المنتدى الاقتصادي المغربي الفرنسي يمهد الطريق للمـــــــقاولات الصغرى والمتوسطة للاستثمار في افريقيا

انعقدت بمدينة الصخيرات، فعاليات المنتدى الثالث الاقتصادي المغربي الفرنسي أول أمس الخميس، الذي شاركت فيه نحو 400 مقاول ومقاولة من المغرب وفرنسا حول موضوع “المغرب-فرنسا: جسور من أجل النمو والتشغيل”، والذي عرف حضوره كل من رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني، والوزير الأول الفرنسي ادوارد فيليب الذي حل بالمغرب ضمن وفد حكومي ضم وزراء فرنسيين، هذا إلى جانب رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب مريم بنصالح، وكذا فاعلين ورجال أعمال من الجانبين المغربي والفرنسي.

العثماني: مساهمة للقطاع الخاص مساهمة وازنة في نجاح الاستراتيجيات القطاعية العمومية

قال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية خلال الكلمة الافتتاحية لأشغال المنتدى إن العلاقات المغربية الفرنسي تؤطرها أسس متينة مبينة على التعاون الثنائي على المستوى السياسي والثقافي والانساني، وذكر العثماني بعمق العلاقات التي تجمع بين المغرب وفرنسا، التي تنبني على روابط تاريخية واستراتيجية وثقافية واجتماعية، وتعرف تطورا وتحسنا مستمرا، وهو ما يؤكده انتظام اللقاءات على أعلى مستوى بين البلدين. وشدد على أهمية انخراط القطاع الخاص، حيث أوضح أن ما تحدثه الاستراتيجيات القطاعية من برامج الشغل لن تكون فعالة إلا بمساهمة وزانة للقطاع الخاص الذي يفترض فيه أن يوفر الجزء الأكبر من فرص ومناصب الشغل، وهو ما يتطلب جهدا خاصا من أجل تأهيله ومواكبته من أجل الاضطلاع بهذا الدور.
وأكد سعد الدين العثماني أن المغرب أصبح ذا منظومة اقتصادية منفتحة، وقطبا تنمويا رائدا بالقارة الإفريقية، وذلك بفضل الدينامية الإصلاحية المتجددة التي انخرط فيها المغرب وكذا المشاريع والأوراش الكبرى التي أطلقتها في ميادين عدة.
وثمن في هذا الصدد مساندة الحكومة والمقاولة الفرنسية لنظيرتها المغربية في انجاز العديد من هذه الأوراش، وانخراطها في شراكات قائمة على مبدأ رابح-رابح على الصعيدين الوطني والقاري، ويعتبر المغرب من أوائل وجهات الاستثمار الفرنسية الخارجية. إذ أن أكثر من 800 شركة فرنسية تنشط في مجال الاستثمار بالمغرب في قطاعات وأنشطة مختلفة.
ودعا العثماني الحكومة الفرنسية وكافة الفاعلين الاقتصاديين بفرنسا إلى الرقي بحجم الاستثمارات المشتركة بين شركات ومقاولات البلدين، مع إيلاء عناية مميزة لنسيج المقاولات الصغيرة والمتوسطة لدورها في تعزيز أواصر التعاون المباشر بين المستثمرين من البلدين ولقدرتها على توفير فرص الشغل، خاصة في ظل العلاقات المغربية الفرنسية الجيدة والمتميزة، وفي ظل الاستقرار النموذجي للمغرب في المنطقة، والرؤية الواضحة التي توفرها الاستراتيجيات القطاعية التي تضمن أسس الاستدامة وتتيح فرصا استثمارية متنوعة ومحفزة، بالإضافة إلى القدرة على توفير الموارد البشرية المؤهلة في جميع المجالات والقطاعات.
