عم مساء عزيزي نذير !

عم مساء، عزيزي نذير !
عم صباحاً، إذن هكذا
أنت ترحل عنا وتتركنا
فجأة دون إذْن
على قيد هذي الحياة
وفي قيدها طلقاء؟
تعبٌ كلّها.. آهِ من حبّ هذي الحياة
هكذا هي : آه
كلبة هي هذي الحياة
كلبة وسكتَّ ؟ وأكثر أيضا
وأيّ سموّ لنا غيرنا
وليس لهم غيرُ تلك السموم التي
نحتسيها صباح مساء
نحْبَ هذا الوطن
بكل اللغات
وكل قناة
وكل الحُقن
عم صباحاً، عزيزي : )ضَراغويُ مويْ ! (
طاب يومك : )بووونجور ! (
بوووشكين جاء ؟
)ضا) !!
و(دانتيس) أيضا !
وبرشيد جاء ؟!
أجل ! و 36 أيضا !
وشهود مبارزة الشهداء ؟ !
وكل الجنود الذين
أتوا ليموتوا بداء
أحبتنا الراحلين
في حضور الغياب
وغياب الحضور
عم صباحاً، عزيزي نذير !
أتذكرُ؟ أيام كنا وكان البيان
)الشيوعيُّ !) _ أوفى الصّحاب
بطلاً كنتَ من غير هذا الزمان
الزمان المهين
الزمان المهان
بشتى الصّعاب
وشتى الإحَن
وإلي ( نا )كَ
تأخذنا الذكريات
ونختصر اليوم في قهوة مرّةٍ
ورغيف بجبن
نتقاسمه قضمةً قضمةً واقفين
وأصابعنا تحترقْ
بالحروف
الرصاصية الحامية
والرصاص المذاب
كقرص الرغيف
على نار فرْن..
لاهثين
نصعد الدرجات
إلى سدرة المنتهى العالية
نصعد الدرجات إليكَ
نتحلّق حولكَ
في حضرة أو مقام
يضيق بنا ويفيض علينا
بسلوى ومنّ
هو أشهى طعام
وأحلى شراب
كالمريدين كنّا
ونحن
شيوخ طرقْ
نتنسك في غابة من ورقْ
زادنا ورقٌ كل أيامنا
ورقٌ عرقٌ ورقٌ عرقٌ
يترقرقرقرقرقرقرقرقُ
في : مكتبٍ
ليس فيه سوى ورق وأرائكَ
من ورق وصناديقَ من خشبٍ
وصفيحٍ ) مريحٍ ( عليها ورقْ
حول طاولةٍ
مشتهاةٍ
وحافلةٍ
بالثمار
تتداعى قوائمها كالجدار
كلما لمستها يدٌ تُستثار
بحمّى الصرير
وحمّى الغبار
و ) عومارُ ؟ ( آهِ نسيتُ ..عُمرْ
قائد البارتزان ؟!
خلف نظارتيه شررْ
لا تكفّ أوامره لجنود
التطوّع في خندق الملحق العسكريّ
الثقافيّ عفواً ! _ طوال النهار
وهو يصرخُ : آهِ حذار : القطار !
ونسأله الصفح والعافية
إن تأخر موعدنا عن بريد القطار
البريد الذي لا يجود
القطار الذي فات والقاطرة
بذّرتْ في الصفير
البخار
ليس تمضي بعيداً
كروطاتيفنا الهادرة !
عم مساء، عزيزي نذير !
عم صباحاً عزيزي : ) ضَراغويُ مويْ ! (
كاك ديلا ؟ بلوخا ! ( _ هنا وهناك سواء
آهِ من جُملٍ_ قُبلٍ حلوة ساحرة
نتبادلها في الصباح
على الرّيقِ
نرشفها غصصاً حارة اللذعات
كطعم الحروف الرصاصية الحامية
نتداولها كالسجائر والقبلات
والقصاصات والنكت الساخرة
والقذى يملأ الحلق والعين
والقلب والذاكرة
كأنّا، على رأسنا الطير، في جلسات
مكاشفة شافية
كلما أحرقتنا الحروف
التجأنا إليكَ
طيوراً مهاجرة تستظل من الهاجرة
لمَ لا تطلب الحبّ في الصين ؟
أم أن موسكو عليكَ
تغار ؟ !
_ وتسكبُ دمعتها في وداع اللقاء
ولقاء الوداع
وأخشى ضياع
الحبيبة في الأوجه المتشابهةِ الأعينِ الغائرة !
آهِ من رحم حبلت في الصباح بنا
أنجبتنا مساء
رحم من حديد
رحم من حرير
رحم غابةٌ من ورقْ
رحم من دم وعرقْ
طالما حبلت في الصباح بنا
أنجبتنا مساء
ونحن لها القابلة
أمنا البطلة
الولود التي والتي والتي
لا نظير لها
بين كل النساء
أمنا الثاكلة
دفء أطفالها الأوفياء
أمنا الآكلة
لحم أطفالها الحالمين
أمنا القاتلة
حلْم أطفالها الطيّبين
هكذا هي قاسية حانية
هكذا هي هذي الحياة
الحياة الجميلة، يا صاحبي !
عم صباحاً، عزيزي نذير !
عم مساء إذن
هل رأيت التماسيحَ
ضاحكة باكية
ضحك كالبكاء
وبكاءٌ كَ :Rire !
عم مساء، عزيزي نذير!
وما نوح باكٍ
يعيد إليك الحياة
ولا بوح شادٍ
يعيد إلينا الحيا .. ء
وسواء علينا سواء
أأنذرتَ أم
أنتَ بشّرتَ في كل نادِ
فداء الأحبة يعدي
ولا شيء يَشفي
من الحب ما أنت تبدي
وما نحن نخفي
ولا شيء يجدي
سوى أن تجرجر صلبانَ
حزنك في كل حشدِ
وتخطب فينا : الوداع !
وتضرب كفاً بكفّ
على كل فردِ
فما عاد فينا شجاع
ولا من يردّ التّحدّي
ولا من يردّ النّداء
ولا من يردّ على أنّة أو شكاة
بغير الرثاء
وذرف الدموع
وزيف البكاء
ولا صوت يعلو على صوت قيدِ
وسوط وصفعِ
وصوت النعيّ
كصوت البغيّ سواء
إذا قيس في كل جمعِ
ولم يبق فينا سوى
من يمدّد رأسك بين الرؤوس
على كل نطعِ
ويهوي عليه بسيف
ويبكي عليك بدمع
ولا شيء لا شيء يكفي
من الحب ما أنت تخفي
وما نحن نبدي
ولا شيء يجدي
وبعدُ : ألم ..
ولم يبق فينا سوى
من يقول : نعم ؟!
ما لجرح بميْت ألم !
و … حواليّ يا ربّ !
شم .. شونُ فينا غريبٌ
يداً ولساناً وأوديبُ منّا
ومنّا دليلةُ قصّت شواربنا
ولحانا وألقت علينا الخِصاء
وألقت بنا في العمى والعماء
غير مجد إذن
وإذا لم يعد
من عدوّ لنا
فلنكن
نحن أعداءَ نحن
العدوّ الودود
الصديق اللدود
ولابد أن نتّحدْ
في ارتداء القناع
وخلع
العذار
وارتداء أكاليل عار ؟!
هل نقول : الوداع
الوداع الأخير ؟
للحياة الجميلة ، يا صاحبي
الحياة التي غلّقت دوننا كل باب
الحياة التي لا نظير لها
في حضور الغياب
وغياب الحضور
عم مساء ، عزيزي نذير !
ولك الآن
أن تتوسّد أجفاننا
كل أجفاننا حرقة وسعير
نم إذن
مطمئنّاً علينا
فنحن كما قد رأيت
كثير.. كثير
ولكن، إذا أنت فتّحت
عينيك فينا ترانا دُمى
نتحرك في مسرحٍ
كل ما فيه عميٌ
وبُكم وصُم وموتى بغير قبور !
عم مساء، عزيزي نذير !

