شعراء الملحون بأسفي -الحلقة 12

لا يخفى على أحد من الناحية الأدبية، أن أرض المغرب كانت وما تزال معينا دافقا للشعر، تعددت وجهة العطاء الشعري وتنوعت مجالاته.. مما أتاح للشعراء المغاربة أن يصوغوا شعرا جميلا في لوحات من الفن الأنيق المبدع، ينسكب حياة وتجديدا وتواصلا مع الناس، ويمنحهم قدرة فذة على اجتذاب أرواحهم ونفوسهم، مؤثرا فيهم بشعاع المحبة والخير والتصافي.

الحلقة الثانية عشر: االشيخ الكعبوري الأسفي
الشيخ الكعبوري الأسفي: أصله من مدينة اسفي، لكنه كان مستوطنا مدينة فاس حسب بعض الروايات. ومن ثمة، كان الاختلاف حوله، هل هو من أسفي أو من فاس؟ والراجح أنه من شعراء الملحون بأسفي. ولعل وجود قصيدة له بعنوان ” البحر ” كافية للدلالة على أنه من أسفي، إذ عودنا شعراء الملحون المغاربة أن ينظموا في كل ما كان يهم البيئة التي عاشوا فيها.
تقول حربة قصيدة ” البحر “

أدخل بحر الجد بالفلوكة تحسبه مزاح
قبلك ياوا دخلوه قراصن العظما فيه وجاحوا
ســــــاروا كـــاع الـــــــــــــــــــواح
أيا سيدي سقطوا قلوعهم وصواريهم طاحوا
بصواعـــق الاريــاح
ويقول فيها:
حيدة قال في كلامه ما قاري في لوح
إلا عطية الغني مــــولى الكـــــــــــــــــون
ودني موزون وملحون

عاش الشيخ الكعبوري أيام السلطان مولاي سليمان الذي اشتهر بالعلم والعدل، حيث كانت له مجالس علمية تطفح بكبار علماء المغرب في زمانه بين فقيه ومحدث ولغوي ومؤرخ وصوفي .. ولا نشك في أن شاعرنا قد أفاد من مثل هذه المجالس شأنه في ذلك شأن الكثير من شعراء الملحون .. وهو ما نجد صداه في غير قليل من قصائدهم.
ونظرا لما لهذا الشاعر من قيمة أدبية وفنية، فقد أشار إليه الأستاذ سيدي محمد الفاسي رحمه الله في ” معلمة الملحون ” القسم الثاني من الجزء الأول. والحقيقة أننا لم نجد في أسفي من يذكره أو يعرفه. ولعل النبش في التاريخ الثقافي للمدينة، يمكن ان يكشف لنا يوما ما عن بعض الكنوز الدفينة أو الغميسة، وعندها سيظهر الكثير مما كانت تحبل به هذه المدينة الرابضة على المحيط الأطلسي من مظاهر ثقافية وحضارية قمينة بأن تعكس ما لهذه المدينة من توهج تاريخي وفني وثقافي على مر العصور والأحقاب. وقد استطاع شعراء الملحون بأسفي أن يخلدوا الكثير من هذه المظاهر من خلال قصائدهم وأشعارهم .. ومن ثمة، فالشعر الملحون في أسفي تجسيد حقيقي لصورة هذه المدينة ولتاريخها العريق

> بقلم: الدكتور منير الفيلالي البصكري

Related posts

Top