وأضاف العثماني أن انعقاد هذا المنتدى يأتي في سياق التغييرات العميقة التي يعرفها العالم، والتي تنبثق عنها تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة تفرضبلورة رؤية استراتيجية مشتركة لمواجهتها. وأشار إلى أن أهم التحديات المطروحة في الوقت الراهن، إشكالية النمو والتشغيل. واعتبر أن اختيار المنتدى لهذا الموضوع كان موفقا، مشيرا إلى أنه يتماشى مع توجيهات الملك محمد السادس خلال افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، حيث أكد الملك على اعتبار الارتباط الوثيق بين قضايا الشباب وإشكالية النمو والاستثمار والتشغيل. وقال إنه، وانسجاما مع التوجيهات الملكية، تسعى الحكومة إلى توطيد أسس نمو اقتصادي قوي ومندمج ومستدام، تكون المقاولة فيه هي المحرك الأساسي للتنمية، وأكد العثماني أن الحكومة تضع في صلب أولوياتها تسهيل حياة المقاولة من خلال مواصلة تبسيط المساطر الإدارية، وتوفير مناخ تنافسي وجذاب للاستثمار والابتكار، حتى يتسنى لها التركيز على مهمتها الأساسية وهي خلق الثروة وفرص الشغل المنتج. وذكر أن الحكومة عملت منذ سنة 2010، على مأسسة الحوار بين القطاعين العام والخاص من خلال إحداث اللجنة الوطنية لمناخ الأعمالبهدف ضمان قيادة استراتيجية للأوراش الإصلاحية المتعلقة بتحسين مناخ الأعمال. وقال إن المغرب، حقق في ظرف ثمان سنوات قفزة ملحوظة في ترتيبه بتقرير “ممارسة أنشطة الأعمالDoing Business “، حيث انتقل من المرتبة 129 إلى المرتبة 69من بين 190 دولة. وأكد على التزام الحكومة الحالية بالرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني ومواصلة تحسين مناخ الأعمال لتمكين المغرب من ولوج دائرة الاقتصادات الخمسين (50) الأوائل عالميا في أفق 2021.
وقال رئيس الحكومة المغربية، إن قضية البطالة من بين القضايا التي تؤرق باله بشكل مستمر، وأشار إلى أنها إشكالية معقدة وشائكة حتى في البلدان أكثر نموا وأكثرها استعدادا لمواجهتها. وأوضح أنها اشكالية ذات طابع استعجالي تستلزم تسريع وتيرة تنزيل الأوراش الهيكلية على مستوى ملاءمة منظومة التربية والتكوين مع حاجيات سوق الشغل، وإصلاح الإدارة العمومية، وتحفيز المقاولة المشغلة، وتوجيه الاستثمارات العمومية نحو خلق فرص الشغل من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل استراتيجية التشغيل وربطها بالاستراتيجيات القطاعية وتعزيز دور الجماعات الترابية في هذا المجال. وأكد في هذا الاطار أن الحكومة انخرطت في هذه الدينامية وفق منطق التكامل بين الإدارة والشركاء الاقتصاديين وكافة الفرقاء الاجتماعيين. واعتبر العثماني من جهة أخرى، أن تنزيل ورش الجهوية دعامة أساسية للرفع من النمو والتقليص من الفوارق المجالية والاجتماعية والاقتصادية، حيث أن أكد على مواصلة عناية خاصة به وتوفير دعم إضافي عبر مواصلة تفويت المزيد من الصلاحيات ورصد الموارد البشرية والمالية اللازمة لإنجاحه، وهو ما من شأنه أن يوفر فرصا مهمة.
إدوارد فيليب: المغرب بوابة المقاولات الفرنسية للاستثمار في افريقيا
قال إدوارد فيليب الوزير الأول الفرنسي، خلال كلمة له في افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الفرنسي أول أمس الخميس بالصخيرات، إن الاقتصاد المغربي يوفر فرصا سانحة للمقاولات الفرنسية الراغبة في الاستثمار في افريقيا خاصة في المجالات المالية والخدمات والتجارة. وأبرز الوزير الأول الفرنسي، أهمية القارة الإفريقية في العلاقات المغربية الفرنسية داعيا إلى “تجاوز الرؤية التجزيئية” لفائدة مقاربة شمولية تجاه القارة مبنية على التكامل بين المقاولات المغربية والفرنسية في انسجام مع المسؤولية المشتركة للبلدين في إفريقيا.
