“مولات الخير” أول مقاولة مجتمعية بالمغرب غير ربحية وتستهدف الفئات الفقيرة

قال البروفيسور محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام سنة 2006، إن قطاع الفلاحة هو أفضل قطاع لإنشاء المقاولات المجتمعية، وأشار خلال لقاء صحفي عقد بالدار البيضاء بمناسبة النسخة الثالثة للقاءات “المسؤولية والأداء”، إن إنشاء المقاولات المجتمعية في القطاع الفلاحي يحد من نشاط الوسطاء الذين يتسببون في ارتفاع أسعار المنتوجات ويحرمون الفلاحين المنتجين من أموال ومداخيل مهمة.
ودعا البروفيسور محمد يونس، الذي أطلق نظام القروض الصغرى دون فوائد ببنغلاديش قبل 41 سنة، والذي عرف نجاحا كبيرا حصل على إثره على جائزة نوبل للسلام 2006 تتويجا لمجهوداته في تعزيز الاندماج المالي وتحسين مستوى عيش الفئات الفقيرة، إلى تقسيم عادل للثروة على المستوى العالمي، حيث أوضح أن 8 في المائة من الأشخاص في العالم يمتلكون أكثر مما يمتلكه 50 في المائة من ساكنة العالم. كما دعا إلى التفكير في الطرق الملائمة لتحقيق توزيع عادل للثروة، مؤكدا أن المقاولة المجتمعية لها دور مهم في هذا الاتجاه. وشارك البروفيسور محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام سنة 2006، في النسخة الثالثة للقاءات “المسؤولية والأداء”، حيث ركزت هذه النسخة على أهمية العمل الاجتماعي ودوره كمحرك للتنمية المستدامة بالمغرب وإفريقيا.
وحضر هذا اللقاء فاعلون اقتصاديون آخرون، وهم شركاء مشروع المقاولة الاجتماعية التي تم إعلان إطلاقها بالمناسبة، ويتعلق الأمر بمشروع “مولات الخير” وهو مشروع يهم إنتاج وتسويق البطاطس، تم إطلاقه بمدينة برشيد حيث يسعى إلى تحسن شروط عيش فئات فقيرة، ويستهدف في مرحلة أولى 15 عائلة، ويرتقب أن يتوسع المشروع إلى مناطق أخرى. وتم إطلاق هذا المشروع في إطار شراكة بين البروفيسور يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام، والمقاولة الكندية ماك كين وهي مقاولة عائلية متخصصة في مجال البطاطس، وثلاث مقاولات مغربية هي “أكروبرو” و”لابيل في” و”يوزي فود”.
وقال جون بيرنو مسؤول مقاولة “ماكين” الكندية، إن المبادرة الطموحة “مولات الخير” تؤسس لنموذج تنموي غير مسبوق بالمغرب، وأكد أنه لامس تعاونا ناذرا لدى الشركاء المغاربة الذين انخرطوا بشكل كامل في إنجاح هذه المبادرة، وقال إن هذا الانخراط التام يشكل علامة فارقة ومن شأنه أن يدعم نجاح المشروع مقارنة مع مشاريع مماثلة في بلدان أخرى.
أما حنان عمراوي ممثلة سلسلة “لابيل في” التي ستسوق منتوج البطاطس الذي سيتم إنتاجه من المشروع، فأبرزت أن المبادرة تهدف إلى استفادة المنتجين المباشرين من القيمة المضافة لإنتاجهم، وأشارت إلى أنها اكتشفت أن هناك وسطاء كثيرين في القطاع الفلاحي خاصة فيما يتعلق بالخضر والفواكه. وأوضحت أن تعدد الوسطاء يؤدي إلى فقدان المنتوج لجودته بالنظر إلى الظروف التي يمر منها. وعلى أساس ذلك، أكدت عمراوي أن “لابيل في” قررت أن تتعامل مع الفلاحين المنتجين بشكل مباشر واستبعاد الوسطاء. وقالت إن سنة 2015 كانت السنة التي شرعت فيها “لابيل في” في هذا النظام، حيث بدأت جميع نقاط بيعها تتزود بالمنتوج من لدن الفلاحين المنتجين بشكل مباشر.
وحسب ما كشف عنه المشاركون في هذا اللقاء، سيتم في مرحلة أولى، تسويق جزء من الإنتاج الذي يرتقب أن يبلغ حوالي 900 طن سنويا، لـ 10 محلات تابعة لسلسلة “لابيل في”، في حين سيتم تحويل جزء آخر في وحدات للإنتاج تشغل فقط النساء المعوزات بالقرى من أجل تقوية كفاءتهن واستقلالهن، حيث سيتم بيع منتوج هذه الوحدة لمحلات (يوزي فود). فيما سيتم توجيه أرباح بيع البطاطس والمنتوجات المحولة إلى عملية تمويل برامج ذات طابع تربوي خاصة بالأطفال والفتيات الصغيرات والشباب غير المتمدرس، فيما سيكتفي الشركاء بتغطية تكاليف المترتبة عن الاستغلال فقط.
هذا وتشكل مشاركة البروفيسور محمد يونس للنسخة الثالثة للقاءات “المسؤولية والأداء”، دفعة قوية للمبادرة التي تم إطلاقها، بالنظر إلى إنجازات الرجل الذي أطلق نظام القروض الصغرى بدون فوائد وبلا ضمانات. وقال البروفسور، إن نظام القروض بدون ضمانات الذي أسس له في بنغلاديش كان مبنيا على الثقة، ولما حقق النجاح استغرب الناس لهذا النجاح. وسيتقاسم البروفيسور محمد يونس تجاربه وخبرته المعترف بها دوليا، من خلال تقديم نماذج ناجحة من الأعمال التجارية الاجتماعية (المقاولة الاجتماعية) بالدول النامية، والتي من الممكن أن تلهم الفاعلين في مجال الإقلاع الاجتماعي والاقتصادي بالمغرب ودول القارة الإفريقية. وبالإضافة إلى كفاحه من أجل الإدماج المالي والذي حاز بفضله على جائزة نوبل للسلام، يعرف البروفيسور يونس بتبنيه لنموذج مقاولاتي مستدام وخالق لقيمة اجتماعية مضافة في إطار ما يصطلح عليه بـ “الأعمال التجارية الاجتماعية”.
وتجدر الإشارة إلى أن البروفيسور محمد يونس، هو أستاذ الاقتصاد سابقا في جامعة شيتاجونج، إحدى الجامعات الكبرى في بنغلاديش، ومؤسس بنك غرامين. وولد محمد يونس عام 1940 في مدينة شيتاجونج، التي كانت تعتبر في ذلك الوقت مركزا تجاريا لمنطقة البنغال الشرقي في شمال شرق الهند، وكان والده يعمل صائغا في المدينة، وهو ما جعله يعيش في سعة من أمره فدفع أبناءه دفعا إلى بلوغ أعلى المستويات التعليمية، غير أن الأثر الأكبر في حياة يونس كان لأمه “صفية خاتون” التي ما كانت ترد سائلا فقيرا يقف ببابهم، والتي تعلم منها أن الإنسان لا بد أن تكون له رسالة في الحياة.

حسن أنفلوس

Related posts

Top