105 دولة ألغت وأوقفت تنفيذ عقوبة الإعدام والدول المطبقة للعقوبة تشكل أقلية معزولة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم، بمناسبة الذكرى 15 “لليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام”، إن عزلة متزايدة تلف الدول التي تطبق عقوبة الإعدام وتستخدمها، وينبغي على هذه الدول اتخاذ الخطوات اللازمة للحاق بركب الاتجاه العالمي نحو إلغاء العقوبة.
ويصادف عام 2017 انقضاء 40 عاما على تبني منظمة العفو الدولية “إعلان ستوكهولم” الذي غدا معلماً تاريخياً، وكان أول إعلان دولي يصدر بشأن إلغاء عقوبة الإعدام. حيث دعا الإعلان، الصادر في 1977، جميع الحكومات إلى الإلغاء التام للعقوبة:
“عندما تستعمل الدولة سلطتها لإنهاء حياة كائن بشري، فمن المرجح ألا يكون أي حق آخر آمناً من أن ينتهك. إن الدولة لا تستطيع أن تمنح الحياة، وينبغي عليها، بالتالي، ألا تفترض بأن من حقها انتزاعها”.
وفي وقت صدور الإعلان، كانت 16 دولة فقط- ثمان منها في الأمريكيتين وثمان في أوروبا- قد ألغت عقوبة الإعدام تماماً في القانون، كما في الواقع الفعلي. أما اليوم، فقد وصل هذا العدد إلى 105دول. إضافة إلى أن 36 دولة أخرى قد ألغت عقوبة الإعدام بالنسبة لجرائم عادية من قبيل القتل العمد، أو عدم تنفيذ العقوبة في الواقع الفعلي، رغم استمرار النص عليها في القوانين.
وفي 2016، لم تنفذ أحكاماً بالإعدام سوى 23 دولة، حيث تكفلت مجموعة صغيرة من الدول- وهي الصين وإيران والمملكة العربية السعودية والعراق وباكستان- بالأغلبية العظمى منها. إن منظمة العفو الدولية تطالب جميع الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام بإلغاء هذه العقوبة، وتطالبها، إلى حين الإلغاء التام للعقوبة، بالإعلان فوراً عن فرض حظر رسمي على تنفيذ جميع أحكام الإعدام.

اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام

يركِّز “اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام” جهوده هذه السنة على الصلة ما بين عقوبة الإعدام والفقر. حيث تظهر الأبحاث أن الأشخاص من ذوي الخلفيات الاجتماعية-الاقتصادية المحرومة هم المتضررون، على نحو غير متناسب، في احتكاكهم بنظام العدالة الجنائية أكثر من غيرهم، ويحملون في معظم الأحيان وزر تطبيق عقوبة الإعدام.
فالأشخاص ذوو الخلفيات الاجتماعية-الاقتصادية الأقل حظاً يمكن أن يواجهوا صعوبات في توفير النفقات اللازمة لمحامين قادرين على أن يدافعوا عنهم بفعالية ضد ما يواجهون من تهم جنائية. كما تتأثر قدرة الأشخاص على التعامل بصورة ناجعة مع نظام العدالة الجنائية بمستواهم التعليمي، وبما إذا كانوا يتمتعون بشبكات حماية اجتماعية ذات نفوذ كاف يمكن الركون إليه.
وتشير تحليلات أجرتها منظمة العفو الدولية في الآونة الأخيرة، لبيانات إحصائية تتعلق باستخدام عقوبة الإعدام في الصين إلى نمط مثير للقلق من احتمال أن تفرض عقوبة الإعدام على نحو غير متناسب على الفقراء، والأشخاص الذين لا يتمتعون بمستويات معقولة من التعليم، وأبناء الأقليات العرقية أو الإثنية أو الدينية، أكثر من غيرهم. ومن غير الممكن معرفة مدى تأثير هذه الظاهرة بصورة قاطعة إلا عند الكشف التام عن جميع حالات الإعدام القضائية من جانب السلطات الصينية.
وفي المملكة العربية السعودية، ناهزت نسبة مواطني الدول الأجنبية من بين إجمالي من أعدموا، ما بين يناير 1985 ويونيو 2015، وتمكنت منظمة العفو الدولية من توثيق إعدامهم، نحو 48.5%، وكان أغلب هؤلاء من العمال الأجانب الذين لا يعرفون اللغة العربية- وهي اللغة التي كانت تستخدم في استجوابهم أثناء احتجازهم، وفي جميع إجراءات محاكماتهم. وكثيراً ما حرم هؤلاء من الاستفادة من الترجمة الفورية الكافية. ناهيك عن عدم تبليغ سفارات وقنصليات بلدانهم في الوقت المناسب بالقبض عليهمأو حتى بموعد تنفيذ حكم الإعدام فيهم. وفي بعض الحالات، لم تبلغ عائلاتهم بإعدامهم قبل تنفيذ الحكم، كما وصل الأمر إلى حد عدم تسليمها جثامينهم لدفنها.