وحث الوزير الفرنسي على الانفتاح على المقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل فتح الطريق أمام فاعلين جدد للاستفادة من الزخم الذي يعرفه التعاون الثنائي بين البلدين والاستفادة من العلاقات الاقتصادية المغربية الفرنسية “الناضجة والطويلة الأمد”.
وقال الوزير الأول الفرنسي، إن العلاقات بين البلدين يجب أن تمر إلى مرحلة أخرى بعد هذا التراكم الذي حققته، ودعا من أجل ذلك إلى دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة قصد خلق الثروة وفرص الشغل، ودعم الابتكار ومواكبة الثورة الرقمية عبر دعم المقاولات الناشئة خصوصا في المجال الرقمي. وأكد إداورد فيليب على أن طموح فرنسا في المغرب طموح كبير، وأضاف أن القارة الافريقية التي ينتمي إليها المغرب، قارة المستقبل. وقال إن فرنسا وأوروبا لا يمكن ان تتجاهلا كل هذه الأمور.
وركز على الصداقة العريقة التي تجمع بين فرنسا والمغرب، وقال إن الروابط التي تجمع بين البلدين روابط استثنائية، ولعل ما يؤكد ذلك أن الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، خارج الاتحاد الأوروبي، كانت إلى المغرب، فضلا عدد من القواسم المشتركة التي تجمع البلدين ومنها اللغة والثقافة.
وأوضح في هذا الصدد أن مليوني سائح فرنسي يزرون المغرب، كما أن نحو 80 ألف فرنسي مقيم بالمغرب، ومن جهة أخرى يعيش بفرنسا عدد لا يستهان به من المغاربة يصلون إلى حوالي يعيش مليون و300 ألف مغربي، ويوجد نحو 37 ألف طالب مغربي يتابعون دراستهم في فرنسا. وأضاف أن هذا الرأسمال البشري ساهم في خلق تفاهم أكبر بين البلدين وساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية كما يشهد على ذلك التعاون الكبير في مجالات صناعة الطيران وصناعة السيارات وأوراش البنى التحية، كالقطار الفائق السرعة وميناء طنجة المتوسط. في جانب آخر، تحدث الوزير الفرنسي عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث وقف عند الاستثمارات الفرنسية في المغرب، خاصة في مجال صناعة السيارات والسكك الحديدية، وهو ما يعزز إنتاج الثروة المشتركة بين فرنسا والمغرب. وقال إن فرنسا شريك يحظى بثقة المغرب، مشيرا إلى أن الوكالة الفرنسية للتنمية ضاعفت من قروضها لفائدة المغرب لتصل 400 مليون أورو. كما أشاد الوزير الأول الفرنسي بأن المغرب بلد استقرار استطاع “إيجاد مكان له في الاقتصاد العالمي” بفضل “الإرادة الإصلاحية للملك محمد السادس”، موضحا أن ورش الجهوية المتقدمة الذي باشره المغرب سيمكن من تقديم أجوبة عصرية لجملة من التحديات التي يواجهها المغرب.
وأكد إرادة الرئيس الفرنسي في تعزيز العلاقات الفرنسية المغربية خاصة في المجال الاقتصادي، حيث تعتبر فرنسا أول شريك اقتصادي للمغرب، وتوجد 900 مقاولة فرنسية نشيطة بالمغرب، تشغل نحو 100 ألف مستخدم. وأبدى الوزير الفرنسي إعجابه بمدى التقدم الذي حققه المغرب على مستوى البنيات التحتية، وذكر بالخصوص ميناء طنجة المتوسط الذي اعتبره محوريا بالنظر إلى الأهمية الكبرى التي يكتسيها خصوصا على مستوى التجارة الدولية، وأكد في هذا الباب، أن فرنسا دعمت وتدعم المغرب في إنجاز العديد من البنيات التحتية.

