“الأزمنة الحديثة” في محنة..

توصل الملحق الثقافي الأسبوعي لبيان اليوم ببلاغ من الأستاذ عبد الله البلغيتي العلوي، مدير نشر وتحرير مجلة “الأزمنة الحديثة”، موسوم بـ “بلاغ لسائر المثقفين والمبدعين المغاربة وعموم الرأي العام الوطني”، يضع فيه الأصبع على المعيقات التي تعترض النشر والتي تحول دون تأمين الإصدار المنتظم للمجلة، مسجلا تراجع سياسة وزارة الثقافة في دعم الطبع والنشر بالنسبة للكتاب والمجلة.. ومحملا المسؤولية لوزارة الثقافة التي تخلت عن دعمها مما يهدد المجلة بوقف الصدور.. فيما يلي النص الكامل لبلاغ إدارة “الأزمنة الحديثة”.
تتأسف هيأة تحرير مجلة “الأزمنة الحديثة”، وهي مجلة فلسفية تعنى بشؤون الفكر والثقافة والعلوم الإنسانية، بإشعار سائر المثقفين والمبدعين المغاربة وعموم الرأي العام الوطني بالصعوبات والعراقيل التي ما فتأت هيأة تحرير المجلة تواجهها لتحقيق الصدور المنتظم لهذا المنبر الفكري منذ سنة 2008 تاريخ صدور العدد الأول للمجلة. ولقد ساهمت آلية الدعم التي أقرتها الحكومة السابقة في التخفيف من الأعباء التي يعاني منها قطاع النشر والكتاب وسائر القطاعات الفنية والوسائط الثقافية الإلكترونية، بحيث سبق وأن منحت لجن الدعم لمجلتنا مبلغ 25000 درهم لكل إصدار من مجلتنا، مما سمح بتخفيف الأعباء المادية التي كانت تمثل عائقا أمام استمرارية المنابر الثقافية، وبالخصوص منها، على غرار مجلة “الأزمنة الحديثة”، تلك التي لم تتخذ توجها تجاريا صرفا. ولقد حرصت هيأة تحرير المجلة على الحفاظ على الاستقلالية الكاملة للخط التحريري، الذي مثل منذ صدور العدد الأول ميثاقا التئم حوله العديد من الكتاب الذين ما فتئوا طيلة السنوات الماضية يخصون المجلة بمساهماتهم الفكرية بشكل تطوعي. من هذا المنطلق، رفضت هيأة التحرير كافة العروض المغرية التي تقدمت بها مؤسسات أجنبية لاحتضان المجلة وتوفير كل الشروط المادية الكفيلة بتحقيق صدورها المنتظم، وتعويض طاقمها التحريري وكافة المساهمين بكتاباتهم في مقاربة الموضوعات التي حرصت المجلة على اقتراحها كموضوعات للبحث الفكري الرصين المتعالي عن الاعتبارات الضيقة، يحدوها في ذلك الحفاظ على حرية الفكر الملتزم وترسيخ قيم النزاهة الفكرية والرصانة العلمية. وإنه لمن دواعي الأسف، وبدل أن تحافظ الحكومة الحالية، ممثلة في وزارة الثقافة والاتصال، على الآليات التي أقرتها سابقتها لدعم العمل الثقافي والفني، فقد تفاجأ كل الفاعلين الثقافيين بقرار السيد وزير الثقافة والاتصال، بتوقيف تلك الآليات بحجة مراجعة خطة الدعم وذلك لمدة لم تتمكن معها الوزارة الوصية من صرف الميزانية المخصصة لذلك في الآجال القانونية المقررة لصرف الميزانيات القطاعية، مما نتج عنه بالضرورة توقف العديد من المشاريع الثقافية ومن ضمنها مشاريع إصدار الكتب والمجلات الفكرية، ورغم أن الناشر الذي تعاقدت معه هيأة التحرير لطبع المجلة لم يتوصل بالمستحقات الخاصة بكل عدد، فقد واظبنا على إصدار أربعة أعداد متتالية منذ العدد 11 إلى العدد 14 تحت يافطة ”بدعم من وزارة الثقافة” بل وقمنا بتحسيس الوزارة الوصية ومصالح وزارة المالية بالانعكاسات السلبية الناتجة عن تعليق الدعم المخصص للنشريات الثقافية، الشيء الذي ترتب عنه في نهاية المطاف إشعارنا من طرف الناشر بعدم قدرته على مواكبة إصدار المجلة، وبالتالي توقيف صدور العدد المزدوج 15 – 16 والذي تمحور حول موضوعة ”التجديد الثقافي والإصلاح التربوي” والذي كان مقررا صدوره خلال شهر يونيو 2018. وتجاوزا لهذه العراقيل، التي تتحمل مسؤوليتها وزارة الثقافة والاتصال في شخص السيد الوزير باعتباره المسؤول الأول عن القطاع، فلقد قررت هيأة تحرير المجلة إصدار هذا العدد على نفقة أعضائها وبدعم من دار النشر فنون ومؤسسة فيديوراما، نظرا للراهنية الملحة لملف هذا العدد المتمحور حول مسألة التجديد الثقافي والإصلاح التربوي.
إننا إذ نثير هذه المعطيات المؤسفة لنؤكد مرة أخرى على عزمنا الراسخ لمتابعة المسير على النهج المستقل للمجلة والذي مكن من التفاف عشرات الكتاب من داخل المغرب وخارجه على الصعيد العربي والقاري والأوروبي حول مجلتنا، وتخصيصها بدراساتهم باللغتين العربية والفرنسية وقريبا باللغة الانجليزية. كما نعبر عن اعتزازنا باطلاع قراء عديدين على الموقع الالكتروني للمجلة في سائر أنحاء العالم، واعتماد العديد من الباحثين الأكاديميين في أبحاثهم – على المستوى البيبليوغرافي – على الدراسات المنشورة في المجلة، علاوة على إمكانية السحب المجاني من نفس الموقع لمجمل الأعداد السابقة، وذلك إسهاما من المجلة في تحقيق الإشعاع الثقافي للمغرب على الصعيد العالمي، والتعريف بالكتاب والباحثين وربط العلاقات مع مثقفين وكتاب ينتمون لفضاءات ثقافية متنوعة.
ولقد تم تخصيص الأعداد الماضية للمجلة لتدارس وتحليل موضوعات ”التنوع الثقافي والمواطنة المشتركة”، و”العقيدة والعنف”، و”التراث وسؤال الحداثة”، و”مسألة الحرية”، و”الدين والسياسة”، و”الإسلام والحداثة”، و”الدولة والمجتمع”، و”المسألة الثقافية والسياسات الثقافية”، و”الفلسفة السياسية”.
كما يسعدنا أن نخبر عموم القراء بأن الأعداد اللاحقة ستخصص لموضوعات: “مئوية ثورة أكتوبر ومسألة الديمقراطية”، و”المئوية الثانية لكارل ماركس ومسألة الحرية”، إضافة لموضوعات “فلسفة التربية والجامعة كأفق للتفكير”، و”الحداثة أم الحداثات؟”، و”الهوية والتراث”، و”العولمة: التنوع الثقافي والتلاقح الحضاري”. كما يسعدنا أن نخبر عموم المهتمين بالشأن الثقافي بأن تلك الموضوعات ستكون عناوين لندوات فكرية ستعقد بشراكة مع مؤسسات جامعية ومعاهد بحثية وطنية ودولية.

عبد الله البلغيتي العلوي
مدير نشر وتحرير مجلة “الأزمنة الحديثة”

Related posts

Top