اختتام فعاليات الدورة السادسة للمهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية بتاونات بنجاح كبير

اختتمت ليلة أول أمس الاثنين – الثلاثاء فعاليات الدورة السادسة للمهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية بتاونات وذلك بسهرة فنية متميزة أحيتها فرقتان من تاونات والعرائش بالإضافة إلى الفنان الشعبي عبد العزيز أحوزار.
السهرة الختامية، التي قدمت فقراتها الفنانة نعيمة إلياس، تميزت بعرض متنوع بين ما هو جبلي وما هو أمازيغي. حيث قدمت في البداية فرقة طيور الجبال للتراث والموسيقى برئاسة محمد اجبيلو من العرائش كشكولا من الأغاني الشعبية الجبلية مع أهازيج من الطقطوقة الجبلية.
العرض الثاني كان مع الفرقة المحلية لتاونات التي يرأسها ابن الإقليم بوشتى العبادي والتي أتحفت بأدائها المتميز الجماهير الغفيرة التي قدمت من مختلف جماعات الإقليم لمشاهدة سهرات المهرجان.
أما العرض الثالث والأخير فكان مع الفنان الأمازيغي عبد العزيز أحوزار الذي ألهب المنصة بأزيد من ست أغاني بين الأمازيغية والعربية، حيث تمكنت فرقة أحوزار طيلة ساعة ونصف من العرض من خلق حماس في نفوس الجمهور الذي سهر إلى غاية ساعات متأخرة من الليل لمشاهدة العروض المقدمة.
هذا وعقب اختتام المهرجان الذي نظمته وزارة الثقافة والاتصال بشراكة مع عمالة إقليم تاونات، والمجلس الإقليمي، وجهة فاس – مكناس، وجماعة تاونات، أشاد المنظمون بالأجواء التي مر فيها المهرجان والتي تميزت بالإقبال الكثيف والمنظم للجمهور. مؤكدين حرص وزارة الثقافة والاتصال على دعم هذا المهرجان ومده بنفس الاستمرارية.
وأبرز المنظمون في كلمة ختامية ألقاها عبد العالي السيباري المدير الإقليمي لوزارة الثقافة والاتصال بتازة – تاونات أن المهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية الذي اختتمت دورته السادسة بتاونات، أصبح رقما ثقافيا راسخا في خريطة مهرجانات الوزارة، مما يجعل التوجه خلال الدورات القادمة يسير نحو إضفاء البعد الدولي على المهرجان.
وأوضح السيباري أنه سيتم بذل كل المجهودات من أجل إنجاح وتطوير هذا المهرجان، مشيرا إلى أن ذلك يأتي إيمانا من وزارة الثقافة بالدور الثقافي والحضاري للفنون الشعبية في الكشف عن ملمح الهوية المغربية الغني بروافده وإبداعاته، واقتناعا منها بالدور اللافت للمهرجانات في الرفع من وتيرة التواصل الثقافي والتنمية الاقتصادية والسياحية المحلية.
من جانبه أشاد جمهور المهرجان بالتنظيم الذي طبع الدورة السادسة من المهرجان منوهين بالاختيارات التي تمت على مستوى الفرق وكذا على مستوى التوقيت والتي جعلت الدورة السادسة تتكلل بالنجاح، حسب بعض المواطنين الذين حضروا السهرة الختامية..
للإشارة فقد افتتحت الدورة السادسة من المهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية يوم السبت الماضي واستمرت إلى غاية ليلة الاثنين – الثلاثاء، إذ تم على مدى ثلاثة أيام تقديم لوحات فنية من موسيقى العيطة الجبلية من أداء فرق وفاء العسري (تطوان)، وعبد اللطيف الخمسي (شفشاون)، محمد الكوشي (تاونات)، فرقة الحضرة الشفشاونية خيرة افزاز (شفشاون)، وفرقة المختار الجنحي (تاونات)، فرقة حجي السريفي (طنجة)، وفرقـة طيور الجبال للتراث الموسيقي محمد اجبيلو (العرائش)، فضلا عن الفنان الشعبي عبد العزيز أحوزار (أزرو).
كما تجدر الإشارة إلى أنه تم بالموازاة مع العروض الفنية، تقديم الفرق الفائزة في المسابقة الوطنية للإبداع في العيطة الجبلية، وهي جائزة بمثابة آلية تهدف إلى تحفيز الفنانين والفرق والمجموعات الموسيقية والغنائية والصوتية العاملة في مجال الأغنية الجبلية على الخلق والإبداع. كما تم، كذلك، تنظيم مائدة مستديرة حول موضوع “العيطة الجبلية في التراث الجبلي المغربي والعالمي”، حيث قدم مجموعة من الباحثين قراءات وعروضا تاريخية للتعريف بفن العيطة الجبلية، كما قدموا مجموعة من التوصيات لوزارة الثقافة والاتصال من أجل أن تعمل على إدراجها في النسخ المقبلة من المهرجان وكذا من أجل صون هذا التراث الشعبي وتسجيله ضمن التراث الوطني في أفق تصنيفه بلوائح اليونيسكو كتراث إنساني عالمي.
هذا وكان المهرجان قد استضاف مجموعة من المبدعين والنجوم كضيوف شرف بهدف تحقيق اللقاء والتواصل مع الجمهور، من بينهم محمد الدرهم ومحمد الجم، نعيمة إلياس حيث نظم القائمون على المهرجان زيارة للفنانين لمنتجع بوعادل وذلك في إطار التعريف بإقليم تاونات ومؤهلاته الطبيعية والسياحية.