بنصالح تدعو إلى العمل المشترك بين المغرب وفرنسا للمساهمة في بناء اقتصادات جديدة بالقارة الافريقية

قالت مريم بنصالح رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب إن علاقات الصداقة بين المغرب وفرنسا معطى مستمر ويستمد استمراريته من التاريخ والروابط الديبلوماسية والسياسية والثقافية. وأكدت أن هذه الصداقة تتعزز يوما بعد يوم، وهو ما تبينه الأرقام والمعطيات، حيث يعتبر المغرب أول شريك تجاري لفرنسا في افريقيا. كما أن فرنسا تعتبر أول مستثمر أجنبي مباشر بالمغرب خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة. وتعتبر فرنسا أيضا ثاني شريك تجاري للمغرب. فضلا عن ذلك تتواجد 800 مقاولة فرنسية عبر فروعها أو مقاولات برأسمال في فرنسي في المغرب. في جانب آخر، يعيش بفرنسا نحو 1.5 مليون مغربي، كما أن الفرنسين المقيمين بالمغرب يشكلون الجالية الأجنبية الأولى المستقرة بالمغرب.
وعلى هذا الأساس دعت بنصالح إلى ضرورة العمل المشترك بين المغرب وفرنسا للمساهمة في بناء اقتصادات جديدة بالقارة تعتمد على تكوين الرأسمال البشري المحلي ونقل التكنولوجيا والمعرفة. كما دعت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى جعل العلاقات المغربية الفرنسية “رافعة جديدة للتنمية. وأوضحت بنصالح شقرون، في كلمة خلال المنتدى الفرنسي المغربي، أن الإمكانيات موجودة لضخ دماء جديدة في العلاقات المغربية الفرنسية، داعية السلطات العمومية في البلدين إلى وضع آليات تمكن الفاعلين الاقتصاديين من الاضطلاع بدورهم كاملا في الدينامية التي تعرفها العلاقات بين البلدين. وفي هذا الصدد، أشارت بنصالح إلى أن المغرب وفرنسا تربطهما علاقات تاريخية متينة مع إفريقيا ويتوفران على إمكانات متكاملة يجب استغلالها، مذكرة بأن المملكة تخصص ثلثي استثماراتها الخارجية لإفريقيا حيث تشتغل المقاولات المغربية بحوالي 30 بلد إفريقي في مجالات ذات صلة على الخصوص بالبناء والعقار والصناعات الغذائية والابناك والتأمين والاتصالات والطاقة. وأبرزت أن نشاط المقاولات المغربية في إفريقيا تحكمه رؤية تعتمد على الاستثمارات المستدامة وتحذوه الرغبة في تحقيق قيمة مضافة وخلق فرص شغل لفائدة الساكنة المحلية انسجاما مع رؤية صاحب الملك محمد السادس. وأضافت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن فرنسا بدورها تهدف إلى الرفع من استثماراتها في إفريقيا ب75 بالمائة في السنوات العشرة المقبلة، داعية لتظافر الجهود بين فرنسا والمغرب في افريقيا “مستقبل النمو العالمي”.
وقالت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إن المنتدى يرتكز على ثلاثة أسس، أولها ما يوفره المغرب من فرص استثمارية ونمو اقتصادي للمقاولين، ثم بروز قطاعات جديدة أصبح المغرب يوليها أهمية قصوى كالطاقات المتجددة، والاقتصاد الرقمي، وصناعات السيارات، وكذا ما يوفره المغرب من يد عاملة وكفاءات تستفيد من التكوين المستمر، ومن ناحية أخرى الفرص التي يوفرها المغرب من انفتاح على دول القارة الإفريقية من خلال تعاون جنوب – جنوب. وأشارت بنصالح إلى أن المنتدى يتيح للمشاركين فضاء للتبادل والنقاش، وهو ما من شأنه أن يدعم فرص الاستثمار.
وأكدت على ضرورة تعزيز التنمية البشرية عبر الاهتمام بجودة التعليم وتكوين الشباب والصحة في مجتمعات تتسم بالتمدن. وأشارت بنصالح إلى أن الاقتصادات العالمية صارت تتميز بالترابط والرقمنة حيث برزت قضايا جديدة تتعلق بتخزين المعلومات والأمن المعلوماتي والذكاء الاصطناعي ما يقتضي الاهتمام بالشباب والابتكار باعتبارهما من مفاتيح من شأنها تمكين المقاولات المغربية من مواصلة النمو. ودعت في هذا السياق إلى الاهتمام بمهن المستقبل في مجالات مرتبطة بالطاقات المتجددة وتدوير الموارد والمدن الذكية والبيانات الضخمة والتعليم والصحة وغيرها.

