الجائزة الكبرى

بقدر ما هناك ملاحظات إيجابية حول المهرجان الذي أقيم مؤخرا حول الأفلام السينمائية المغربية القصيرة والطويلة التي أنتجت خلال السنة الأخيرة، بقدر ما هناك نقط يمكن اعتبارها سلبية وتنم عن جملة من المفارقات.
سأدع جانبا ما هو إيجابي، وعيا بأن هذا هو الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن يسود، اعتبارا لما راكمته اللجنة المنظمة الممثلة في المركز السينمائي المغربي، من تجارب تمتد إلى تسعة عشرة دورة.
من مفارقات هذه الدورة، أنه بتزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين للسينما المغربية، يتم منح الجائزة الكبرى، لفيلم يقوم على أكتاف الأجانب، نقصد بذلك الفيلم الطويل “وليلي”: التصوير لـ”مارك أندري باتينغ”، الصوت لـ “باتريس مانديز” و”ألكسي ماينيت” و”صامويل أيشون”، والمونطاج لـ “ماكسيم غارولت”، وحتى الموسيقى من إبداع أجانب: “مايك وفابيان كورتزير”..
وكما هو الملاحظ أن كافة العناصر الأساسية التي تدخل في إطار تنقيط مسابقات المهرجان، كان وراء إنجازها أجانب، مع أن هذه التظاهرة السينمائية ذات بعد وطني، ومن المفروض أن تكون مناسبة لإبراز واكتشاف الكفاءات المغربية في مجال الصناعة السينمائية، طبعا نحن لسنا ضد إشراك أجانب في صناعة سينمانا، غير أنه كان بالأحرى عرض الفيلم الآنف الذكر ومن على شاكلته، على هامش المهرجان، ضمن فقرة البانوراما، على سبيل المثال، وتخصيص المسابقة الرسمية للأفلام المغربية، بمعنى الأفلام التي قامت بإبداعها الطاقات المغربية، في مجالات الصورة والصوت والموسيقى والمونطاج والإخراج والكتابة السيناريستية.. وغير ذلك، ونحن نعلم أن الوزارة الوصية على هذا القطاع، تبذل مجهودا في ما يخص التكوين السينمائي، ودعم الإنتاج السينمائي.. وبالتالي من المفروض أن يفرز لنا هذا الوضع كفاءات مغربية في مجال الصناعة السينمائية، قادرة على التنافس في ما بينها، وتقديم مستوى مشرف عن السينما المغربية.

****

أثار أسلوب تقديم حفلي الافتتاح والاختتام للمهرجان الوطني للفيلم خلال دورته الأخيرة، عدم تجاوب قطاع واسع من الجمهور، ولا شك أن ذلك ينم عن سوء فهم للتطور الذي بات يشهده التنشيط الثقافي، حيث ظهرت أجيال جديدة لها تكوين أكاديمي في هذا المجال، وتعمل على تطبيقه في الواقع، وهذا بالضبط ما سعى إليه منشطا الحفلين المذكورين، غير أن العديد من المتلقين أساؤوا الفهم، اعتبارا لكونهم لا يزالون يحملون قناعة بأن تقديم الحفلات، حتى لو كان الأمر يتعلق بتظاهرة فنية، يجب أن يكون جادا وصارما، وأن يتم استعمال عبارات من قبيل: فليتفضل مشكورا.. إلى غير ذلك من الأساليب البالية. في حين أن التنشيط الثقافي، صار يعتمد على التشخيص والتمثيل وإعداد سيناريو وغير ذلك من التقنيات التي بات يتم اعتمادها بهذا الخصوص.

****

دأب منظمو هذا المهرجان على برمجة حصص خاصة بمناقشة أفلام المسابقة الرسمية، وهذه بادرة جيدة، خصوصا أنها تتم بحضور أصحاب هذه الأفلام، غير أن مستوى النقاش عادة ما يكون دون المستوى، وذلك راجع إلى عزوف النقاد الحقيقيين عن الحضور أو التزامهم الصمت. هناك خفوت ملحوظ على مستوى الحركة النقدية، وهذا الوضع حصل بالموازاة مع تراجع الدور الذي كانت تضطلع به الأندية السينمائية في ما يخص التثقيف وتلقين الوعي بأساليب وتقنيات العرض السينمائي.

عبد العالي بركات

[email protected]

Related posts

Top