أبريل 96
…………………………….
بالروسية : ضراغويْ مويْ : عزيزي. ضا : أجل . كاك ديلا ؟ كيف حالك ؟ بلوخا: سيء .
دانتيس ) جورج ( قاتل بوشكين في مبارزة مدبرة وهو فرنسي الأصل.
برشيد نور الدين : الشاعر الزجال.
عمر محيي الدين : الصحافي
الحياة جميلة ، يا صاحبي : رواية لناظم حكمت
36 جناح الأمراض العقلية بمستشفى بالدار البيضاء.

*******

اجتماع، أيها الرفاق !

لا خطوَ في الممرّ
لا صوتٌ ولا صداااه
_ اجتماع ، أيها الرفاق !
لم يتردّد النّداااه
_ اجتماع، أيها الرفاق!
تلك المفاتيح على الباب المواربْ
والقاعة الكبرى
سفينة على أهبة الانطلاق
_ اجتماع، أيها الرّ..
رفاقُ في المكاتبْ
ينتظرون الموعداااه
_ اجتماع، أيها الرفاق !
أنشودةٌ واحدةٌ
موصولةُ الإيقاعِ
قلباً ولساناً ويداااه
_ اجتماع، أيها الرفاق !
بوصلةٌ هاديةٌ، واضحةُ المسار
والساعة الكسلى عقاربْ
تلسع قلب الانتظار
_ الاجتماع أيها الرفاق !

*************

في حضرة السي علي

_ 1 _

لا خطوَ في الممرّ
لا صوتٌ ولا صداااه
_ اجتماع ، أيها الرفاق !
لم يتردّد النّداااه
_ اجتماع، أيها الرفاق!
تلك المفاتيح على الباب المواربْ
والقاعة الكبرى
سفينة على أهبة الانطلاق
_ اجتماع، أيها الرّ..
رفاقُ في المكاتبْ
ينتظرون الموعداااه
_ اجتماع، أيها الرفاق !
أنشودةٌ واحدةٌ
موصولةُ الإيقاعِ
قلباً ولساناً ويداااه
_ اجتماع، أيها الرفاق !
بوصلةٌ هاديةٌ، واضحةُ المسار
والساعة الكسلى عقاربْ
تلسع قلب الانتظار
_ الاجتماع أيها الرفاق !