في ختام اللقاء المغربي- الفرنسي عالي المستوى

قرر المغرب وفرنسا تطوير تعاون معمق في خمسة مجالات استراتيجية تتعلق بالحركية والابتكار والشباب والشؤون الإفريقية والقضايا ذات الارتباط بالجهوية واللامركزية.
وحسب البيان الختامي، الذي توج أشغال اللقاء ال13 المغربي- الفرنسي من مستوى عال، الذي عقد أول أمس الخميس بالرباط تحت الرئاسة المشتركة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني والوزير الأول الفرنسي إدوارد فيليب، فإن البلدين جددا عزمهما على تطوير التعاون في ميدان الحركية، لفائدة كافة الفاعلين في العلاقة الثنائية بهدف مكافحة الهجرة غير الشرعية، والابتكار كمحرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في سياق اقتصاد أكثر عولمة، وكذا الشباب من منطلق أن التعليم والتكوين والادماج في سوق الشغل يحدد مستقبل المجتمعات.
وأكد البيان أن إفريقيا تبرز أيضا ضمن لائحة المجالات الاستراتيجية الخمسة، حيث تسعى كل من فرنسا والمغرب إلى تنمية عملهما ومشاريعهما المشتركة بالقارة لفائدة الاستقرار والتنمية والجهوية واللامركزية، وهي مجالات متقدمة في كل من فرنسا والمغرب تتيح إطارا مواتيا لتنمية التعاون اللامركزي.
واتفق البلدان، على تقوية الجانب العملياتي حول خمس أقطاب موضوعية حددت خلال لقاء 2015، والتي تشمل التعاون الثنائي لاسيما الحوار السياسي والاستراتيجي، والأمن، والتنافسية الاقتصادية وحوار المجتمعات والتنمية المستدامة.
وأضاف الإعلان النهائي أن الفاعلين في هذه المجالات الاستراتيجية والأقطاب الموضوعية سيجتمعون بصفة دورية لضمان تتبع مبادرات التعاون المباشرة في هذا الإطار. وأوضحت الوثيقة أنه، تحت قيادة الكاتبين العامين لوزارة خارجية البلدين اللذين سيجتمعان قبل كل لقاء عال المستوى، ستتم صياغة تقرير يشخص واقع التعاون مرفق بتوصيات عملية.
دعم المجالات الاجتماعية والثقافية

ويشمل التعاون بين البلدين، المجالات الاجتماعية بالخصوص حقوق النساء والأسرة والطفولة والتنمية الاجتماعية والادماج الاجتماعي والمهني للأشخاص في وضع إعاقة وفق ما جاء في البيان الختامي الذي توج أشغال اللقاء ال 13 المغربي- الفرنسي من مستوى عال. حيث اتفق البلدان على مواصلة هذا التعاون من خلال العمل على تطبيق تصريح النوايا الموقع في 2 فبراير 2017. كما قررا الدعوة لانعقاد مجموعة العمل المتعلقة بقابلية الحقوق الاجتماعية للمتقاعدين المغاربة الراغبين في الاستقرار بشكل دائم في الخارج وتقوية تبادل التجارب والخبرات والممارسات الفضلى بما في ذلك تلك المتعلقة بالمساواة بين الجنسين. وفيما يتعلق بالسياسات الهادفة الى تطوير أنظمة الصحة عبر البلدان عن رغبتهما في مواصلة دعم المبادرة ذات الصلة بهذه السياسات.