نساء العيطة تلهبن الخشبة
وتبهرن جمهور المهرجان

في جو فني احتفالي، أبدعت ليلة أول أمس الأحد ثلاث فرق للعيطة الجبلية فوق منصة المهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية بتاونات. حيث جمعت بين سحر النغمات الجبلية واللباس التقليدي الجبلي الأصيل.
وبين سحر النغمات والكلمات رقص جمهور المهرجان الذي حج بكثافة إلى ساحة الحسن الأول أمام عمالة الإقليم، حيث تفاعل الجمهور مع أغاني الفرق الثلاثة التي أتحفت الحاضرين لما يزيد عن ثلاث ساعات.
أولى العروض من السهرة الثانية، التي نشطتها الفنانة نعيمة إلياس، كانت بلون نسائي مع فرقة الحضرة الشفشاونية برئاسة خيرة إفزاز التي صدحت بنغمات جبال شفشاون وخلقت حماسا في نفوس الجماهير من خلال مقاطع من العيطة الجبلية الصوفية التي تتقنها نساء الجبال.
بعد ذلك انطلق العرض الثاني مع الثنائي الباتول السريفي وحاجي السريفي وفرقتهما من طنجة، حيث علت زغاريد النساء وهبت ريح جبال طنجة على تاونات بموسيقى جبلية تظهر عمق العلاقات الجغرافية والتاريخية التي تجمع بين هذين الإقليمين الجبليين.
أما خاتمة السهرة الثانية من المهرجان الذي شهد فقراته مسؤولون وفنانون ومنتخبون بالإضافة إلى ساكنة الإقليم، كانت مع الفرقة المحلية التي يرأسها المختار الجنحي والذي انصهرت أغانيه في نفوس شباب الإقليم الذي رقص على أنغام آلة الكمان التي يجيد ملاعبتها رئيس الفرقة الفنان المختار الجنحي.
إلى ذلك عبر عدد من متتبعي المهرجان وعدد من الفنانين من الفرق المشاركة عن اعتزازهم بالأجواء التي تمر فيها سهرات المهرجان والفقرات التي تحظى بمتابعة كبيرة من قبل الجمهور كما أشادوا بالاختيارات التي تمت على مستوى الدورة السادسة.

