعض السنوات الماضية القريبة، إلا أنها قدمت نتائج في غاية الأهمية، مواكبة بذلك  مسار التعاون الذي فتحه المغرب مع الصين  باعتماد نشاط علمي مكثف ومتنوع وقار طيلة السنة الدراسية،  يقبل عليه الطلبة  من مختلف الجامعات والمراكز الخاصة بالصين وخاصة بمقاطعة نينغشيا.

مع العلم أن تعليم اللغة العربية لذوي الألسن الأخرى، صوتيا وصرفيا ونحويا،  مختلف تماما عن تعليمها للناطقين بها، حيث يتطلب تقنيات تنبني على المسموع ثم المكتوب ثم المقروء، إلا أنهم نجحوا في هذا،  حيث  يقدمون في نهاية كل سنة دراسية للصين والمغرب معا سفراء  ينقلون الثقافتين العربية والصينية، كما يساهمون في بناء العلاقات بين البلدين  من خلال دخولهم في سوق الشغل سواء كان المنصب دبلوماسيا أو سياحيا أو صناعيا، وخاصة الصناعات الإلكترونية  التي أصبحت الصين تغزو من خلالها العالم، كما تفتح الجامعة آفاقا كبيرة لأن يأخذ الطلبة المغاربة بجامعة الحسن الأول دروسا قد تستغرق  بعض الأشهر لأخذ اللغة الصينية من البلاد الأم، حيث تتحمل تكاليف الطلبة من سفر وغيره، من أجل التكوين والتكوين المستمر، وقد استقبلت جامعة نينغشيا بالصين بداية الموسم الدراسي 2018-2019 بعض الطلبة  المغاربة المسجلين في جامعة الحسن الأول لتعلم اللغة الصينية. كما تتبادل  الجامعتان  الأطر الأكاديمية أيضا.

 ولم يقتصر دور الجسر التواصلي الذي تقوم به الجامعة في تدريس اللغة العربية فقط، بل  شمل مجالا آخر وهو المجال الثقافي وما يحمله من حمولة  في  الرقي بمكانة  المغرب  عامة  والجامعة المغربية خاصة، والأسبوع الثقافي الصيني المغربي الذي تم تنظيمه مؤخرا كان خير مثال، والذي حضرته مختلف الفئات الأكاديمية   وممثلون عن الحزب  الصيني الحاكم  توزعت أشغاله بين مدينة سطات ومدينة مراكش.    

   لا بد أن يأخذ  الوطن مكانه  في العلاقات بينه وبين الصين، ويُعلم أن دولة الصين أصبحت قوة  اقتصادية كبرى في العالم، فلا  يجب أن يقتصر دور الجامعة على تلقين الدروس داخل المدرجات فقط بل يجب أن توسع من أهدافها  لتجعلها أشمل وأكبر وتجعل رحاب الكلية رحابا دوليا عوض أن يظل محليا، وجامعة الحسن  الأول قدمت أعمالا مختلفة وحصدت نتائج علمية في ما يخص هذا الموضوع.

 كما شارك وفد  هام من الجامعة  مؤخرا،  يتكون  من رئيس الجامعة  أحمد نجم الدين و نائبه رياض فخري وآخرون  في  الذكرى  الستين لتأسيس جامعة نينغشيا سيرا على نهج ملك البلاد  محمد السادس  وهو  احتفالا عرف مشاركة مختلف الجامعات  الإفريقية والأسيوية، حيث تم تكريم جامعة الحسن الأول من خلال  رئيسها ونائبه كما تم ترتيب كلمة رئيس جامعة سطات أولا  لما تقدمه من مجهودات جبارة في سبيل الدفع بالعلاقات المغربية الصينية إلى غايتها المنشودة، ولا تقتصر هذه العلاقات على مجال اللغة التي هي جسر التواصل بل يشمل حتى الجامعات التي تدرس بعض العلوم مثل كلية الطب بجامعة نينغشيا.

> بقلم: الزهرة الغلبي

أستاذة  بجامعة نينغشيا-جمهورية الصين

Related posts

Top