كما جدد البلدان، عزمهما على مواصلة المبادرات الثقافية الكبيرة التي تجمع البلدين، وعلى تعزيز تبادلاتهما فيما يرتبط بالسياسات الثقافية، خصوصا تلك المتعلقة بحقوق المؤلف والتعليم العالي الفني، والصناعات الثقافية، وريادة الأعمال الثقافية والتراث.
والتزمت فرنسا بمصاحبة المشروع الرامي لجعل المغرب منصة ثقافية في إفريقيا، ويجعل من عاصمته الرباط واحدة من أكبر العواصم الثقافية بالقارة. كما أعرب البلدان، في هذا البيان عن استعدادهما للتعاون من أجل تطوير البنيات التحتية الثقافية الكبرى ومن أجل التكوين في القطاعات الثقافية التي سترى النور قريبا بالمملكة خصوصا بالرباط في ضفة أبي رقراق وكذا بالدار البيضاء.
وفي هذا السياق، التزم البلدان بتشجيع التعاون للنهوض بالفرنكفونية، حيث سيتدارسان سبل تعزيز مختلف المنصات المتواجدة في هذا المجال، لاسيما تلك المتعلقة بإفريقيا.
من جهة أخرى، أشاد المغرب وفرنسا بنجاح التظاهرات الثقافية والفنية المنظمة بفرنسا والمغرب، مرحبين في هذا الصدد بالافتتاح المرتقب للمركز الثقافي المغربي بفرنسا الذي سيسهم في تعزيز الروابط الثقافية بين البلدين. كما أشاد البلدان بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين المؤسسة الوطنية للمتاحف بالمملكة المغربية ومعهد التراث الوطني، الذي سيسمح بمصاحبة التطور الملحوظ الذي تعرفه المتاحف في المغرب.
ورحبا أيضا بالتوقيع بين مركز “بومبيدو” والمؤسسة الوطنية للمتاحف على اتفاق مبدئي لعرض روائع مجموعات “بوبورغ” على البحر الأبيض المتوسط في 2018، بمتحف محمد السادس في الرباط. كما أعرب المغرب وفرنسا عن استعدادهما لمواصلة تعاونهما في مجال الأرشيف، والذي تجسد من خلال تبرع مؤسسة إحياء ذكرى المحرقة، وأرشيف وزارة الخارجية الفرنسية لفائدة مؤسسة أرشيف المغرب، بوثائق مهمة. وأشادا أيضا بالرغبة التي يتقاسمها المركز الوطني الفرنسي للسينما ومؤسسة الصورة المتحركة الفرنسية والمركز الوطني للسينما المغربي، لإنشاء صندوق مخصص لمشاريع الإنتاج المشترك، بتمويل مشترك يبلغ 600 ألف يورو.
كما أشادا بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين “نيف أنيماسيون” والمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، قصد إحداث مدرسة استوديو في مكناس لتدريب المواهب الشابة المغربية والافريقية في المهن الجديدة للتنشيط، والقطاع الفني، والإقتصاد المزدهر. واتفق المغرب وفرنسا على زيادة تعاونهما من خلال سلطاتهما المستقلة ومؤسسات التدريب، في مجال وسائل الإعلام والسمعي البصري وتكوين الصحفيين. وسجل البيان التزام البلدين بتشجيع استقبال محطات الإذاعة والتلفزيون في كلتا الدولتين على أراضيهما.