دعوة إلى التحرك

تطلق منظمة العفو الدولية، في “اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام” مناشدة من أجل هو يوو واه، الذي يواجه تنفيذ حكم الإعدام فيه في ماليزيا. إذ أدين بتهمة الاتجار بالمخدرات وحكم عليه بالإعدام، عقب القبض عليه في 2005. وتطالب منظمة العفو الدولية السلطات الماليزية بمنح هو يوو واه عفواً والإبقاء على حياته، بتخفيف حكم الإعدام الصادر بحقه.
حيث نشأ هو يوو واه في ظروف من الحرمان الاقتصادي-الاجتماعي، وترك المدرسة ليعمل طاهياً في مطعم على الرصيف وهو في سن 11 سنة. وكان عمره 20 سنة في وقت ارتكاب الجريمة، وكانت أول جريمة يرتكبها، ولم تتسم بالعنف. وقد التمس الصفح من سلطان ولاية جوهور، الذي يملك سلطة منحه العفو. “إذا ما مُنِحت الفرصة، لدي الرغبة في إثبات أنني قد تغيرت. أريد أن أبحث عن عمل مناسب وأن أقضي حياتي في العناية بوالدتي”.
إن الاتجار بالمخدرات لا يفي بشروط “أشد الجرائم خطورة” الواجب التقيد بها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان في فرض العقوبة. وفضلاً عن ذلك، فإن حكم الإعدام الذي فرض على هو يوو واه كان إلزامياً، وهذا أمر يحظره قانون حقوق الإنسان.
وأدين هو يوو واه استناداً إلى إفادة أدلى بها في وقت القبض عليه بلغة شمال الصين (المندرينية)- وترجمتها الشرطة لاحقاً إلى الماليزية- دون وجود محام. ويقول كذلك إنه احتجز، في اليوم التالي للقبض عليه، في المقر الرئيسي لشرطة المقاطعة في جوهوري، حيث كسرت الشرطة أصبعه وهددت بضرب صديقته لإكراهه على توقيع الإفادة. ولم يُعر القضاة الذين نظروا قضيته بواعث قلقه هذه أي اهتمام.
إن منظمة العفو الدولية تدعو مناصريها في الوقت الراهن إلى المبادرة بالتحرك بشأن حالات أخرى لعقوبة الإعدام، بما فيها:
> آخر 14 محكوما عليهم بالإعدام مازالوا يقبعون في زنازين تنفيذ الحكم بالإعدام في بنين، وهي دولة ألغت عقوبة الإعدام؛
> عمار البلوشي، الذي يواجه المحاكمة وعقوبة الإعدام أمام اللجان العسكرية للولايات المتحدة في غوانتنامو، عقب تعرضه للتعذيب أثناء احتجازه.

خلفية بشأن نضال منظمة العفو الدولية طيلة 40 سنة ضد عقوبة الإعدام

أسهمت منظمة العفو الدولية، منذ 1977، بالجهد العالمي من أجل أن تصبح عقوبة الإعدام نسياً منسياً وحبيسة سجلات التاريخ، عبر طيف واسع من الطرق، بما في ذلك:
> رصد ما يصدر من أحكام بالإعدام وما ينفذ منها في شتى أنحاء العالم، ونشر بيانات إحصائية سنوية بشأنها؛
> تقديم الدعم للأفراد المحكوم عليهم بالإعدام، وتنظيم الحملات من أجلهم، وفي بعض الحالات، المساعدة على تجنيبهم تنفيذ الحكم فيهم، رغم أنه من المحزن أننا لم ننجح في إنقاذهم جميعاً؛
> الحث على إلغاء عقوبة الإعدام على الصعيد الوطني، وعلى سبيل المثال في منغوليا مؤخراً؛
> المساعدة على تطوير الإطار الدولي للقوانين والمعايير المقيِّدةلاستخدام عقوبة الإعدام وتعزيز هدفها في إلغاء العقوبة؛
> القيام بدور مهم في دعم تبني الأمم المتحدة قرارات بحظر تنفيذ أحكام الإعدام مرة كل سنتين، حيث دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 2007، وللمرة الأولى في تاريخها، إلى وقف تنفيذ جميع أحكام الإعدام تمهيداً للإلغاء التام للعقوبة؛
> الإسهام في تعزيز الحركة العالمية لإلغاء عقوبة الإعدام، بما في ذلك بالعمل عن قرب مع “الائتلاف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام”.
إن منظمة العفو الدولية تناهض عقوبة الإعدام في جميع الأحوال دون استثناء، وبغض النظر عن طبيعة أو ظروف الجريمة؛ أو ذنب الفرد أو براءته أو أي صفة أخرى من صفاته؛ أو الطريقة التي تستخدمها الدولة في تنفيذ الحكم. فعقوبة الإعدام انتهاك للحق في الحياة، وفق ما كرّسه “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”. وهي العقوبة القصوى من حيث قسوتها ولاإنسانيتها وحطها بالكرامة الإنسانية.

Related posts

Top