***

فنانون يتحدثون لبيان اليوم عن العيطة الجبلية

عبد اللطيف الخمسي

في هذا السياق قال الفنان عبد اللطيف الخمسي، الذي تم تكريمه في السهرة الافتتاحية من المهرجان ليلة السبت، «أنا سعيد جدا بهذا التتويج وهي مبادرة حسنة وتشجيع للفنانين المهتمين بالعيطة الجبلية».
وأضاف الفنان الخمسي في حديثه لبيان اليوم: «حقيقة هذا المهرجان يساهم كثيرا في النهوض بفن العيطة الجبلية ويعطي الاهتمام بالفنانين الممارسين في هذا النوع من الفنون الشعبية».
الخمسي وفي حديثه عن هذا التراث الجبلي أفاد بأن العيطة الجبلية بخير ما دامت هناك مهرجانات وطنية تهتم بها. متابعا «وهذا يسعدنا كفنانين خصوصا وأننا نلمس أن هناك اهتماما سواء من قبل الفاعلين والجهات الوصية أو من قبل المواطنين الذين حجوا بكثافة لحضور فقرات هذا المهرجان».
وأوضح المتحدث أن تنظيم المهرجان أمر متميز مشيرا إلى ضرورة تطويره بشكل أكبر من أجل أن تحظى العيطة الجبلية بمكانة أكبر ومن أجل أن يكون لها إشعاع على الصعيدين الوطني والدولي.
كما دعا الفنان الشعبي، الذي يرأس فرقة موسيقية من شفشاون، الشباب إلى الانخراط في صون هذا التراث الجبلي من أجل ضمان استمراره مبديا استعداده واستعداد الفنانين على دعم الشباب لتعلم هذا الفن. حيث قال «أتمنى أن تكون للشباب رغبة في حمل مشعل هذا الفن والاهتمام به، ونحن كفنانين نمد يدنا للشباب وندعمهم بكل ما أوتينا من أجل أن يساهموا في ضمان استمرار هذا التراث». وتابع الخمسي «الأكيد أن هناك حاجة اليوم لتصنيف هذا التراث ضمن التراث العالمي والحفاظ على فن العيطة الجبلية وصون هذه النغمة المتميزة على الصعيد العالمي خصوصا وأن هذا الفن يتميز بمجموعة من القواعد الأساسية على خلاف مجموعة من الفنون الأخرى، إذ أن توريثه من جيل لجيل يحتاج للتلقين على يد الممارسين والفنانين الذين بدورهم تناقلوا هذه القواعد عن شيوخ سابقين في العيطة». مبرزا أن هناك مجموعة من الكتاب والملحنين الذين بإمكانهم الاشتغال في هذا الإطار كالكاتب والمؤلف عبد المالك الأندلسي بطنجة وآخرين لهم الفضل في استمرار هذا الموروث الجبلي الأصيل.
خيرة افزاز

من جهتها أيضا أكدت الفنانة خيرة افزاز أن العيطة الجبلية غنية بأشكال إيقاعية مختلفة. مشيرة إلى أن تأسيسها لفرقة الحضرة الشفشاونية جاءت من أجل صيانة الموروث الحضراوي الجبلي الذي يعد جزءا من الموروث الموسيقي الجبلي.
وأوضحت المتحدثة أنها أسست جمعية تعنى بدراسة الفنون التراثية الجبلية وخاصة منها التي تؤديها النساء ومنها الحضرة التي تعد فنا نسائيا بامتياز، مبرزة أن هذا النوع ظل حكرا على النساء في الأداء وحتى في الاستماع، إلى حين تفكيرها في تأسيس فرقتها لتجعل الجميع رجالا ونساء يستمتعون بهذا الموروث الثقافي.

المختار الجنحي

من جانبه أشاد الفنان المختار الجنحي وفرقته من تاونات بالدورة السادسة للمهرجان، مشيرا إلى أن المهرجانات تلعب دورا كبيرا في النهوض بالفنون الجبلية وحمايتها. كما أكد ذات المتحدث أن العيطة الجبلية لا زالت مستمرة ولا زال مشعلها يتواصل من جيل إلى جيل بفضل الاهتمام الذي أصبح يوليه العديد من الباحثين والفنانين بالإضافة إلى الشباب.
ودعا الفنان الجنحي القائمين على الشأن الثقافي بالإقليم إلى مواصلة تنظيم هذا المهرجان وتطويره من أجل أن تستمر العيطة الجبلية في استعادة توهجها على الصعيد الوطني والدولي.

Related posts

Top