تمويلات ب 400 مليون أورو

وفضلا عن ذلك، يواصل الطرفان تعزيز تعاونهما في مجال التنمية المستدامة، حيث نوه البلدان، وفق البيان الختامي، بتعاونهما “النموذجي” في مجال التنمية المستدامة، الذي يجعل المملكة أول مستفيد في العالم من المساهمات المالية للوكالة الفرنسية للتنمية من حيث العرض والمدفوعات خلال الفترة ما بين 2008 و2016.
وفي هذا الصدد، أشار البيان الختامي الذي توج الدورة الـ13 للاجتماع المغربي الفرنسي عالي المستوى، الى أن البلدين رحبا بالزيادة “الكبيرة” في التزامات الوكالة الفرنسية للتنمية، التي ينتظر أن ترتفع قدرتها على التدخل الى 400 مليون يورو سنويا اعتبارا من سنة 2017، فضلا عن اعتماد الوكالة مؤخرا لاستراتيجية متعلقة بالمغرب للفترة 2017-2021، والتي تهدف إلى تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة للمملكة.
كما رحب البلدان بالالتزام “الهام” للفاعلين الماليين، مثل الوكالة الفرنسية للتنمية ومجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية (بروباركو) ، لتطوير مشروعات شراكة مبتكرة في افريقيا.
وفي مجال الطاقة، أكدت فرنسا أنها ستواصل دعم المغرب في التزاماته للانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ولا سيما عبر المساعدة التقنية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لكفاءة الطاقة، فضلا عن الخبرة والتجربة الفنية لمقاولاتها وكياناتها في المشاريع الصناعية المرتبطة بالطاقة الشمسية والطاقة الكهرو- مائية.
وفي هذا الصدد، نوه البلدان بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين الوكالة الفرنسية للتنمية وصندوق الإيداع والتدبير، تروم تعزيز شراكتهما فيما يتعلق بالانتقال الطاقي والإيكولوجي والترابي والإدماج الاجتماعي والمالي، والتعاون مع افريقيا.
كما رحبت الرباط وباريس بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين الوكالة المغربية للطاقة المستدامة ووكالة التنمية الفرنسية التي تمنح بموجبها الوكالة الفرنسية قرضا بقيمة 150 مليون يورو لتمويل المرحلة الأولى لمشروع “نور ميدلت” فضلا عن دعم دراسة بقيمة 500 ألف يورو تهم بالخصوص دعم التنمية الصناعية المتجددة للوكالة المغربية للطاقة المستدامة في اتجاه افريقيا.
وذكرا بالتزامهما بالإعلان المشترك الذي ينص على تنفيذ دراسة جدوى تتعلق بوضع خارطة طريق لتبادل الكهرباء المولدة من الطاقات المتجددة بين المغرب، فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، والبرتغال، مؤكدين استعدادهما لتعزيز الشراكات والتدخلات التي تقوم بها الوكالة الفرنسية في مجالات الشغل، والانتقال الطاقي، وتكييف الفلاحة مع تغير المناخ والنقل، والماء والصرف الصحي والصحة.
وفي مجال المياه، رحب المغرب وفرنسا بالتوقيع مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على مذكرة تفاهم تهم دعم الوكالة الفرنسية للتنمية من أجل تعزيز وصول الساكنة للماء الصالح للشرب في شمال المملكة، مؤكدين استعدادهما لتعزيز الشراكات بين الفاعلين والمتخصصين في قطاع المياه والصرف الصحي وذلك بهدف تبادل الخبرات وتعزيز القدرات.
وفيما يتعلق بالتعاون اللاممركز وسياسة المدينة والتنمية الترابية، أشار البيان إلى أن المغرب وفرنسا يشجعان على مواصلة مبادرات الشراكة التي انخرطت فيها الجهات المغربية ال 12 والجهات ال 13 في فرنسا، معبرين عن إرادتهما لتوجيهها نحو التنمية الاقتصادية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، ستعطى الأولوية للأنشطة المدرة للدخل على المستوى المحلي، بالاعتماد على الجمعيات الجهوية وتمويل الوكالة الفرنسية للتنمية. ولتحقيق هذا الهدف، عبر البلدان عن رغبتهما في التعاون في مجال كفاءة الطاقة في البناء والجودة والابتكار في البناء وكذا في السكن للأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط.
بناء اقتصاد تنافسي ومبتكر