_ 2 _

في القاعة
حشدُ وفودٍ من أقصى المغربْ
بقلوب ملتاعة
تتطلع نحو القلب الطيّبْ

_ 3 _

أيهذي البلاد
البلاد التي شردتها المناحاتُ
في كلّ واد
ضمدي فيك هذي الجراح
وانزعي عنك هذا الحداد
وارفعي بيرق النصر
فوق رؤوس الرماح !

_ 4 _

يا عليّ !
كلما صحتُ : هذا أوان النضال ؟
قال لي
معشرٌ : إن ميزاننا اليوم مال !

_ 5 _

أيهذي البلاد
البلاد التي عاث فيها الرخاء
لم يعد كافياً أيّ شيء
ولا شيء يحيي العظام وهيّ رميم
فاطرحي عنك كلّ رجاء
عند باب الجحيم !

_ 6 _

يا عليّ !
نحن من نحنُ ؟
من معدن خالص كالنّضار
أم ترانا كخرقة وحل
لغسل السماء
وكنس البحار ؟!

_ 7 _

أيهذي البلاد
البلاد التي كلما
عاث فيها الفساد
قلتُ : قلبي على وطني
وبكيتُ دما
والتفتّ إلى السوقِ
ألعن آلهة التمْر
تعرضه للمزاد !

_ 8 _

يا عليّ !
الخوارج قد عقدوا
معْ نظام
معاوية العالميّ الجديد
معاهدة للسلام
وقد سدّدوا
باتجاه فؤادي السهام !

_ 9 _

يا عليّ !
اختلط الحابلُ بالنّابلِ :
منّا من يرى
الثورة في الثروة حقا
ومنّا من يرى
الحقّ في الثورة
مهما
صار حمقا !؟

_ 10 _

كلّ صباح
في تمام التاسعة
تغتسل القلوب
في مطهره
باسمة العيون
كلّ صباح
في تمام التاسعة
وقبلها وبعدها
لا مستراح
كلّ مساء
في تمام السابعة
تغتسل العيون
في حضرته
مثخنة القلوب
بالجراح
كلّ مساء
في تمام السابعة
من ذلك السبت الحزين
عند وقوع الفاجعة !

_ 11 _

كفكف دموعك يا رفيقُ
فعزاؤنا فينا وفي الوطن العزاء
ودع البكاء ولا تمت عطشاً
متى حُمَّ القضاء
وانهض كما نهض الفنيقُ !

غشت 97

********************

أوبلاّ .. داء الأحبة الوبيل

1_ أوبلا

ها أنت ترحل
مرة أخرى
وتمعن في الرحيل وفي الغياب
تمضي إليك ولا سبيل إلى الوصول
ولا سبيل إلى الإياب
يا واحةً
تنأى وتدنو في السراب
نحن العطاش إليك في الأرض اليباب
نحن الظماء وأنت سقّاء القبيل
) عافي إنائك شِرْكةٌ (
وحديثُ ضيفك مستطاب
في كل ليل
تستغيث ولا تُجاب
يا هامةً
تعلو على كل الرقاب
كل الجهات
سقتك ألوان العذاب
ها أنت أوبلاّ
غريبٌ في الكنبفِ
وفي النّديِّ
وفي الصِّحاب
وما أكثر الأصحاب حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليلُ
ها أنت أوبلاّ قتيلُ
وصريخُ هامتك الذي
يعلو ويعلو ..
لا يجاوبه صدى
إلا صداكَ
وأنت تطرق كلّ باب
يا هامةً
تعلو على كل الرقاب
كل الجهات
سقتك ألوان العذاب !

2 _ داء الأحبة الوبيل

أنت الذي رأيت كل شيء
أنت الذي رأيت ما
رأيت واختبرت ما اختبرت
دخلت كل بيت
حيّاً وميْت
كنسمة الهواء
والدخان
منعَّماً لم تُلْفَ إلا بالشقاء
والهوان
لفافة سوداء
محشوّ بالتبن والتراب
احترقتْ وانطفأتْ
في كل لحظة وكل حان
وأورثتك كل داء
داءَ الأحبة الوبيل
يا داءنا القاتلَ
يا قاتلنا في كل ليل
كل الجهات
وَحدةٌ
وكل وحدة كتاب
يقرأه أغراب
كل اللغات
غربةٌ
وكل غربة سحاب
يُبرقُ،
أو
يرعدُ،
أو
يُمطرُ، بالأنخاب
وكل رعد نبضهُ
حراب
وكل برق ومضهُ
كذّاب
كالمطر البخيل
يا داءنا القاتلَ
يا قاتلنا في كل ليل
داءَ الأحبة الوبيل
ولا شفاء للعليل
سوى الرحيل والغياب
ولا سبيل للوصول
ولا سبيل للإياب
ولا سبيل أيها الداء الوبيلْ
سوى هوانا القاتل القتيلْ !..

إدريس الملياني

 

الوسوم , , , ,

Related posts

Top