أكد المغرب وفرنسا طموحهما لبناء اقتصادين تنافسيين و”مبتكرين” والانخراط في علاقات اقتصادية “متوازنة”. وأعرب البلدان، في البيان الختامي الذي توج أشغال اللقاء ال13 المغربي- الفرنسي من مستوى عال، عن “طموحهما لبناء اقتصادين تنافسيين ومبتكرين، والانخراط في علاقات متوازنة متجهة بشكل تعاوني وطموح نحو إفريقيا من أجل المساهمة في تحقيق نمو مستدام”. في هذا الصدد، أعلنت فرنسا عن استعدادها لمواكبة المغرب في مسلسل تجديد نموذجه للتنمية الاقتصادية.
كما عبر البلدان عن عزمهما على الرفع من تنافسية اقتصاديهما، مؤكدين على ضرورة وضع إطار عام للأعمال من شأنه تعزيز المبادلات والاستثمارات ومشددين على ضرورة تسهيل التدابير الإدارية بالإضافة إلى تيسير ولوج المواطنين للخدمات العمومية، خاصة عبر اتخاذ مبادرات في مجال الحكومة الالكترونية.
ورحب المغرب وفرنسا بالتوقيع على إعلان نوايا في المجال الرقمي من أجل دعم إحداث وكالة التنمية الرقمية وكذا تنفيذ الاستراتيجية المغربية لتنمية الاقتصاد الرقمي، كما أكد على أهمية حماية الملكية الفكرية بهدف تعزيز الأداء الاقتصادي المبني على المعرفة والابتكار.
وجددا عزمهما لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وتشجيع المقاولة خاصة عن طريق دعم المقاولة الذاتية بالمغرب.
وأشار البيان الختامي، الذي توج أشغال هذا اللقاء، إلى أن البلدين قررا تخصيص تمويل للدعم التقني لصناديق “إينوف إينفيست” التي يديرها صندوق الضمان المركزي، بهدف تشجيع وتمويل المقاولات المبتكرة ومواصلة تشجيع مبادلاتها التجارية والمشاريع الاستثمارية في إطار تعزيز علاقات اقتصادية متوازنة.
وأوضح المصدر ذاته، أن قطاعات مثل الصحة وتنمية البنيات التحتية الحضرية والصناعات الغذائية توفر فرصا لتعزيز المبادلات الثنائية، مشيرا إلى أن مبادرة الوكالة الفرنسية للتنمية لصالح تنمية الصحة الرقمية والشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الصحة ستساهم في خلق مناخ اقتصادي ملائم.
وفي المجال الفلاحي، جددت فرنسا التأكيد على دعمها لمخططي المغرب الأخضر و”أليوتيس” وللإجراءات الرامية لعصرنة الصناعات المرتبطة بالصيد البحري، كما عبرت عن رغبتها في الرفع من مشاريع التعاون الثنائي فيما يتعلق بالخبرات والتجهيزات.
وأعلن البلدان أنهما سيقومان بالتحضير لتجديد الاتفاق الإطار للتعاون في مجالي التنظيم والقيادة في ميداني الفلاحة والصيد البحري.
وأشار البيان إلى أن فرنسا ستواصل مواكبة المغرب في مشاريعه البنيوية خاصة تلك المتعلقة بتطوير النقل ونظام السكك الحديدية، منوها بالتوقيع، في التاسع من أكتوبر 2017، على اتفاق قرض بقيمة 80 مليون أورو مقدمة من طرف الوكالة الفرنسية للتنمية لفائدة المكتب الوطني للسكك الحديدية بهدف تمويل آخر شطر من مشروع القطار الفائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء.
واقترح البلدان، في هذا المجال، إحداث نادي القطار الفائق السرعة من أجل مواصلة التعاون السككي بعد إطلاق هذا الخط.
وأكدت فرنسا على اهتمامها الكبير بتطوير شبكة الترامواي بالدار البيضاء والرباط، مشيدة بالتوقيع على قرض سيادي بقيمة 40 مليون أورو بين الوكالة الفرنسية للتنمية وشركة النقل الرباط-سلا من أجل تمويل تمديد الخط الثاني لترامواي الرباط-سلا بالإضافة إلى الاتفاقية التي وقعت بين الوكالة الفرنسية للتنمية وشركة نقل الدار البيضاء التي تنص على قرض بقيمة 30 مليون أورو مرفوقة بدعم بقيمة 500 ألف أورو.
وأعرب البلدان عن عزمهما مواصلة التعاون في مجال النقل كما يشهد على ذلك توقيع إعلانين للنوايا لتعميق التعاون في المجال البحري والموانىء والمساهمة في تنمية بناء السفن في المغرب، مذكرين بأهمية تطوير الخطوط البحرية بين المغرب وجنوب فرنسا، وخاصة بين ميناء سيت وطنجة المتوسط. وفي مجال النقل الطرقي الدولي، اتفقت الرباط وباريس على إعادة دراسة حصص رخص النقل الطرقي الدولي بينهما، وعلى عقد اللجنة المشتركة في ميدان النقل الدولي الطرقي في باريس في الربع الأول من عام 2018.
شراكة استراتيجية تستهدف الشباب

اتفق المغرب وفرنسا على وضع الشباب في صلب شراكتهما الاستئنائية وذلك خلال اللقاء ال13 المغربي- الفرنسي من مستوى عال، وأشادت فرنسا في البيان الختامي الذي توج أشغال هذا اللقاء، بإحداث مجلس استشاري للشباب بمبادرة من الملك محمد السادس، معربة استعدادها لمواكبته. ورحب المغرب وفرنسا بهذه المناسبة، بالتوقيع على اتفاق إطار يحدد الأولويات الرئيسية للتعاون الفرنسي المغربي في مجال التعليم خلال السنوات القادمة، وبالتوقيع سنة 2017 على اتفاقيتين تتعلقان بقرض بقيمة 80 مليون أورو من الوكالة الفرنسية للتنمية ومساهمة مالية بقيمة 500 ألف أورو تخصص لدعم تنفيذ الرؤية الاسترتيجية المغربية لإصلاح التعليم 2015-2030.

حسن انفلوس

Related posts

Top